ارشيف من :أخبار لبنانية

عون يصعد باتجاه السعودية .. وماكرون يحاول احتواء الازمة

عون يصعد باتجاه السعودية .. وماكرون يحاول احتواء الازمة

 

 

 

سلطت الصحف اللبنانية الضوء على التطورات الاخيرة في ازمة احتجاز الرئيس سعد الحريري في السعودية وما عقبه من تصريحات وتحركات دبلوماسية ودولية يقوم بها الرئيس ميشال عون للحيلولة دون تعقيد الازمة اكثر.
كما اشارت الصحف الى لقاء رئيس الوزراء الفرنسي مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مشيرا الى بعض تفاصيل اللقاء واحتمالية ذهاب الحريري الى فرنسا لمنع الالتباس.

السعودية تخسر: عون وماكرون يحرّران الحريري

بعد ثلاثة عشر يوماً على احتجاز الرئيس سعد الحريري في الرياض، حقق الفرنسيون اختراقاً تمثل بإعلان انتقال الحريري إلى باريس برفقة عائلته في اليومين المقبلين. هذه «الخاتمة» جاءت بعد مفاوضات بدأها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان الثلاثاء الماضي، واستكملت الليلة الماضية مع وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان.
البيان المقتضب الذي صدر عن الإليزيه عصر أمس لم يتجاوز السطرين، مكتفياً بعرض مكالمة ماكرون الهاتفية مع ابن سلمان، وإتباعها بمكالمة ثانية مع الحريري، ودعوته وعائلته إلى باريس. ولم يشرح البيان الرئاسي طبيعة «الصفقة» أو الضمانات التي تحفظ ماء وجه السعوديين، والتي سمحت بتحقيق الاختراق ــــ التفاهم الذي سيسري حتى ما بعد إجراء الانتخابات النيابية في أيار المقبل، وسيتحكم بالمعادلة الحكومية في لبنان.

لكن الواضح أن هذه «الصفقة» تعيد الفرنسيين لاعباً إضافياً في المشهد السياسي اللبناني، إلى جانب الأميركيين والسعوديين والإيرانيين، وذلك بعد رجوعهم إلى موقع وسطي لبناني وإقليمي، وبفضل تموضعهم على مسافة أقرب من إيران بتمسكهم بالاتفاق النووي، ومراجعة سياستهم في سوريا والتخلي عن الحرب بالواسطة ضد دمشق. ويسمح ذلك لدبلوماسية ماكرون الجديدة بمقاربة هذا الدور بعد طول مغادرة الفرنسيين إياه، بسبب انحياز إدارات أسلافه، جاك شيراك (في نهاية ولايته) ونيكولا ساركوزي وفرانسوا هولاند، إلى السعودية وفريق 14 آذار ضد المقاومة.
المفاوضات التي أفضت إلى السماح للحريري باصطحاب أفراد أسرته من الرياض إلى باريس، كانت قد بدأت بعد وصول وزير الخارجية جبران باسيل إلى الإليزيه، وتسليمه الرئيس الفرنسي رسالة خطية من الرئيس ميشال عون، حملت طلباً لبنانياً بتسهيل استرداد رئيس الوزراء المحتجز ليتمكن من العودة إلى بيروت، وتقديم استقالته وفق الأصول الدستورية إذا شاء ذلك. وقد وعد ماكرون بالقيام بخطوات عملية بدأها، فور مغادرة الوفد اللبناني، باتصال هاتفي طويل مع ابن سلمان، ناقلاً مضمون الرسالة اللبنانية، بحسب مصادر فرنسية، وركز فيها بشكل خاص على استرداد الحريري وأفراد أسرته، بعدما تبين أن الرياض قد تحتفظ بعائلة الحريري لابتزازه سياسياً وضمان تنفيذه شروطها. علماً أن الرئيس عون كان قد ألحّ أيضاً على اعتبار الأسرة كلها محتجزة، ما يجعل عودة الحريري من دونها إنجازاً غير مكتمل. وبحسب المصادر، استمهل ابن سلمان الرئيس الفرنسي ساعات للنظر في الأمر. وعاود ماكرون الاتصال بعد ظهر أمس بولي العهد السعودي الذي قدم موافقة على إنهاء احتجاز الحريري، شرط توجهه إلى باريس، وليس إلى بيروت، وبقائه في العاصمة الفرنسية بضعة أيام. وكان الاقتراح الفرنسي بتوجه الحريري إلى باريس قد طرح قبل أسبوع خلال مفاوضات سابقة بين الأجهزة الأمنية الفرنسية والسعودية، ولم تنجح رغم أن الفرنسيين اقترحوا تأمين خروج العائلة أولاً، قبل التوصل إلى حل لإخراج الحريري نفسه بحسب مصادر فرنسية مطلعة.
الرئيس الفرنسي الموجود في العاصمة الألمانية للمشاركة في قمة المناخ، حرص على التأكيد أن باريس لن تكون منفىً سياسياً للرئيس الحريري، وهي إحدى الضمانات التي قدمت إلى الجانب اللبناني، مشيراً إلى أن بقاءه في باريس لن يتجاوز بضعة أيام، وستكون وجهته التالية لبنان «حيث نحتاج لزعماء لديهم الحرية في خياراتهم ويمكنهم التحدث بحرية».
مصدر فرنسي لـ «الأخبار» في الرياض أبلغ «الأخبار» أن الضمانات التي طالب بها السعوديون وتفاصيل إنهاء الاحتجاز كانت لا تزال قيد التفاوض في اللقاء الذي جمع ابن سلمان ولودريان ليل أمس.
وفي بيروت أوضح مصدر حكومي لـ«الأخبار» أن ماكرون دعا الحريري إلى غداء في الإليزيه فور وصوله إلى باريس، جازماً بأنّ ذلك سيحصل قبل الأحد المقبل.


