ارشيف من :أخبار لبنانية

تريث الحريري يطلق مسار التشاور والحوار

تريث الحريري يطلق مسار التشاور والحوار

سلطت الصحف اللبنانية الضوء على التطورات السياسية الاخيرة في لبنان لا سيما بعد تريث الرئيس سعد الحريري عن قراره بالاستقالة ومواقفه السياسية التي اطلقها حين قدومه.

كما تطرقت الصحف المحلية الى مواضيع تتعلق بتفس الملف حول الساعات الاخيرة ما قبل عودة الحريري عن استقالته والنتائج السياسية التي تلقتها بعض الاطراف اللبنانية جراء هذه القرارات.

 

الأخبار: لا مؤتمر حوار ولا بحث في السلاح ومجلس الوزراء الى الانعقاد قريباً

تناولت الأخبار الشأن المحلي وكتبت تقول “«تريث» الرئيس سعد الحريري في تقديم استقالته له معنى واحد: العودة عنها. وكل ما يشاع عن مؤتمرات حوار وبحث في سلاح المقاومة لا يعدو كونه شكليات لـ«هضم» هذه العودة، وإعادة الانتظام الى العمل الحكومي.

أما وقد «تريّث» الرئيس سعد الحريري في تقديم استقالته، فإن الخطوة التالية المتوقعة هي عودة مجلس الوزراء الى الانعقاد، في وقت ليس ببعيد. وهو ما بدأه «رئيس الحكومة» فعلياً، أمس، بافتتاحه المؤتمر المصرفي العربي، وباعلانه انه سينصرف الى توقيع بريده المتراكم منذ ثلاثة أسابيع. وعليه، فإن «التريث» يعني عودة عن الاستقالة، وبذلك تكون مفاعيل أزمة إقالة الحريري واحتجازه في السعودية قد انتهت… وكأنها لم تكن.

وليس تفصيلاً، في هذا السياق، إعلان النائب وليد جنبلاط، بعد لقائه الحريري أمس، أن «الغيمة مرت»، وتأكيده «التمسك بمضامين التسوية»، وحديثه عن «انطلاقة جديدة».

أما كل ما يشيعه السعوديون وأتباعهم في لبنان عن دعوات الى مؤتمر حوار أو طاولة حوار للبحث في سلاح المقاومة فلن يعدو كونه مجرد مشاورات يجريها رئيس الجمهورية ميشال عون في قصر بعبدا مع قيادات سياسية، لحفظ بعض ماء الوجه السعودي، ولـ«تبليع» جمهور تيار المستقبل الضربة التي وُجهت الى زعيمه «من بيت أبيه»، وتمهيداً لعودة انتظام العمل الحكومي. فلا رئيس الجمهورية الذي أشار في خطاب الاستقلال الى «تحرير لبنان من العدو الاسرائيلي والتكفيري» في هذا الوارد، ولا حزب الله سيسلّم تحت ضغط استقالة ما لم يسلّمه تحت ضغط عدوان 2006. فيما يدرك الجميع أن قتال الحزب في سوريا بات جزءاً من صراع دولي ـــ اقليمي، وأكبر من اقالة الحريري نفسه. باختصار، بحسب مصادر مطلعة على موقف حزب الله، «هذه طروحات غير واقعية وليست مطروحة للبحث. ونقطة على أول السطر».

