ارشيف من :أخبار لبنانية

عيد الاستقلال الـ 74: محطات تاريخية في مسيرة الجيش اللبناني

عيد الاستقلال الـ 74: محطات تاريخية في مسيرة الجيش اللبناني

كان للجيش اللبناني محطات بارزة منذ تأسيسه، شارك فيها في صناعة استقلال لبنان نعرّج عليها في هذا الإنفوغراف
 

إنشاء فرقة الشرق 1916
بدأت مسيرة الجيش مع الاستقلال إثر تطوع مجموعات من الشباب اللبناني في فرقة الشرق، التي أنشأها الحلفاء في المنطقة العربية في العام 1916 كأحد وجوه النضال الوطني، وقد اشترط هؤلاء الشباب في حينه أن يدوّن على عقود تطوعهم شرطان. الأول، أنهم يقاتلون ضد القوات العثمانية من دون غيرها، والثاني أنهم انخرطوا في القوات الحليفة بهدف تحرير لبنان. وفي العام 1918، أصبحت فرقة الشرق تضم في صفوفها أول سرية من سرايا الجيش اللبناني وهي السرية 23، وتوالى تشكيل السرايا التي راحت تمد يد العون إلى اللبنانيين وتناضل معهم جنباً إلى جنب ضد قوى الانتداب.

إنشاء سرايا القناصة اللبنانية 1926
إنّ تاريخ أفواج القناصة اللبنانية أو ماعرف لاحقاً بسلاح المشاة، يمتد بعيداً في رحم الانتداب الفرنسي على لبنان وسوريا. ذلك ان سلطة الانتداب الفرنسي في المشرق، هي التي أنشأت بعض أفواج المشاة ( القناصة ) من بين أبناء البلاد المحليين (Autochtone) لمساعدة هذه السلطة على ترسيخ نفوذها من جهة أولى ، والمساهمة في بناء جيوش وطنية لهذه البلاد (كما نص قانون الانتداب)، يكون لها دور في بناء السلطة الوطنية بعد انتهاء الانتداب من جهة أخرى .
أنشئت أفواج القناصة اللبنانية الاول والثاني والثالث بقرارات من سلطة الانتداب خلال فترات متفاوتة، وفقاً لرغبة هذا الانتداب أو حاجته، وكانت هذه الأفواج تضم في صفوفها لبنانين وسوريين مع أرجحية للعناصر اللبنانيين، لكنها كانت تخضع في قيادتها وبعض المراكز الاساسية في هيكليتها لضباط ورتباء فرنسيين . واستمرّ الأمر على هذه الصورة، حتى تمّ الاتفاق بين الحكومتين اللبنانية والسورية من جهة، والسلطات الفرنسية المنتدبة من جهة أخرى، على تسليم هذه القوى التي عرفت باسم القوات الخاصة Troupes Speciales الى الحكومتين اللبنانية والسورية، اعتباراً من تاريخ الأول من آب العام 1945 .

وثيقة 26 تموز 1941
تمثّل وثيقة 26 تموز1941، موقفاً صريحاً لمجموعة من الضباط اللبنانيين في قوات الشرق الخاصة، بعد محاولة الفرنسيين تشكيل وحدة لبنانية تحارب الى جانبهم في أوروبا، إذ اجتمع عدد من الضباط في زوق مكايل في التاريخ المذكور، وأقسموا اليمين بعدم القبول بالخدمة، إلا في سبيل لبنان و تحت عَلَمه وبقيادة حكومته الوطنية.

تسليم الرئيس بشارة الخوري العلم اللبناني الى الزعيم فؤاد شهاب في 17 حزيران 1944
بتاريخ 17 حزيران 1944، وتنفيذاً للبروتوكول الموقع بين الحكومة اللبنانية والسلطة الفرنسية بتاريخ 15 حزيران من العام نفسه، والقاضي بوضع وحدات من القناصة اللبنانية معززة بمفرزة مصفحات بتصرف هذه الحكومة، أقيم في الملعب البلدي- بيروت عرض عسكري حضره رئيس الجمهورية والوزراء والجنرال "بينيه" وأركان حربه، تسلّم خلاله الزعيم فؤاد شهاب العلم اللبناني من الرئيس بشارة الخوري.

