ارشيف من :ترجمات ودراسات
كيف تعامل العدو مع خطاب سماحة السيد... ولماذا؟
كتب المحرر العبري
قد لا نكون بحاجة إلى المزيد من الشرح حول مدى تأثير خطابات سماحة أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله على الجمهور الإسرائيلي وصانع القرار السياسي والأمني في الدولة العبرية. وهو أمر تكفل بتبيانه العدو نفسه في محطات عديدة سابقة. ومن ابرز تجليات هذا التأثير كان حرب العام 2006، حيث عززت مصداقية السيد في المفاجآت التي وعد بها العدو، ثقة جمهور الكيان الإسرائيلي بالمواقف التي يعلنها.
أمام هذه الحقيقة لوحظ تجاهل قادة العدو الرسميين إعلان امين عام حزب الله المباشر والعلني عن معادلة تل أبيب في مقابل الضاحية وبيروت. ولم يطلقوا أو يوجهوا أي تهديدات مقابلة بل التزموا الصمت رغم أنهم قبل أيام معدودة على خطاب السيد كانوا يتبارون في توجيه الرسائل التهديدية. كما لوحظ أن وسائل الإعلام الإسرائيلية المرئية والمكتوبة تعاملت بكثير من "الانضباط" مع خطاب سماحة السيد والمواقف التي تضمنته.
وعليه كيف نفهم هذا التعامل مع خطاب السيد نصر الله ومعادلة تل ابيب الضاحية، وما هي الابعاد التي ينطوي عليها؟
رغم أن إعلان السيد عن معادلة تل أبيب مقابل الضاحية وبيروت، أتى في أعقاب سلسلة تهديدات من أعلى منصب في كيان العدو، ممثلا برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع ايهود باراك، يبدو أن قرارا من قيادة الكيان الإسرائيلي صدر بضرورة التزام الصمت إزاء خطاب السيد ومواقفه. في حين كان يفترض أن يلقى خطابه ومواقفه التي أعلنها، ردود فعل إسرائيلية مباشرة، على الأقل التزاما بما بدأوه وتوالوا عليه تباعا وامتدادا للتهديدات التي أطلقها قادتهم.
في المقابل يمكن فهم الارتداع الإسرائيلي عن الرد على سماحة السيد، في نفس السياق الذي دفع نتنياهو للإعلان بشكل مباشرة وامام شاشات التلفزة، بعد مرور 24 ساعة فقط من تهديده للبنان واستهداف مؤسساته المدنية، على أن لا رياح حرب تهب من الشمال وان ما جرى ليس سوى عاصفة اعلامية وكلامية. وتفسير هذا التراجع السريع لرئيس وزراء العدو ان اطلاق التهديدات باتجاه لبنان احدثت ارباكا واجواء رعب داخل الجمهور الإسرائيلي، بدلا من ان تحقق هذه النتائج في الطرف اللبناني. وهو ما دفع قيادة العدو للتراجع ومحاولة وسائل اعلامه التابعة للجيش بالتأكيد على ان ما يجري لا يغدو كونه حرب نفسية. وابرز نموذج على ذلك ان اذاعة الجيش قدمت للإشارة إلى بعض تصريحات القادة الاسرائيليين بجملة "في اطار الحرب النفسية التي تشنها إسرائيل على حزب الله....).
في هذا الاطار كان من الطبيعي ان يتم القفز فوق سماحة السيد لأن الرد عليه سوف يؤجج المخاوف لدى الجمهور الإسرائيلي وهو ما حصل عندما كان قادة العدو يهددون فكيف سيكون عندها الوضع لو تبادل حزب الله واسرائيل التهديدات؟.
اما بخصوص موقف وسائل اعلام العدو لا بد من الاشارة إلى النقاط التالية:
منذ ما بعد حرب العام 2006، وكجزء من العبر التي تم استخلاصها حرصت وسائل إعلام العدو على اعتماد سياسة تهدف إلى تقويض المصداقية التي يتمتع بها امين عام حزب الله بنظر الجمهور الإسرائيلي، لما كان لها من اثار سلبية على الوضع الداخلي في إسرائيل. وفي محاولة للتخفيف او الحؤول دون هذه الاثار اصبحت تغطية وسائل الاعلام الإسرائيلية مدروسة ومنتقاة بدقة.
وبخصوص خطاب سماحة السيد الأخير، كان من المفهوم التزام الإعلام الإسرائيلي جانب اللاموضوعية والتجاهل النسبي للخطاب انسجاما مع الخط الرسمي، وللأهداف نفسها. وفي هذا الإطار لوحظ بعض التحليلات العابرة... ولكن لم يتم، كما هو منهج وسائل الإعلام المرئية في حالات اقل أهمية، على الأقل عبر مناقشة مضمون خطاب السيد ومدى واقعية وتأثير المعادلة التي أعلنها (تل أبيب مقابل الضاحية وبيروت). ولكن المحظور الذي وجد اعلام العدو نفسه امامه، هو ان قادة العدو انفسهم اقروا في مرات سابقة على امتلاك حزب الله القدرة الصاروخية على ضرب أي نقطة في إسرائيل. وبالتالي لن يجد المعلقون سوى التسليم بحقيقة المعادلة التي اعلن عنها السيد وتأثيراتها الاستراتيجية. واقتصرت بعض التحليلات العابرة على اعطاء ابعاد سياسية ظرفية متصلة بالساحة اللبنانية الداخلية، الا ان ذلك كله لن يحجب الاثار التي ستكون لهذه المعادلة على صانع القرار السياسي والامني في الكيان الإسرائيلي.