ارشيف من :آراء وتحليلات

مبادرة للم شمل المقاومات المشتتة قبل المعركة الكبرى

مبادرة للم شمل المقاومات المشتتة قبل المعركة الكبرى

إيهاب شوقي (كاتب عربي من مصر)
السؤال الذي يجب ان يفرض نفسه على الساحة حاليا وتنبغي له اجابة عاجلة هو: مع من تتحالف المقاومة؟
وهو سؤال مرتبط بالأساس بالرهات السياسية على القوى والتيارات الرسمي منها والشعبي.
ولماذا العجلة واجبة؟ باختصار، لان المرحلة دقيقة وحاسمة والمعركة الوجودية على الابواب ولان مراحل الفرز والرهان على الوعي والضمائر والقيم، بل وعلى التجارب وبالتالي الخيارات السياسية البرجماتية، قد استنفذت ولا سيما في السنوات السبع الأخيرة.
ولمزيد من التوضيح قطعا للطريق على الالتباسات والغموض، فإن الخداع وتزييف الوعي الذي اصاب قطاعات عديدة منها قوى وتيارات سياسية، لم يعد له مجال بعد الاصطفافات العلنية مع الصهاينة، وكذلك الرهان على تيارات بعينها وفقا لشعاراتها المعلنة برغم تعارض ممارساتها لم يعد صالحا ولا مقبولا ولا آمنا.