تسلم الوحدات العسكرية: في الأول من آب 1945 وتكريس عيد الجيش
اجتمعت اللجان اللبنانية والسورية والفرنسية في 12 تموز من العام 1945 في فندق مسابكي شتورة، وأفضت الاجتماعات إلى إعطاء الإشارة ببدء عملية تسلم الوحدات على الشكل الآتي:
ـ تسلم الثكنات وسائر المنشآت في 20 تموز العام 1945.
ـ تسلم القوات العسكرية البالغ عديدها 20000 عنصر في سوريا و5000 عنصر في لبنان بتاريخ 25 تموز من العام نفسه.
ـ تسليم قيادة هذه القوات وإدارتها في الأول من آب العام 1945، وقد تم تكريس هذا اليوم عيداً وطنياً للجيش.

حرب المالكيّة 1948
ما بين15/ 5 و 6/6 العام1948، خاض الجيش اللبناني وهو لم يزل فتياً،  ثلاث معارك ضارية ضد قوات العدوّ الإسرائيلي، التي أقدمت على احتلال بلدة المالكية – شمال فلسطين، فتمكن من تحريرها وتسليمها إلى جيش الإنقاذ العربي المشكّل في حينه. وقد استشهد آمر الوحدة اللبنانية المهاجمة النقيب محمد زغيب إلى جانب 8 عسكريين خلال هذه المعارك، فيما تكبدت قوات العدو خسائر فادحة في العديد والعتاد، وأظهر العسكريون اللبنانيون شجاعة فائقة في القتال على الرغم من عدم التكافؤ في موازين القوى.

إتفاقية الهدنة آذار 1949
بنتيجة تدخل الأمم المتحدة لوقف القتال بين العرب من جهة والعدو الإسرائيلي من جهة أخرى، جرى التوافق في العام 1949 على توقيع اتفاقية هدنة، شملت كل دولة عربية على حدة، فيما وقع لبنان هذه الاتفاقية في 23 آذار من العام نفسه، لكن الجانب الإسرائيلي لم يتقيد بها، ما أدى إلى استمرار المناوشات على الحدود بين الجيش وقوات العدو.

أحداث 1958 وانتخاب اللواء فؤاد شهاب رئيساً للجمهورية
في العام 1958، اندلعت أحداث مسلحة في عدد من المناطق اللبنانية،  بسبب انقسام موقف اللبنانيين تجاه حلف بغداد، فتدخل الجيش بقيادة اللواء فؤاد شهاب، وتمكّن من وقف انتشار الأحداث وجمع السلاح من المواطنين حفاظاً على النظام العام وحماية السلم الأهلي.

حرب 1967
في الرابع من حزيران العام 1967 ، أقدم العدوّ الإسرائيلي على شنّ حرب واسعة ضدّ الدول العربية المجاورة (سوريا، مصر، الأردن). وعلى الرغم من عدم شمول هذه الحرب لبنان ، إلاّ أن ذلك لم يثن الدولة اللبنانية والجيش، عن تقديم المساعدات اللوجستية والصحية إلى الدول العربية، كما أقدمت إسرائيل بعد وقف إطلاق النار على احتلال مزارع شبعا اللبنانية وتلال كفرشوبا في منطقة العرقوب الجنوبية، ولا يزال هذا الاحتلال قائماً حتى تاريخه.