المصادر نفسها تؤكد أن السعودية (وأتباعها في لبنان) خرجت من أزمة إقالة الحريري واحتجازه «خاسراً أول وأوحد». وقد تحتاج الى بعض الوقت لتقييم سوء التقدير الذي وقعت فيه بناء على نصائح أطراف لبنانية بأن الضغط على حزب الله يتطلب الخروج من الحكومة وتفجير التسوية السياسية. ناهيك عن سوء إخراج الاستقالة وتوقيتها. ففي المعلومات أن السعوديين طلبوا من دار الفتوى الايعاز الى خطباء المساجد بمهاجمة حزب الله والدعوة الى التظاهر في خطب الجمعة التي تلي الاستقالة. لكن مرور أسبوع في ظل الالتباس الذي ساد وضع الحريري في الرياض، معطوفاً على تحركات الدائرة اللصيقة به، أدى الى امتناع الدار عن تلبية الطلب. كما طلب السعوديون من رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع، أكثر المتحمسين للاستقالة، القيام بخطوات «ما فوق سياسية»، كقطع طرقات وغير ذلك، ما وضعه في إحراج بين رفض الضغط السعودي وبين غياب الغطاء السني لخطوات كهذه، وبين الوقائع على الأرض في ظل وجود جيش ملتفّ حول رئيس الجمهورية.

في المقابل، كانت المكاسب اللبنانية بالجملة:
أولاً، انتزع لبنان تجديد الاعتراف الدولي بأهمية الحفاظ على استقراره. فالتحرك الفرنسي ـــ المصري للوصول الى مخرج من الأزمة التي افتعلتها الرياض كان واجهة لإجماع دولي على رفض هذه السابقة في العلاقات بين الدول.

وإذا كان الفرنسيون قد تصدّروا هذا التحرك لاعتبارات تاريخية وأخرى ذات صلة بعلاقتهم بآل الحريري، إلا أن ذلك لم يكن ليتم من دون ضوء أخضر أميركي. إذ إن واشنطن تعتبر الاستقرار في لبنان مكسباً مهماً لها في ظل انعدام التوازن لمصلحة حلفائها في البلد. هذا الضغط أدى الى إجبار السعودية على إطلاق الحريري وترك الأمر للفرنسيين لتدبّر المخرج «اللائق». وبالتزامن مع وصول الحريري الى باريس السبت الماضي، كانت مروحة الاتصالات الفرنسية تشمل القاهرة وطهران والرئيس عون وحزب الله وبقية الأطراف السياسية، وتم التوصل بنتيجتها الى «التريث في تقديم الاستقالة». ومع نزول رئيس الحكومة في مطار بيروت ليل الثلثاء كانت كل الأطراف السياسية الرئيسية في جو بيانه الذي سيعلنه من قصر بعبدا في اليوم التالي.

ثانياً، انتزع رئيس الجمهورية اعترافاً محلياً ودولياً ببراعته في إدارة الأزمة وبأهمية «الرئيس القوي» في قصر بعبدا.

ثالثاً، رغم الاهانة التي وجّهت اليه، تمكّن الحريري من إنعاش شعبيته على أبواب الانتخابات المقبلة، بعدما كانت المعطيات الانتخابية تشير الى أن خصومه المنشقين عن تياره، كأشرف ريفي، يقضمون من شعبيته، إلى حد أنه كان يدرس طرحاً بالاستقالة في آذار المقبل لتعويم وضعه انتخابياً، وهو ما لم يعد في حاجة اليه اليوم.

رابعاً، انتزع حزب الله، المستهدف الأول من كل «الخربطة» السعودية، اعترافاً دولياً ومحلياً بدوره العاقل في مقاربة الأزمة.


النهار: "تريّث" الحريري يطلق مسار التسوية المعدَّلة

اذا كانت مفاجأة "التريث " في الاستقالة التي أطلقها رئيس الوزراء سعد الحريري من قصر بعبدا الاربعاء قلبت الى حدود بعيدة المفاعيل السلبية لمفاجأة اعلان هذه الاستقالة في 4 تشرين الثاني، فان ذلك لم يحجب سيل التساؤلات والشكوك حول مآل هذا المسار وما اذا كان سيكفل نتائج فعلية ثابتة من حيث الالتزامات الملحة المتصلة بالنأي بالنفس عن الصراعات الاقليمية والتدخلات في حروب وشؤون بلدان عربية. ذلك ان ما اعقب اعلان الرئيس الحريري استجابته طلب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون التريث في الاستقالة بدا أوسع وأكبر من مجرد طلب واستجابة على الصعيد الداخلي وحده. ولم يكن أدل على ذلك من ان عودة الرئيس الحريري ليل الثلثاء الى بيروت واكبتها اتصالات اقليمية وعربية ادت الى الدفع بقوة، كما أكدت مصادر معنية لـ"النهار"، نحو بلورة حل من شأنه تثبيت الحكومة لان تبديلها بدا ضرباً من المخاطرة في هذه الظروف في ظل المعطيات التي اثارتها استقالة رئيس الحكومة.