"النهار": مخرج فرنسي يسابق التصعيد العوني للمواجهة
صحيفة النهار كتبت تقول لعله يكفي للدلالة على بلوغ أزمة استقالة الرئيس سعد الحريري وتداعياتها مرحلة بالغة الخطورة ان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون اضطر بعد دقائق من اعلان دعوته الرئيس الحريري الى باريس مع عائلته الى التوضيح الفوري ان الزيارة ستكون لايام وليست للمنفى السياسي!

والواقع ان الاحتدام التصاعدي للأزمة عاد يخيم فجأة على مجمل الوضع الناشئ عن هذه الأزمة بفعل اندفاع مباغت للغاية لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون نحو تصعيد غير مسبوق بحدة للمواجهة المباشرة مع المملكة العربية السعودية بحيث يخشى ان يكون الموقف التصعيدي للرئيس عون قد أطاح احتمالات لاحت في الايام الاخيرة لاحتواء الازمة. ولم تقف المخاوف من موقفه عند حدود اطاحة التهدئة التي فرضتها المواقف التي اعلنها الرئيس الحريري في مقابلته التلفزيونية من الرياض ليل الاحد الماضي، بل تمددت في اتجاه أكثر اتساعاً وخطورة لجهة وضع العلاقات اللبنانية – السعودية امام مفترق شديد الخطورة في تداعياته الداخلية أولاً وتاليا العربية والاقليمية. ذلك ان التصعيد جاء أيضاً وعلى نحو متزامن من ايران على لسان الرئيس الايراني حسن روحاني وبعيد من اعلان مواقف رئيس الجمهورية اذ هاجم روحاني "التدخل السعودي السافر في بلد كلبنان ودفع رئيس حكومته الى الاستقالة"، واصفاً ذلك بأنه "أمر غير مسبوق في التاريخ"، كما قال انه "من المعيب والمخجل ان يترجى بلد مسلم الكيان الصهيوني لكي يقصف الشعب اللبناني ".

وتابعت الصحيفة هذا التصعيد المزدوج أعاد اثارة المخاوف من دفع أزمة استقالة الرئيس الحريري الى اطار أشد تعقيداً من شأنه ان يربط الأزمة بقوة بمجريات الصراع الايراني – الخليجي والعربي قبيل الاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب الاحد المقبل لدرس الموقف العربي من التدخلات الايرانية وفق طلب السعودية. وفي البعد اللبناني الصرف، فاجأ رئيس الجمهورية مختلف القوى السياسية بحملته العنيفة على السعودية بصرف النظر عن مواقف التأييد أو المعارضة لهذا الموقف. ذلك ان الامور كانت تنحو في اتجاه توقع رسم اطر احتوائية لاستقالة الرئيس الحريري الذي جزم مقربون منه أمس، وقبل اعلان الرئيس عون موقفه، انه سيعود الى بيروت قبل نهاية الاسبوع الجاري. لكن مطلعين عزوا التصعيد الحاد المفاجئ في موقف رئيس الجمهورية الى انه اولا لم يتلق أي رسالة أو رد كما لم يزره أي موفد سعودي يشرح له موقف المملكة من الازمة. ولم يستبعد المطلعون ان يكون الموقف الرئاسي استند الى جولة وزير الخارجية جبران باسيل الاوروبية وتقويم العهد ان الموقف الغربي عموماً ليس مؤيداً لاي تصعيد اقليمي في لبنان بما يشمل الموقف السعودي ايضا ولذا قرر عون تصعيد موقفه. وذهب عون في هذا السياق الى القول ان الرئيس الحريري " محتجز وموقوف وحريته محددة في مقر احتجازه"، معتبراً ذلك "عملاً عدائياً ضد لبنان وانتهاكاً للاعلان العالمي لحقوق الانسان".