أحداث 1975
في 13 نيسان من العام 1975، اندلعت أحداث الفتنة في لبنان لأسباب عديدة، أبرزها انعكاسات الصراعات الإقليمية على الساحة الداخلية، وبروز العامل الإسرائيلي الرامي إلى ضرب وحدة اللبنانيين وصيغة العيش المشترك في ما بينهم. وإزاء فقدان القرار السياسي الموحّد للدولة، غُيِّب دور الجيش بمفهومه الوطني الشامل، ولم يتمكن من ردع الفتنة. وهكذا استمرت الأحداث الدامية لسنوات طويلة، استغلّها العدو الإسرائيلي لتنفيذ مخططاته وأطماعه، فاجتاحت قواته لبنان وعاثت فيه تدميراً وخرابا،ً ما هدد الكيان بالتفسخ والانهيار. إلّا أنّ هذه الأحداث، وعلى الرغم من قساوتها، لم تحل يوماً دون التواصل والتلاقي بين أخوة السلاح في الجيش، وبقي اللبنانيون يراهنون على دوره الوطني الجامع. وهذا ما حصل مع مطلع التسعينيات، من خلال وثيقة الوفاق الوطني التي وضعت حدّاً للأحداث الداخلية، وأعادت للجيش دوره المنشود في إرساء عهد جديد من الأمن والاستقرار، الأمر الذي مكّن المقاومة الوطنية من تصعيد كفاحها ضدّ العدو الإسرائيلي وصولاً إلى التحرير.

اجتياح 1978
في 14 آذار العام 1978، اجتاحت قوات العدوّ الإسرائيلي قسماً من جنوب لبنان، تحت اسم عملية الليطاني التي استمرت لمدة 7 أيام وانتهت بصدور قرار مجلس الأمن الرقم 425، الذي قضى بانسحاب العدو الإسرائيلي من الأراضي التي احتلها، في حين خلف هذا الاجتياح خسائر بشرية ومادية هائلة، وقد تصدى الجيش اللبناني ببسالة للطائرات المغيرة وللوحدات المتقدمة، وسقط له العديد من الشهداء والجرحى خلال المواجهات.

اجتياح 1982
وبتاريخ 6 حزيران العام 1982، قام العدو الإسرائيلي باجتياح آخر للبنان تحت  اسم " عملية سلامة الجليل" حيث وصلت قواته إلى العاصمة بيروت والبقاع الغربي وجبل لبنان، وقد أدت العملية إلى سقوط نحو 50 ألف شهيد وجريح، فضلاً عن حصول دمار هائل في البنى التحتية. تصدى الجيش لهذا العدوان بكلّ الإمكانات المتوافرة، فيما تعرضت مراكزه لغارات عنيفة أدت إلى تدمير العديد من الثكنات والمراكز العسكرية أبرزها: ثكنتي محمد زغيب في صيدا وعصام شمعون في النبطية، كما سقط له عشرات الشهداء والجرحى في المواجهات.

