ارشيف من :أخبار العدو
هكذا أعَدّ آيزنكوت ’رواية الغرام الإسرائيلي - السعودي’
بن كاسبيت - موقع "ألمونيتر"
أعلنت المقابلة التي أجراها رئيس هيئة الأركان العامة الإسرائيلية غادي آيزنكوت موقع "إيلاف" سعودي عن بداية "الرواية الغرامية الإسرائيلية - السعودية"، المخبأة خلف الكواليس منذ فترة طويلة. اتفاقية سلام تاريخية لن تُنجز هنا، لكن نوعا من التطبيع على وضع نار هادئة إلى حين اكتماله، كما هو الحال مع المغرب.
المقابلة المفاجئة التي نُشرت يوم الخميس الماضي قبل أيام معدودة من الذكرى السنوية الأربعين للزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس المصري أنور السادات إلى القدس. تصعب المقارنة بين الحادثين، لكن في "إسرائيل" هناك من أشار، مع ذلك، إلى نوع من العلاقة بينهما.
بين "إسرائيل" والسعودية لا يمكن توقع حدوث سلام تاريخي في المستقبل القريب. من جهة ثانية، "إسرائيل" هي عضو استثنائي في "التحالف السني"، بقيادة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي اشعل الشرق الأوسط بسلسلة لانهائية من الإجراءات الإصلاحية خلال السنتين الأخيرتين.
العلاقات بين "إسرائيل" والسعودية والإمارات المتحدة لم تعُد سرية بعد الآن، فبعد المقابلة التي آيزنكوت، اشار مراقبون إسرائيليون إلى أنه "العلاقات بين إسرائيل والسعودية سوف تخرج الى الضوء في المدى البعيد، ليس بالطريقة المصرية للسلام الشامل، بل بأسلوب يميل أكثر الى النموذج المغربي: علاقات على نار هادئة، غير رسمية، لكنها تنمو تحت السطح".
على طاولة المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي العميد رونن منليس، كان موضوعا الطلب السعودي لإجراء المقابلة مع رئيسه رئيس هيئة الأركان منذ أكثر من ثلاثة شهور. بقي منليس محتارا ، فقد عاد آيزنكوت من مؤتمر رؤساء هيئة الأركان العامة في واشنطن وقال لمنليس: "لا يمكنك أن تصدق. لقد جلست هناك واستمعت لكلام قاله جنرال سعودي تحدث بدلا عن رئيس هيئة الأركان السعودي (الذي لا يتحدث الإنكليزية)، وكان الأمر كما لو كنت أنا من يتحدث. أنا أتفق معه على كل كلمة قالها. لقد تلا ببساطة تقريري الخاص".
ودار الحديث بين آيزنكوت ومانليس حول تقرير يتناول التأثير المتزايد لإيران في الشرق الأوسط وتمدّد المحور الشيعي من طهران باتجاه بغداد ودمشق وبيروت والبحر المتوسط، فاقترح عليه المتحدث باسم الجيش قائلا: "إذن دعنا نذهب الى المقابلة مع الموقع السعودي"، فأجابه رئيس هيئة الأركان العامة "إلى الأمام".
اختيار الموقع السعودي "إيلاف" لم يكن صدفةً، فقد دار حديث بين آيزنكوت ومانليس حول موقع تابع للشيخ عثمان العمير، أحد كبار الصحفيين من أصل سعودي ومحرر صحيفة "الشرق الأوسط" التي تصدر في لندن بملكية الملك السعودي.
وقد اتضح أن لموقع "إيلاف" مراسلا في "إسرائيل"، وهو صحافي إسرائيلي قديم ومقدَّر يدعى مجدي حلبي، وكان مراسلا قديما في القناة الأولى للتلفزيون الإسرائيلي. وقال حلبي هذا الأسبوع لموقع "ألمونيتور": "لم أحظ بالذهاب الى مكتب رئيس هيئة الأركان العامة، فالجلوس أمام رئيس هيئة الأركان هو مكان مقدس، هيكل الأمن الإسرائيلي. الآن، بينما أمثل وسيلة إعلامية سعودية وصرت صحفيا سعوديا، حظيت بهذا الأمر".
ويعتبر عثمان العمير مالك موقع "إيلاف" أحد المقربين من العائلة المالكة السعودية، وهو زميل دراسة وابن دفعة أحد أبناء الملك السعودي، ويُعتبر مقربا منه وموضع ثقته، وصديق محترم في القصر الملكي. يتحدث حلبي أنه طلب إذنا من العمير قبل عدة أشهر خلال جلسة لهيئة التحرير في لندن، من أجل تقديم طلب إجراء مقابلة مع رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي، وحصل على موافقة فورا، إذ قال العمير له: "أنت رجلنا في إسرائيل، إفعل ما تريد".
وعندما حصل على الموافقة المفاجئة من مكتب رئيس هيئة الأركان، سارع حلبي الى الإتصال بالعمير من أجل التشاور معه بشأن الإسئلة التي سيطرحها على آيزنكوت. فقال له العمير: "أنت موجود هناك، تعرف إسرائيل، إسأل ما تراه مناسباً".
ويتذكر حلبي في حديث مع "المونيتور": "ردود الفعل التي تلقتيها جراء هذه المقابلة لا تشبه أي أمر فعلته حتى الآن. في كل العالم". حلبي صنع تاريخا حيث جلس للمرة الأولى صحافي يعمل لصالح وسيلة إعلامية سعودية في المكان المقدس للمؤسسة الأمنية الإسرائيلية، من أجل مقابلة علنية. الرواية الإسرائيلية - السعودي هي الأمر الأكثر سخونة في المحيط، بعد قضية الحريري. إلا ان المتابعة الإسرائيلية للأميرين محمد بن سلمان السعودي ومحمد بن زايد الإماراتي، هي نقطة إهتمام كبير في "تل أبيب".
هذان الأميران يغيِّران "أسلوب التصرف ونمط العمل السعودي-السني-الخليجي في الشرق الأوسط"، وقال مصدر إسرائيلي أمني بارز لـ"المونيتور": "لم تعد هناك محافظة جامدة على التقاليد، القرارات تقاس وتلتصق بالوضع القائم"، وأضاف "هنا لدينا عمل مع أميرين شابين نسبيا. ابن سلمان يظهر شجاعة إستثنائية، ربما حتى مغامرة جدا، يتخذ قرارات ظنناها حتى ما قبل سنة - سنتين مجنونةً ويحلق بالدبلوماسية السعودية الى أرقام مختلفة تماما. من المثير للإهتمام كيف سينتهي ذلك".
الاختيار الإسرائيلي لموقع "إيلاف" جاء انطلاقا من الإعتراف بالقرب الكبير لهذا الموقع من العائلة المالكة السعودية. وقال مصدر عسكري إسرائيلي : "لقد نقلنا الرسائل التي كان من المهم بالنسبة إلينا تمريرها في موضوع إيران، سوريا، حزب الله والوضع على الجبهة الشمالية". ولدى سؤاله عما إذا كانوا قد حصلوا على ردود بعد المقابلة من القصر الملكي في الرياض، أجاب: "لا ردود مباشرة، بل غير مباشرة، نحن ندرك أنهم قرأوا المقابلة بتأمل كبير".
وبقي علينا أن ننتظر لنرى ما إذا كانت السعودية ستوافق على مشاركة لاعبي شطرنج إسرائيليين في مباراة الشطرنج الدولية التي سوف تُنظم في الرياض قريبا. فإذا وافقت، فهذه ستكون خطوة إضافية نحو الأمام في تعزيز العلاقات السعودية الإسرائيلية.