ومع ان فرنسا ومصر اضطلعتا بالدور المحرك الاساسي لمنع انزلاق لبنان نحو أزمة أكبر وأخطر واحتواء استقالة الحريري، فإن المصادر أوضحت ان هذا المسعى المشترك اتسع الى نطاق كبير دولياً واقليمياً وان فرنسا تحديداً اضطلعت بدور مهم في اتصالاتها مع المملكة العربية السعودية ومن ثم ايران لتقديم ضمانات الحد الادنى التي تكفل منع انزلاق لبنان نحو ازمة كبيرة. وأشارت المصادر الى ان المشاورات التي واكبت عودة الحريري أبرزت داخلياً اتجاهات شبه جماعية للتمسك بالحريري والسعي الى اقناعه بالعدول عن الاستقالة. واذ تبلغ الحريري قبل صباح الاربعاء معطيات تفيد أن فريق 8 آذار يبدو في وارد تقديم التسهيلات التي تتطلبها عودة رئيس الحكومة عن الاستقالة فان الأخير اتخذ موقفاً وسطياً مشروطاً يقوم على التريث في الاستقالة وانتظار الالتزامات الصارمة الجديدة بسياسة النأي بالنفس أولاً ترجمة لما ورد في البيان الوزراي.

وفي خلوته مع رئيس مجلس النواب نبيه بري لدى توجههما الى قصر بعبدا عقب العرض العسكري، سمع الحريري من بري اتجاهات مشجعة استكملها لاحقاً رئيس الجمهورية الذي أكد له أنه ماض في غضون 48 ساعة نحو بلورة الاطار المطلوب للمشاورات او الحوار المباشر للتوصل الى ما يخرج البلد من الأزمة ويسمح بابقاء الحكومة. وأفادت المصادر ان الحريري أبلغ أمس أعضاء المكتب السياسي وكتلة "المستقبل" مجمل المعطيات الخارجية والداخلية التي دفعته الى اتخاذ قرار التريث وانه متمسك بهذا الموقف الذي يعني عدم التخلي عن الاستقالة اذا لمس تلكؤاً في الالتزامات المطلوبة لحماية استقرار لبنان وصون علاقاته مع الدول العربية ولا سيما منها الخليجية.

وفي معلومات "النهار" ان عناوين المراحل المتبقية تتركّز تباعاً على ما ورد من مطالب أعلن الحريري تمسكه بها، وأبرزها النأي بالنفس وتطبيق اتفاق الطائف وعدم التدخل في الشؤون العربية. ويفترض ترجمة هذه العناوين بالعودة الى البيان الوزاري وتأكيد التمسك به وخصوصاً لجهة تثبيت مفهوم النأي بالنفس.

وقالت مصادر مطلعة إن هذا السيناريو جاء نتيجة اتصالات داخلية مهدت المخرج لتريث الحريري في استقالته منذ الخطاب الاخير للامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله والذي نفى فيه أي علاقة للحزب في الحرب الدائرة في اليمن وعدم تدخله في الكويت أو في البحرين أو في أي بلد عربي. وأعلن على نحو مباشر بدء سحب قوات "حزب الله" من العراق وعلى نحو غير مباشر قرب العودة من سوريا. وبناء على كلام نصرالله المبارك ايرانياً والمعقود على تفاهمات إيرانية - فرنسية - مصرية، كان استقبال عيد الاستقلال في بعبدا مسرحاً لترجمة نصف الحلّ. اما نصفه الآخر فمن المفترض ان تهيئ له المشاورات التي سيقوم بها رئيس الجمهورية بإيجاد الارضية الثابتة لعودة جلسات مجلس الوزراء.