إعادة توحيد الجيش تشرين الأول 1990
إثر توقيع اتفاق الطائف في 30 ايلول 1989، بدأت عملية توحيد المؤسسة العسكرية وبنائها، انطلاقاً من ركائز أساسية ثلاث وهي: إرساء الثوابت الوطنية والعقيدة العسكرية المستمدّة خطوطها العريضة من وثيقة الوفاق الوطني، اعتماد النهج المؤسساتي في العمل، توفير الطاقات البشرية والوسائل المادية للتمكّن من تنفيذ المهمات المطلوبة.
نجحت قيادة الجيش في الانطلاق بسرعة قياسية في عملية بناء المؤسسة، إذ سار العمل فيها وفقاً لأسس ومعايير واضحة ودقيقة، أدت إلى الارتقاء بالمؤسسة لتكون الركيزة الأساس للدولة في مسيرة نهوض الوطن. أولى خطوات إعادة البناء، كانت في عملية الدمج الشامل وتبديل قطاعات انتشار الوحدات العسكرية، ما أدّى إلى نزع مظاهر الطائفية والمناطقية والمحسوبيات عنها، وتكريس مبدأ الولاء الوطني في المؤسسة. وترافقت هذه الخطوة مع اعتماد النهج المؤسساتي في العمل، بحيث أصبحت معايير الإنتاجية والكفاءة، هي الأساس في وضع الترقيات وتحديد التشكيلات ومتابعة  الدورات الدراسية وغيرها. وبموازاة ذلك، حرصت قيادة الجيش بشكل حازم على إبعاد المؤسسة عن التجاذبات السياسية بما يحفظ هيبتها ودورها الوطني الشامل. أمّا في إطار إعادة التجهيز والتسليح اللازمين، ولكي يتمكن الجيش من القيام بواجباته، اعتمدت القيادة في تحقيق ذلك، على مبدأ تأمين الحاجات الضرورية من دون تكبيد خزينة الدولة ما لا طاقة لها على تحمله، حيث تمت هذه العملية وفقاً للآتي:
ـ القيام بورشة تعهد وصيانة للأسلحة والتجهيزات المتوافرة أصلاً في الجيش.
ـ استلام أسلحة الميليشيات واستخدام الصالح منها.
ـ الاستفادة من العروض التي قدمتها العديد من الدول الصديقة، لشراء أعتدة وأسلحة متنوعة بأسعار رمزية.
ـ قبول هبات من دول شقيقة وصديقة، شملت طوافات عسكرية وطائرات استطلاع وزوارق حربية، ودبابات ومدفعية ثقيلة وناقلات جند وآليات عسكرية، بالإضافة إلى أعتدة وذخائر متنوعة.
وبالتزامن مع عملية التجهيز، نشطت ورشة التدريب والتعليم بهدف مواكبة التطور العسكري وتنمية قدرات العسكريين، وذلك عبر تكثيف التدريب ضمن القطع والوحدات، واتباع الدورات الدراسية في الداخل والخارج على مختلف المستويات.

معركة فجر الجنوب تموز 1991
إثر توقيع وثيقة الوفاق الوطني بين الفرقاء اللبنانيين والتي بموجبها تمّ وضع حدٍّ للأحداث الداخلية، صدر قرار عن الحكومة اللبنانية يقضي بحل جميع الميليشيات، وبسط سلطة قواتها المسلّحة على كامل الاراضي اللبنانية، إلاّ أنّ بعض التنظيمات الفلسطينية رفض الانسحاب من قرى تقع شرق مدينة صيدا والعودة إلى مخيم عين الحلوة التابع للاجئين الفلسطينيين، ما دفع الحكومة اللبنانية الى تكليف الجيش اللبناني بإنهاء هذا الوضع الشاذ، وقد تمكّن الجيش من تنفيذ قرار الحكومة بالقوّة، بعد مواجهات قاسية مع تلك التنظيمات، قدّم خلالها عدداً كبيراً من الشهداء والجرحى.

عملية تصفية الحساب تموز 1993
في تموز العام 1993 ، قام العدو الإسرائيلي باعتداء كبير على لبنان  استمر لمدة سبعة أيام أطلق عليه اسم "تصفية الحساب"، مستهدفاً  المنشآت والجسور ومحطات الكهرباء والمناطق السكنية، موقعاً مئات الضحايا وآلاف الجرحى، فضلاً عن إلحاقه دماراً كبيراً في البنية التحتية والممتلكات، ما سبب موجة نزوح واسعة عن المناطق المستهدفة باتجاه الداخل اللبناني. فكان الجيش مرةً أخرى حاضراً في مواجهة العدوان، فتصدى للطائرات المغيرة، ووقف إلى جانب مواطنيه يشد أزرهم، ويحمي تنقلاتهم، ويساعدهم على إزالة آثار هذا العدوان بعد انتهائه.

