ارشيف من :آراء وتحليلات
بعد فشل خيار التسوية.. الجيش السوري يحرر كفر حور ويطرد النصرة منها
محمد عيد
كادت القوة الناعمة للجيش السوري تؤتي أكلها غداة المعلومات التي أكدت حصول مفاوضات أهلية معه تقضي بانسحاب المسلحين من تلال بلدة كفر حور الواقعة في ريف دمشق الجنوبي الغربي وتسليمها لقوات رديفة للجيش تعرف باسم فوج الحرمون وذلك مقابل وقفه عمليات الاستهداف المكثف والدقيق لمواقع هذه المجاميع المسلحة في التلال الفاصلة بين كفر حور وبلدة حينة، مشروع اتفاق لم يرُق لجبهة النصرة التي تسلمت قيادة محور كفر حور مقصية كل الفصائل الآخرى التي ألمحت لإمكانية قبول هذا الإتفاق، ما اضطر الجيش السوري لاستعمال قوته الصلبة هذه المرة والتي أفضت سريعا إلى استعادة كفر حور وتل السوادي 2 وتل السوادي 3 الواقعان جنوب غرب البلدة.
خيارات المسلحين الضيقة
أثخنت مدفعية الجيش السوري وطائراته الحربية في مواقع المجموعات المسلحة المنتشرة في التلال الفاصلة بين كفر حور وحينة في ريف دمشق الجنوبي الغربي، وأمام هذا الواقع الميداني البائس للمجموعات المسلحة لم تجد هذه الأخيرة بدا من التذرع بتلبية رغبة بعض الوجهاء المحليين في التوسط لدى الجيش السوري بوقف عملياته في هذه التلال مقابل إنسحاب المسلحين من تلال بلدة كفر حور وتسليمها لقوات رديفة للجيش عرفت مؤخرا بفوج الحرمون وتضم مقاتلين من أهالي بلدات بيتيما وبيت سابر وكفر حور.
لم يرض هذا التوجه "جبهة النصرة" المدعومة اسرائيليا والتي تشكل العمود الفقري للتنظيمات الإرهابية هناك، فعمدت سريعا إلى رفض المفاوضات الأهلية والإنتشار السريع على جغرافيا محور كفر حور واستلام العمليات العسكرية، عوض الفصائل التي أقصتها بالقوة لمجرد كونها قد ألمحت لإمكانية القبول بالإتفاق وتسليم مواقعها في تلال وكمائن فجر 1 وفجر 2 والسوادة والنمرود والفرنسي لفوج الحرمون الذي يشكل القوة الرديفة للجيش السوري الذي رصد بدوره عشية التلكؤ في إبرام الإتفاق طلبات مؤازرة لمسلحي النصرة بغية التحصن في التلال ومنع سقوطها.
الصحفي المتخصص بشؤون الجولان والقنيطرة جعفر ميا أوضح لـ"موقع العهد" أن "كل الأمور كانت ذاهبة نحو ابرام التسوية المذكورة، ويمكن لكل من تابع خطب يوم الجمعة في بلدتي بيت تيما وبيت سابر والتي تحدثت عن إمكانية تنفيذ الإتفاق في اليوم التالي وتجلى ذلك في قيام أحد الوجهاء ويدعى أبو محمد بشير راجح بدعوة أهالي كفر حور المقيمين في بيت تيما للعودة إلى منازلهم قبل أن تشهد ساعات العصر عودة للقصف المتقطع على مواقع المسلحين في موقع المقلع الذي يعد مدخلا لبلدة كفر حور وفي مواقع الهيئة بتل مروان الذي يشكل خط الإمداد لبيت جن المتاخمة لمدرجات جبل الشيخ المحتلة من قبل العدو الإسرائيلي الذي ينشط بكثافة في مرصده المواجه تماما لموقع الإشتباكات".
وبين جعفر ميا أن "ردة فعل الجيش السوري، جاءت لأنه على ثقة من نوايا النصرة المبيتة، وخصوصا بعد سقوط قذائف صاروخية مصدرها مواقع هذه الأخيرة على بلدة بقعسم، دون ورود معلومات عن إصابات في صفوف المدنيين".
الجيش يستعيد زمام المبادرة
أمام هذا الواقع لم يجد الجيش السوري بداً من الحسم العسكري، فاقتحم بقواته بلدة كفر حور وانتشر جنوده فيها، بعد أن ألحقوا بمقاتلي جبهة النصرة هزيمة قاسية على التلال المحيطة، أما من رفض المصالحة منهم فقد استسلم داخل البلدة، في منتصف الطريق بين حينة منطلق عمليات الجيش وبيت تيما الواقعة تحت سيطرة المسلحين والموقعة على اتفاق المصالحة في وقت سابق.
وتعتبر بلدة كفر حور ذات موقع استراتيجي، والسيطرة على تلالها تعني تسهيل عملية الإشراف على تلة بردعيا الإستراتيجية مركز ثقل المسلحين في سفوح جبل الشيخ وتحديدا بيت جن ومزرعتها ومغر المير.
ولم يقف الجيش عند ذلك الحد بل تابع تقدمه ليسيطر على تل السوادي 2 وتل السوادي 3 الواقعان جنوب غرب كفر حور مثبتا أفضليته الميدانية في هذه المنطقة التي تخضع فيها بلدات بيت تيما وبيت سابر لاتفاقات تسوية مع الجيش لكن المسلحين داخلهما لا يزالون يدعمون نظراءهم في بيت جن المجاورة.
الخلفية التاريخية لكفر حور في الأزمة
لم تشهد بلدة كفر حور أي معارك مباشرة طوال فترة الأزمة على الرغم من سيطرة المسلحين عليها منذ سنوات الحرب الأولى، لكنها تحولت إلى نقطة عبور وإمداد لبيت جن، كبرى معاقل تجمع ميليشيات الحرمون المدعومة اسرائيليا وميليشيا جبهة النصرة المدعومة اسرائيليا أيضاً، حيث تتخذ الأخيرة من مغر المير مقرا قياديا رئيسيا لها. وبعد سيطرة الجيش السوري على خان الشيح والديرخبية بدت رغبة الدولة السورية واضحة في فرض سيطرتها على كامل قرى وبلدات الغوطة الغربية لدمشق وصولا لسفوح جبل الشيخ أقصى ريف دمشق الجنوبي الغربي المتداخل مع القنيطرة، لكن عروض ومشاريع المصالحات المتتالية هي التي اخرت العمل العسكري الذي كان آخر الخيارات وأنجعها.