مبادرة للم شمل المقاومات المشتتة قبل المعركة الكبرى


من سوء الحظ ان قوى المقاومة العربية ابان المد القومي العربي لم تجتمع مع المقاومة الاسلامية في ايران وفي لبنان وفي اليمن.
بل شكلت ايران الشاه والرجعية اليمنية المتحالفة مع ال سعود خنجرا في خاصرة القومية العربية وتحالفت مع الامريكان والصهاينة ضد المقاومة.
وعندما انتهى المد القومي نهاية مأساوية بخروج مصر من الصراع كطرف محارب لا كطرف مستهدف، لم تبق الا بؤر مقاومة عربية متناثرة بعضها في الانظمة واكثرها في قوى سياسية وفصائل مسلحة.
وبعد قيام الثورة الاسلامية ورفع شعار المقاومة عبر اعتبار امريكا شيطانا اكبر واعتبار "اسرائيل" العدو الرئيسي، كانت هناك اجواء اخرى عربية وتغيرات وتبدلات افرزت نظما ترث القومية اسما والرجعية والتحالف مع الاستعمار ممارسة.
وكان النظام السوري من الانظمة القليلة النادرة التي لم تفرط بالثوابت العربية سواء على مستوى التحالفات الرئيسية او على مستوى دعم فصائل المقاومة، وبرغم اي هفوات وبرغم اي اختلافات ثانوية حول بعض السياسات، الا ان المحصلة العامة هي محصلة مشرفة تكللت وازدانت وتأكدت اصالة النظام بالحرب الامريكية الصهيونية والتي التحقت بها كل الذيول للقضاء على النظام السوري المقاوم.
بينما التحقت انظمة اخرى وفصائل اخرى بمشاريع اخرى واستبدلت في محطات كثيرة المقاومة بالمقاولة، ووجدنا تيارات ناصرية وبعثية تلتحق بالسعودية وتتكلم بذات الخطاب الطائفي وتعيد استخدام تكتيكات ناصرية كانت موجهة بالاسس ضد الشاه، لتستخدمها ضد ايران مثل قضايا الاحواز وغيرها.
متى كانت القومية العربية عنصرية او موجهة ضد الفرس او الاتراك، انها كانت قومية حضارية ووسيلة للتكتل ولم شتات المقاومات في مقاومة كبرى للقضاء على الاستعمار.
من حول القومية العربية لوسيلة وتكتل ضد المقاومة وخدمة الاجندة الاستعمارية؟ انهم بلا شك من كفروا عبد الناصر ونادوا في السابق بـ"حلف اسلامي" لمواجهة القومية وضموا اليه عملاء الاستعمار في ايران وتركيا، بينما اليوم يحاربون "الوحدة الاسلامية" بشعارات قومية عربية لاستبعاد ايران المقاومة ولتشكيل حلف مشترك مع الصهاينة لحماية "امن الخليج"، هذا المصطلح الذي تم تعميمه كمرادف للامن القومي العربي وعلى كل فهو يعكس الحقيقة المأساوية للوضع والذي اصبح به العرب الرسميون مجرد تابعين للملوك والامراء في الخليج.
في اليمن اصبحت المقاومة اسلامية بينما التفريط والتبعية لال سعود يلتحف بشعارات عروبية، بينما "اسلاميون" اخرون يحاربون بغطاء جوي امريكي وبامدادات استخباراتية ولوجستية صهيونية، وجماعات اسلامية سياسية توفر غطاء لهم وتنتظر الرضا الخليجي كي تهرول نحوه كجماعة الاخوان والتي تتراوح مواقفها تبعا لمواقف الاخرين منها!
وبنظرة على اليسار، فهناك مقاومون وهناك خدام للصهاينة سواء عبر تمويلات مشبوهة او عبر اطروحات فكرية شاذة تخدم الهدف الاستعماري بقصد او بغير قصد.
بينما الليبراليون في واد اخر امريكي لا تجدي معه مناقشة ولا رهان عليه في قضايا الصراع وتناقضاته الرئيسية او الثانوية.
ان القوى السياسية الرئيسية بعضها حي ومقاوم وبعضها جامد وبعضها مرتزق.
والمرتزق والجامد لا رهان عليه وهو موجود بكافة التيارات وتعرفهم من لحن القول عند الحديث على الصراع وطبيعته وعند استعراض الفهم للقومية وللقوى الدينية ووضعها في سلة واحدة وغير ذلك من التهافت والسخف.
بينما الرهان الحقيقي على القوى الحية في كافة التيارات.
ان من الاخطاء التي وقعت بها المقاومة في السابق سواء معسكر المقاومة العربية او معسكر المقاومة الاسلامية ان المعسكرات انحازت لشبيهاتها، فلربما استبعد جمهور المقاومة العربية او اهمل  تيارات دينية مقاومة بصدق والعكس قد حدث، فقد استبعد جمهور المقاومة الاسلامية او اهمل تيارات عربية ويسارية مقاومة بصدق.
وبينما وجد المعسكر العربي انه مخترق بالمرتزقة، فقد اكتشف المعسكر الاسلامي ذلك ايضا.
والان لا بد وان يحدث تكتل للمقاومة بكافة تياراتها تحت شعار واحد فارز وهو المقاومة للاستعمار واعوانه واتباعه واذياله.
ويجب الا تستبعد اي قوة سياسية ترفع راية العداء للامريكان والصهاينة والرجعية العربية.
لطالما التحقنا بشعارات وحدة اليسار المقاوم ولطالما التحقنا بشعارات الوحدة الاسلامية، وقد كشفت الاحداث ان جميع المعسكرات مخترقة بالمرتزقة او العنصريين او الطائفيين او اصحاب الاطروحات الشاذة  المتكلفة المتفلسفة والتي ادت للتشرذم والانحراف عن طريق المقاومة.
الرهان الان ليس على الترضية او على الامل في الهداية او التوسم في اي قوة او طرف انه سيعود للحق وللمقاومة لاننا على ابواب معركة لا في مرحلة اعداد طويل النفس لها.
الرهان على جمع وتكتيل كل انصار المقاومة تحت مشروع واحد، ولا شك ان المرتزقة لن يلتحقوا ولا ينبغي ان يلتحقوا به، ويبقى الرهان على كل جامد او كل متفلسف ان يأتي لاحقا ان اراد.
اننا ندعو لمبادرة عاجلة تحت شعار المقاومة دون وسم او ايدلوجية او لافتة سياسية؟
هذه المبادرة هي من تجمع الناصري واليساري والاسلامي من مختلف الديانات والمذاهب والاعراق، وهذا الشعار كفيل بجذب كل متخندق تائه في خندقه وتياره وعلى وشك الكفر بمبادئه وسط ما يراه من تناقضات الشعار مع الممارسة.    

 

2017-12-04