عملية عناقيد الغضب نيسان 1996
في نيسان العام 1996 قام العدو الإسرائيلي بعملية وحشية استمرت لمدة 16 يوماً وأطلق عليها اسم "عناقيد الغضب"، متبعاً فيها سياسة "الأرض المحروقة"، وبالغاً ذروة إجرامه بارتكاب مجزرة قانا الشهيرة، حيث قصف مركزاً لقوات الطوارئ الدولية كان قد التجأ إليه مواطنون أبرياء عزّل، ما تسبب بوقوع مئات الضحايا. وقد تصدت وحدات الجيش المنتشرة في الجنوب للعدوان الإسرائيلي بمختلف الوسائل المتوافرة لديها، على الرغم من استهداف مراكزها بصورة مباشرة، وكان لصمودها وتشبثها بمواقعها الأثر الكبير في تعزيز صمود المواطنين وعودة النازحين منهم فور انتهاء العملية.

انتخاب العماد إميل لحود رئيساً للجمهورية تشرين الثاني 1998
بتاريخ 24/11/ 1998 تم انتخاب العماد إميل لحود رئيساً للجمهورية اللبنانية.

معركة الضنّية كانون الثاني 2000
بتاريخ 31/12/1999، تعرضت دورية تابعة للجيش لاعتداء من قبل جماعة مسلّحة، تابعة لتنظيم "التكفير والهجرة الإرهابي" في منطقة الضنية - شمال لبنان. فنفّذ الجيش عملية عسكرية واسعة ضدّ هذا التنظيم، أسفرت عن القضاء عليه خلال أيام معدودة، مقدماً ضابطاً وسبعة عسكريين شهداء خلال المعركة. ويعتبر هذا التنظيم الإرهابي النواة التأسيسية لتسلل الفكر التكفيري إلى لبنان، نظراً إلى تنوّع جنسيات أفراده، وحجم عديده وسلاحه، والأفكار والإيديولوجيا والأهداف التي كان يعتنقها ويسعى إلى تحقيقها.

التحرير أيار 2000
مع مطلع التسعينيات، قررت قيادة الجيش سريعًا نشر نصف عديد الجيش على خطوط المواجهة مع العدو الإسرائيلي في الجنوب والبقاع الغربي، وأعطت الأوامر بالتصدي للعدو الإسرائيلي بكل الإمكانيات والوسائل المتوافرة. ونتيجة لوحدة الموقف الوطني وصمود الجيش في مواقعه، وتسارع ضربات المقاومة في حرب استنزاف قلّ نظيرها، اضطر الجيش الإسرائيلي إلى الاندحار عن القسم الأكبر من الجنوب والبقاع الغربي، فكان إنجاز التحرير في 25 أيار العام 2000.

عدوان تموز 2006
مرَّة جديدة دفع العدو الإسرائيلي بأسلحته المدمِّرة باتجاه لبنان في حرب مفتوحة بدأت من الجنوب في 12 تموز العام 2006، وما لبثت أن امتدَّت إلى مختلف المناطق اللبنانية ، فلفَّت لبنان من البر والبحر والجو بزنَّار من الحمم في عملية تدمير منهجي لبناه التحتية ومنشآته، واستهداف متعمد للمواطنين الأبرياء في بيوتهم وأماكن عملهم وأثناء تنقلاتهم، كما استهدف العدوان مواقع الجيش على كامل رقعة الوطن، مرتكبًا مجازر بشعة لا سيما في فوج الأشغال المستقل في الجمهور وفي مركزي وجه الحجر والعبدة التابعين للقوات البحرية في منطقة الشمال، حاصدًا 47 شهيدًا وعدداً كبيراً من الجرحى، لتمتزج دماء هؤلاء العسكريين بدماء المواطنين الأبرياء. وخلال هذه الحرب كان الجيش في ساحة المواجهة يعكس صورة الوطن المقاوم، إذ قامت وحداته في أماكن انتشارها بأداء دورها الدفاعي بكل القدرات المتاحة لديها، من خلال التصدِّي للطائرات المعادية وإحباط العديد من محاولات الإنزال والتسلل، كما استمرَّت بأداء مهامها الأمنية والإنمائية على مساحة البلاد، متأهِّبة لوأد أي فتنة داخلية، والتعامل بحزم مع كل من يحاول العبث بالأمن والاستقرار في ظل حالات النزوح الكبيرة، والظروف والمتغيرات المستجدة. وعند الثامنة من صباح 14 آب توقَّف العدوان الإسرائيلي تنفيذاً لقرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701 الصادر بتاريخ 11/8/2006، الذي نصّ على وقف جميع العمليات الحربية، لتنطلق رحلة عودة النازحين  إلى أرضهم وبيوتهم، ويسارع الجيش اللبناني في التوجه إلى حدوده الجنوبية بعد غياب جاوز الثلاثة عقود، وذلك تنفيذًا لقرار الحكومة اللبنانية القاضي بتكليفه الانتشار في منطقة جنوب لبنان وصولاً إلى الخط الأزرق، وبسط سلطة الدولة في تلك المنطقة إسوة بباقي المناطق اللبنانية، ودعم صمود المواطنين ومواكبة إعادة إعمار قراهم. وقد تزامنت هذه المهمة مع مهمة انتشار وحدات من الجيش على امتداد الحدود البرية والبحرية اللبنانية لضبط المعابر ومنع أعمال التهريب على أنواعها.