وسارع الرئيس الحريري الى الرد ضمناً عبر "تويتر" بقوله: "بدي كرر وأكد أنا بألف الف خير وانا راجع ان شاء الله على لبنان الحبيب مثل ما وعدتكم، وحاتشوفوا". ورد الحريري استكمله عضو "كتلة المستقبل" النائب عقاب صقر الذي نقل عن الحريري طلبه أن يبلغ رئيس الجمهورية بالحرف "أنه يقدر عاليا غيرته عليه وقلقه، ويثمن العاطفة الكبيرة من عون ومن كل اللبنانيين تجاهه، ولكنه يؤكد انه ليس محتجزا وعائلته ليست محتجزة، وأن المملكة العربية السعودية لا تكن أي عدائية للبنان وليست بوارد القيام بأي حالة تشير الى العدائية للبنان"، و"هذا موقف الرئيس الحريري وانا مسؤول عن كلامي".


الجمهورية: المأزق يتفاقم... وأفق المخارج مسدود... وباريس تفعِّل وساطاتها
صحيفة الجمهورية كتبت حول نفس الموضوع وقالت انه لا معطيات أكيدة تخرق الغموض الشديد الذي يكتنف قضية استقالة الحريري وكل ما ستتبعها، وما يعزّزه التأكيد السعودي المتكرر بأنّ الرئيس المستقيل حرّ في حركته ولا قيود عليها، وكذلك إعلان الحريري نفسه انه عائد قريباً، وكذلك تعزّزه المواقف الغربية المتتالية التي تنادي بالسماح له بالعودة الى لبنان وتقديم استقالته وفق الأصول.

في هذا الجو، تسير عقارب ساعة عودة الحريري ببطء، الّا انّ هذا البطء وَسّع دائرة القلق الداخلي، وأرخى ترقباً حذًراً لِما سيؤول اليه وضع البلد، وسط خشية واضحة من تدحرج الامور الى الاسوأ، وكذلك من ان يدفع التصعيد السياسي بلبنان نحو ازمة كبرى، سواء في الداخل، او على صعيد علاقاته العربية وخصوصاً بعدما غادر الخطاب لغة الديبلوماسية وارتفع الى مستوى غير مسبوق.

وعلى رغم الحركة الخارجية المندرجة تحت عنوان عودة الحريري، الّا انها لم تطلق في اتجاه الداخل أي إشارات تحمل وَمَضات إيجابية تجاه هذه المسألة، ما خلا تعبير عن تضامن مع لبنان، يُستنتج منها انّ هذه الحركة لم تصل الى اي نتيجة ملموسة، لا بل توحي بأنّ الامور معقدة.

واذا كان لبنان ينظر بإيجابية الى الحركة الدولية لعلّها تتمكن من كسر حلقة التعقيدات وتسريع عودة الحريري التي من شأنها ان تخرج لبنان من الغموض، فالأجواء الداخلية تنحى في اتجاه التشاؤم.

وانتقل الطاقم السياسي والرسمي الى استعراض السيناريوهات المحتملة سواء على صعيد الاستقالة ومستقبل الوضع الحكومي، او ما يتصل بمستقبل العلاقات اللبنانية ـ العربية والخليجية تحديداً، والآثار التي يمكن ان تتأتّى على لبنان وسبل مواجهته لها او احتوائها.

ولعلّ الايام المقبلة تحمل ما يمكن ان يحدّد الوجهة التي سيسلكها لبنان، وإن كانت مراجع سياسية تتحدث عن «مرحلة قاتمة لا سقف زمنياً لها، في حال استمر المنحى التصاعدي للأحداث على خط السخونة التي هو عليها في هذا الوقت، وظلت أجواء التشنّج هي الآسرة للوضع العام».

وعلى ما يقول احد المراجع لـ«الجمهورية»: «الوضع حسّاس ودقيق جداً لا بل خطير، وهو ما يوجِب التحَلّي بالحكمة والمرونة وبتغليب لغة العقل على ايّ انفعال تجنّباً لبلوغ الامور الحد الذي يصعب احتواؤه ولا تحمد عقباه».

2017-11-16