ارشيف من :آراء وتحليلات

زيارة وفد مجلس اللوردات البريطاني والكنيسة الإنكليكانية إلى سوريا: دمشق تنجح مجددا في إيصال رسائلها

زيارة وفد مجلس اللوردات البريطاني والكنيسة الإنكليكانية إلى سوريا: دمشق تنجح مجددا في إيصال رسائلها


محمد عيد
تعامى الغرب طويلا عن حقيقة ما يجري في سوريا، وكان تبني الأفكار المسبقة ديدن الخطاب السياسي في الدول الغربية التي يفترض أن يحكمها التنوع السياسي. لكن دمشق عرفت كيف تسوق مظلوميتها عبر فتح أبوابها لسياسيين ونواب وزعماء روحيين وقادة مجتمع مدني في الغرب قادهم الفضول بداية لمعاينة الواقع السوري عن كثب قبل أن تدفعهم سطوة المشاهدات المغايرة لما كانوا قد سمعوه مسبقا لتغيير أفكارهم بشكل نسبي، قبل أن يصلوا إلى مرحلة تبني الخطاب الرسمي للحكومة السورية ويكونوا رسلها المؤتمنين إلى مجتمعاتهم وبقية العالم..
آخر تجليات كسب دمشق لمعركة الحقيقة تبدى في زيارة وفد مجلس اللوردات البريطاني والكنيسة الإنكليكانية إلى العاصمة السورية ولقاءاتهم الغنية هناك مع المسؤولين السوريين والفعاليات الشعبية والمدنية، ليسجل الوفد الزائر مواقف لافتة ستصرف حتما في السياسة طال الزمن أم قصر.
"سوريا تتعرض لحرب بالوكالة بشنها عدد من الدول عليها وآخر ما يهم هذه الدول هو مصلحة الشعب السوري". لم يكن هذا تصريحا لمسؤول سوري بل كان موقفا سجله من دمشق رئيس مجلس اللوردات البريطاني والكنيسة الإنكليكانية أندرو آشداون الذي تجول في العاصمة السورية برفقة الوفد ليَهولهم البون الشاسع بين ما سمعوه وما رأوه بأعينهم.
وأشار رئيس الوفد إلى ما سماه تغيرا في الرأي العام البريطاني تجاه الأحداث في سوريا فلم يعد أحد يصدق الرواية الإعلامية المنتشرة حول الأحداث مبينا أن هدف الزيارة هو الإصغاء إلى الناس ونقل حقيقة ما يجري إلى العالم الذي اصبحت سوريا بصمودها مثالا يحتذى بالنسبة إليه.
وشدد آشداون على أن ما يصبو إليه الوفد بعد عودته هو إقناع الساسة البريطانيين بتغيير موقفهم تجاه الأزمة في سوريا معتبرا أن الوقت قد حان ليصغي المجتمع الدولي لرغبات الشعب السوري.
موقف آشداون هذا تقاطع مع موقف العضو المستقل في مجلس اللوردات البريطاني كارولاين كوكس التي أعربت لـ"موقع العهد" عن أملها في أن تتمكن من الضغط على حكومة بلادها من أجل تغيير موقفها من الأزمة في سوريا موضحة أن شيئا من هذا القبيل قد بدأ بالحصول على خلفية النقاشات التي أجراها البرلمان البريطاني والتي لوحظ فيها "تغير الآراء ووجود المزيد من التعاطف والتفهم لما يريده الشعب السوري".
وأوضحت كوكس أنها معنية الآن بأن تنقل إلى برلمان بلادها حقيقة أن السياسة الخارجية البريطانية حاولت "فرض التغيير" بما لا يتطابق مع رغبات السوريين مبدية سخريتها من مصطلح "المعارضة المعتدلة غير الموجودة أصلا" في سوريا والتي حاولوا فيها تكرار المأساة كما حصل في العراق وليبيا.
لقاءات الوفد البريطاني لم تقتصر على المسؤولين السوريين بل تعدتها إلى لقاء الفعاليات الروحية المسيحية والإسلامية والمنظمات الشعبية والمدنية في سوريا حيث أصغى الوفد جيدا لكلام الناس الذين استفاضوا في الحديث عن تزييف الحقائق الذي امتهنه الغرب جيدا تجاه الأحداث في سوريا والتنكر لمآسي الشعب السوري باسم الدفاع عنه وعن حريته.
رئيس لجنة الشؤون العربية والخارجية والمغتربين في مجلس الشعب السوري الذي رافق الوفد البريطاني في جولاته الرسمية والشعبية أكد لـ"موقع العهد" عن اعتقاده بأن "الشعوب هي التي تفرض على ممثليها في هذه البرلمانات الانتقال إلى سوريا لجلاء الحقيقة، فبعد سبع سنوات من الحرب على سوريا تبين أن هناك ما يفتقده الشعب في الدول الأوروبية من أجل معرفة الحقيقة التي نقلت إليهم عبر وكالات الأنباء التي شوهت ما يجري على الأرض في سوريا، والآن كل هذه الوفود التي تأتي إلى سوريا تنشد معرفة الحقيقة وما تريده سوريا بعد الحرب التي باتت في نهاياتها".
ما كان لافتا في زيارة وفد مجلس اللوردات البريطاني والكنيسة الإنكليكانية هو انبهارهم بالتنوع الروحي والثقافي السوري وانسجامه فيما بينه وحرصهم على أن سوريا من البلدان القلائل في العالم التي حافظت على هذا "الإتساق الحضاري الغني" وأن الكارثة التي يفتعلها الغرب تكمن في عدم استيعابه لعواقب ضرب هذا النموذج الراقي في الحياة الإنسانية التي تشهد اليوم أبشع فصولها الدموية.

2017-11-30