حرب نهر البارد أيار – أيلول 2007
بتاريخ 20/5/2007، قام إرهابيو تنظيم "فتح الإسلام" الذي كان متمركزاً بشكل أساسي في مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين – شمال لبنان، بهجوم مفاجئ وغادر على بعض مراكز الجيش في محيط المخيم المذكور، وضواحي مدينة طرابلس، وذلك في محاولة هدفت إلى النيل من هيبة الدولة ومؤسساتها، وإرهاب الجيش، وصولاً إلى إنشاء إمارة دينية في منطقة الشمال. لكنّ الجيش استعاد زمام المبادرة فوراً، حيث قامت وحداته بردّة فعل سريعة، تمكًنت خلالها من استرجاع مراكزها والقضاء على الإرهابيين وتوقيف بعضهم الآخر، كما أحكمت الطوق حول المخيم. ثمّ اتخذت قيادة الجيش القرار بالحسم العسكري التدريجي. وفي الثاني من أيلول من العام نفسه، تحقق الوعد الذي قطعه الجيش للشعب اللبناني، بإكمال سيطرته الميدانية على آخر معقل من معاقل الإرهابيين في المخيم، ليتمكّن من اقتلاع أكبر تنظيم إرهابي عرفه لبنان، مقدّماً 171 شهيداً ومئات الجرحى في هذه المعركة القاسية.


مواجهة العديسة آب 2010
في 3 آب العام 2010 ، اجتازت دورية إسرائيلية معادية الخط التقني في خراج بلدة العديسة إلى أراضٍ متحفظ عنها لبنانياً، ما دفع قوة الجيش المنتشرة في المنطقة إلى التصدي لها والاشتباك معها لعدة ساعات، وقد استخدم العدو الأسلحة الثقيلة ضد مراكز الجيش ومنازل المدنيين، الأمر الذي أدى إلى استشهاد عسكريين اثنين ومواطن وإصابة آخرين بجروح، فيما سقط للعدو عدد من القتلى والجرحى. وانتهت المواجهة بانسحاب الدورية المعتدية إلى مراكزها.

مواجهة الوزاني آب 2011
وفي حادث مماثل حصل في الأول من شهر آب العام 2011، تصدت وحدات الجيش المنتشرة في منطقة الوزاني لدورية إسرائيلية عبرت خط الانسحاب لمسافة 30 متراً داخل الأراضي اللبنانية. وبنتيجة الاشتباك اضطرت الدورية المعادية إلى العودة من حيث أتت، من دون تسجيل أيِّ إصابات في صفوف عناصر الجيش.

