ارشيف من :آراء وتحليلات
سلوك السفير الفرنسي لا يعجب التونسيين!
تونس روعة قاسم
يثير السفير الفرنسي بتونس أوليفيي بوافر الكثير من الجدل أينما حل ركبه بأرض الخضراء التي ما زال كثير من أهلها يتحسسون من مستعمرهم السابق. ويسعى "مبعوث الإليزيه" إلى العاصمة التونسية إلى الظهور بمظهر المتواضع المحب لتونس وأهلها، لكنه لم يفلح على ما يبدو في إعطاء هذا الإنطباع رغم الجهود المبذولة.
سلوك شعبوي
لقد صنفت أغلب تحركات السفير الفرنسي التي بدا للبعض أنها محاولات للتقرب من التونسيين، في خانة السلوك الشعبوي الذي لا فائدة ترجى من ورائه. ودعاه كثير من التونسيين إلى الكف عن هذه الأعمال الصبيانية المكشوفة للجميع خاصة وأن العلاقات بين تونس ومستعمرها السابق واضحة ويعرف كل طرف فيها حدود وإمكانيات الآخر وما المطلوب منه تحديدا.
ومن تحركات السفير الفرنسي المثيرة للجدل تجواله في الأسواق الشعبية مع عموم التونسيين وشراؤه لمنتوجات فلاحية تونسية تجد صعوبات ترويجية. وأيضا تناوله للأكلات الشعبية التونسية في أماكن "خطيرة" على الديبلوماسيين أمثاله والتقاط صور مع هذه الأكلات وترويجها في شبكات التواصل الإجتماعية للظهور بمظهر من "يأكل الطعام ويمشي في الأسواق".
السيادة الوطنية
كما شجع السفير الفرنسي المنتخب التونسي لكرة القدم في مباراته الأخيرة في التصفيات المؤهلة للمونديال وعبر عن سعادته بتأهل تونس للمونديال.
وتساءل البعض في هذا الإطار ما موقف هذا السفير لو تم تعيينه في دولة كان منتخبها منافسا لتونس في التأهل لمونديال روسيا؟ هل سيعبر عن ندمه ويصبح مشجعا لدولة الاعتماد الجديدة؟ ألم يكن من الأجدى لو حافظ على حياده الديبلوماسي؟
ولعل القطرة التي أفاضت الكأس هي ذلك التصريح الذي جاء فيه أن مدينة صفاقس (عاصمة الجنوب التونسي) عانت من التهميش خلال العهود السابقة، فاعتبر ذلك مسا بالسيادة الوطنية وأثار انتقادات واسعة. حتى أن أحدهم علق غاضبا بما مفاده أن تدخل السفير الفرنسي في الشؤون التونسية يبيح للتونسيين في إطار المعاملة بالمثل التدخل في الشأن الفرنسي ومساندة من يطالبون باستقلال كورسيكا عن فرنسا خاصة وأن الجزيرة الأقرب إلى الأراضي الإيطالية عانت كثيرا من تهميش السلطات الفرنسية.
الأحزاب على الخط
يرى كثير من الخبراء والمحللين أن غضب أحزاب سياسية تونسية من سلوك السفير الفرنسي كان أمراً متوقعاً خاصة مع ما عرف عن بعض هذه الأحزاب من نزعة استقلالية ودفاع مستميت عن السيادة. فيما التزمت أحزاب أخرى الصمت لحسابات سياسية ومصالح يعرفها القاصي والداني.
ومن بين الأحزاب المنددة، التيار الشعبي ذو التوجهات القومية، الذي دعا مع أحزاب أخرى الحكومة إلى وضع حد لتصرفات السفير الفرنسي الذي تجاوز برأيها الأعراف والقواعد الديبلوماسية. كما حملت هذه الأحزاب الحكومة مسؤولية استهتار ديبلوماسيين أجانب بالسيادة التونسية لأن تونس دولة مستقلة وليست تحت وصاية أية جهة خارجية.