أما المشاورات التي ينوي الرئيس عون إجراءها خلال الايام المقبلة، فلن تكون على شكل طاولة حوار، بل لقاءات ثنائية منها المعلن ومنها البعيد من الاضواء. وعلى رغم تحفظات معروفة لدى بعض الجهات عن صيغة "اعلان بعبدا " الذي نادى بتحييد لبنان خلال عهد الرئيس ميشال سليمان فإن بعض الاوساط لا تستبعد طرح صيغة تكون أقرب الى "اعلان بعبدا – 2 " اذا أريد للمشاورات المقبلة ان تتخذ طابعاً بالغ الجدية بالتفاهم بين الجميع على الالتزامات المطلوبة.

الجمهورية: مشاورات لـ«الطائف» والنأي بالنفس والعلاقات مع العرب

وتناولت الجمهورية الشأن الداخلي وكتبت تقول “عاد الوضع في لبنان إلى ما كان عليه قبل الرابع من تشرين الثاني مع بعض التصدّعات غير العصيّة عن الرأب في قابل الأيام. الأميركيون أوحوا، والفرنسيون والمصريون تحرّكوا باتّصالات حثيثة مع بيروت والرياض وفي اتّجاهات أخرى، فوُلدت التسوية لأزمة الاستقالة، وأولى خطواتها كانت تمنّي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على الرئيس سعد الحريري التريّث في هذه الاستقالة، فاستجابَ ليبدأ البحث عن مخرج تحدّثَ عنه رئيس مجلس النواب نبيه بري متوقّعاً تبَلورَه خلال «أيام قليلة». وكان لافتاً في هذا الصَدد زيارة السفيرين الأميركي والفرنسي إليزابيت ريتشارد وبرنار فوشيه للحريري على وقعِ برقيتَي تهنئة ودعم تلقّاهما كلّ مِن عون والحريري من الرئيسين الأميركي دونالد ترامب الذي أكّد وقوفَ الولايات المتحدة «بثبات مع لبنان»، وأنّها «ستواصل دعمَ جهود لبنان لحماية استقراره واستقلاله وسيادته». والفرنسي إيمانويل ماكرون الذي أكّد تمسّكَ المجموعة الدولية بوحدة لبنان وسيادته واستقراره إضافةً إلى أهمّية استمرار حسنِ سير المؤسسات فيه، مشدّداً على «أن استقرار لبنان يشكّل أولوية فرنسية. في المقابل، برز موقف إيراني متشدّد أكّد أن لا تفاوض على سلاح «حزب الله». ما فُسّر على أنه تشدُّد إيراني في وجه الهجمة العربية والأميركية، أو ربّما لرفع سقفِ المطالب قبل التفاوض على أزمات المنطقة.

كشفَت مصادر بعبدا لـ«الجمهورية» أنّ عون ليس بصَدد تنظيم طاولة حوار إنّما سيُجري بعيداً مِن الأضواء مروحة اتّصالات ولقاءات تشاورية، وستكون ثنائية في المرحلة الأولى حول ثلاثة عناوين أساسية هي «اتّفاق الطائف» و«النأي بالنفس»(تعريفه وحدوده وإمكاناته) والعلاقات مع الدول العربية. وعوّلت هذه المصادر على التطوّرات الإقليمية والدولية ولا سيّما منها التقدّم في العملية السياسية وتخفيض محاور القتال والحراك الدولي المتعدّد الوجوه المُرافق لها لمواكبة الحوار اللبناني.

2017-11-24