معركة عبرا حزيران 2013
بتاريخ 23/6/2013، قامت مجموعات مسلحة تابعة للإرهابي أحمد الأسير بمهاجمة حاجز للجيش بشكلٍ مفاجئ، ما أدّى إلى استشهاد ضابطين وأحد العسكريين وإصابة عدد آخر بجروح، وكان هدف الجماعة ضرب هيبة الجيش وإشعال الفتنة في منطقة الجنوب. وخلال يومين من المواجهات الشرسة، تمكّنت قوى الجيش من القضاء نهائياً على هذه الجماعة، وتوقيف عدد كبير من أفرادها. وقدّم الجيش في المحصلة النهائية للمعركة، عشرين شهيداً بالإضافة إلى عشرات الجرحى.

مواجهة طرابلس تشرين الأول 2014
بتاريخ 24/10/2014، وعلى أثر توقيف أحد العناصر الإرهابية في منطقة الضنية، عمد عدد من المسلحين المناصرين له، إلى الاعتداء على مراكز وعناصر الجيش، ما تسبب باستشهاد عددٍ من العسكريين بينهم ضابطان. على أثر ذلك، قام الجيش بعملية عسكرية واسعة لحسم الوضع على الأرض وإنهاء ظاهرة المسلحين في بعض مناطق مدينة طرابلس وعكار، انتهت بطرد المسلحين وقتل وأسر عدد كبير منهم، فيما سقط للجيش 11 شهيداً بينهم 3 ضباط. تميزت هذه المعركة بالسرعة والحرفية العالية اللتين تجلّتا في إنهاء الوضع الشاذ (خلال 24 ساعة)، وإعادة فرض سلطة الدولة على جميع مناطق الاشتباكات.

التصدّي للمجموعات الإرهابية في جرود السلسلة الشرقية - معركة عرسال آب 2014
بتاريخ 2/8/2014، وعلى أثر قيام حاجز الجيش في منطقة عرسال بتوقيف الإرهابي السوري عماد جمعة، ظهرت فجأةً تجمعات لأعداد ضخمة من المسلحين، الذين بادروا إلى شنّ هجوم واسع على جميع المراكز العسكرية المتقدّمة في المنطقة، وذلك بالتزامن مع استهداف فصيلة قوى الأمن الداخلي في البلدة المذكورة، لكنّ قوى الجيش قامت بردّ سريع ومباشر، ونفذت عملية هجومية محكمة، استطاعت خلالها فكّ الطوق عن المراكز العسكرية ومن ثمّ دحر المعتدين باتجاه جرود المنطقة، وإيقاع عدد كبير منهم بين قتيل وجريح. قدّم الجيش خلال هذه المواجهة المفصلية أربعة وعشرين شهيداً وستة وثمانين جريحاً، فيما اختطفت الجماعات الإرهابية 21 عنصراً من الجيش و15 عنصراً من قوى الأمن الداخلي، ولاحقاً استشهد 5 من هؤلاء المخطوفين، 4 عناصر من الجيش وعنصر واحد من قوى الأمن الداخلي على أيدي الإرهابيين، وذلك بطريقة همجية لا تمت إلى الإنسانية والأعراف الأخلاقية بِصِلة. وبتاريخ31/8/2014، تم تحرير 4 عسكريين من الجيش، كما جرى بتاريخ 1/12/2015 وبناءً على مفاوضات سياسية وميدانية، تحرير 3 عناصر من الجيش و 13 عنصراّ من قوى الأمن الداخلي.

مواجهة المجموعات الإرهابية في جرود رأس بعلبك - كانون الأول – نيسان 2015
بتاريخ 23/1/2015، هاجمت مجموعات إرهابية أحد مراكز الجيش المتقدمة في تلة الحمرا، فتصدّى عناصر المركز للمهاجمين بمختلف أنواع الأسلحة وحالوا دون تقدمهم، وبنتيجة صمود هؤلاء العناصر والتعزيزات العسكرية التي استقدمت إلى المنطقة، وقصف تجمعات الإرهابيين وطرق تسللهم بالأسلحة الثقيلة، تمكنت قوى الجيش من إحكام سيطرتها على التلّة المذكورة وطرد المهاجمين، موقعةً في صفوفهم عدداً كبيراً من الإصابات بين قتيل وجريح. وقد سقط للجيش من جراء الإشتباكات ثمانية شهداء بالإضافة إلى عدد من الجرحى.

سيطرة الجيش على مرتفعين استراتيجيَّين في جرود رأس بعلبك 2015
بتاريخ 26/2/2015، نفذت وحدات الجيش عملية هجومية سريعة في منطقة جرود رأس بعلبك ضدّ مجموعات إرهابية، تمكنت بنتيجتها من السيطرة التامة على مرتفعين استراتيجيين على الحدود اللبنانية – السورية وطرد المسلحين منها، من دون تسجيل إصابات في صفوف العسكريين. وقد أتت العملية هذه في إطار تأمين الحيطة الأمنية للمراكز العسكرية الخلفية والقرى والبلدات المتاخمة للحدود الشرقية.
تنفيذ إغارة نوعيّة وخاطفة في جرود رأس بعلبك 2015
بتاريخ 7/4/2015، نفذت قوة من الجيش عملية إغارة نوعية وخاطفة في أعالي جرود رأس بعلبك ضدّ مجموعات إرهابية، إثر توافر معلومات عن قيام الأخيرة بتحضيرات قتالية ولوجستية، حيث اشتبكت معها بمختلف أنواع الأسلحة، وأوقعت في صفوفها عدداً من القتلى والجرحى، وخسائر جسيمة في الأسلحة والعتاد من دون تسجيل أي اصابات في عداد العسكريين.

عملية نوعية وخاطفة ضد مجموعة من تنظيم داعش الإرهابي في جرود عرسال 2016
بتاريخ 3/2/2016، وفي محلة وادي الأرانب – عرسال، هاجمت قوة من الجيش في عملية نوعية وخاطفة، مقر مجموعة إرهابية تنتمي إلى تنظيم داعش الإرهابي، كانت تخطط لمهاجمة مراكز الجيش وخطف مواطنين في منطقة عرسال، فتمكّنت من القضاء على 6 إرهابيين مسلحين، بينهم أحد أبرز القياديين في التنظيم المذكور، ومصادرة كميات من الأسلحة والذخائر والقنابل اليدوية والأحزمة الناسفة وأجهزة كواتم للصوت وآليتين، كما دهمت  قوّة أخرى من الجيش مستشفى ميداني يستخدمه التنظيم المذكور في المنطقة نفسها، وأوقفت 16 إرهابياً، من دون تسجيل أي إصابات تذكر في صفوف القوى العسكرية التي أظهرت عن حرفية متناهية في رصد المجموعة وتوقيف أفرادها. وقد أبدت الأوساط المحلية والإقليمية والدولية إعجابها وتقديرها لجهود القوى العسكرية، وأثنت على النجاحات والإنجازات المتتالية التي حققتها في مواجهة هذه الجماعات.
إن ما حصل في عرسال، كان أكبر من معركة مع الإرهاب، وما حققه العسكريون كان أكبر من إنجاز وانتصار، فالمواجهات البطولية التي خاضها الجيش والدماء الزكية التي سالت على تراب تلك الجرود القاسية، حالت دون تحقيق مخطط الإرهابيين الهادف إلى "تغيير وجه لبنان، بل ربّما محوه عن الخريطة كدولة". فقد أفشل الجيش مخططاتهم وأحبط آمالهم بتأسيس إمارتهم المزعومة على الأراضي اللبنانية، وبدد أحلامهم في الوصول إلى منفذ بحري على الشاطئ.

 

2017-11-22