ارشيف من :أخبار لبنانية
لبنان يدفن الفتنة والحكومة تبلغ الخاتمة السعيدة
كثيراً ما يُحكى في الصالونات السياسية عن حكمة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون التي وأدت فتنة 4 تشرين الثاني المصدرة من الخارج الى لبنان. أكثر من شهر على الأزمة، وماكينات الرئيس عون "التوفيقية" لم تهدأ. الرجل قطع وعداً على نفسه بأنه لن يهنأ له بال، قبل عودة الأمور الى ما كانت عليه قبل تاريخ الاستقالة الصدمة. وها هو اليوم، يُنفّذ وعده، بمشاركة كافة الأفرقاء السياسيين. رئيس الحكومة سعد الحريري الذي نزل عند رغبة "بي الكل" بإعلانه التريث منذ أسبوعين، يعود اليوم عن هذه الاستقالة، بعد مباحثات بدأت السبت الماضي وتكثّفت وتيرتها في الساعات الأخيرة على خطوط بعبدا، عين التينة، حارة حريك، كليمنصو وبيت الوسط، وفق ما تؤكّد مصادر سياسية رفيعة. مباحثات تمخّض عنها بيان أعاد التأكيد على خطاب القسم، البيان الوزاري، واتفاق الطائف. تكشف المصادر أنّ مسوّدة البيان وضعها رئيس الحكومة سعد الحريري، فيما أجري عليها بعض التعديلات لتتلاءم مع رغبة مختلف الأفرقاء السياسيين، وهو ما عبّد الطريق أمام جلسة حكومية استثنائية أعلن فيها الحريري عودة الحياة برئاسته الى مجلس الوزراء، وبذلك بلوغ الخاتمة السعيدة.
الجلسة التي استمرّت حوالى الساعة والنصف، تلا عقبها رئيس الحكومة بياناً أعلن فيه "أن الحكومة تلتزم بما جاء في خطاب القسم لفخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من أن لبنان السائر بين الألغام لا يزال بمنأى عن النار المشتعلة حوله في المنطقة بفضل وحدة موقف الشعب اللبناني وتمسكه بسلمه الأهلي. من هنا ضرورة ابتعاد لبنان عن الصراعات الخارجية ملتزمين احترام ميثاق جامعة الدول العربية وبشكل خاص المادة الثامنة منه مع اعتماد سياسة خارجية مستقلة تقوم على مصلحة لبنان العليا واحترام القانون الدولي حفاظا على الوطن ساحة سلام واستقرار وتلاق".
وأضاف الحريري "ستواصل الحكومة تعزيز العلاقات مع الدول الشقيقة والصديقة والتأكيد على الشراكة مع الاتحاد الاوروبي في إطار الاحترام المتبادل للسيادة الوطنية كما تؤكد التزامها بالقرارات الدولية كافة بما فيه قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 وعلى استمرار الدعم لقوات الأمم المتحدة العاملة في لبنان".
وتابع رئيس الحكومة "وفي ضوء هذا التأكيد يقرر مجلس الوزراء التزام الحكومة اللبنانية، بكل مكوناتها السياسية، النأي بنفسها، عن أي نزاعات أو صراعات أو حروب وعن الشؤون الداخلية للدول العربية، حفاظاً على علاقات لبنان السياسية والاقتصادية مع اشقائه العرب".
وأردف "ان مجلس الوزراء يجدد تمسك الحكومة باتفاق الطائف ووثيقة الوفاق الوطني ولا سيما البند الثاني من المبادئ العامة التي تنص على ان "لبنان عربي الهوية والانتماء وهو عضو مؤسس وعامل في جامعة الدول العربية وملتزم بمواثيقها كما هو عضو مؤسس وعامل في منظمة الأمم المتحدة وملتزم بميثاقها، وهو عضو في حركة عدم الانحياز"، لافتاً الى أن مجلس الوزراء يتطلع بناء على ذلك إلى أفضل العلاقات مع الأشقاء العرب وأمتنها بروح الروابط التاريخية التي تجمع بين دولنا وشعوبنا.
وفي النهاية، أعلن الحريري عن شكر مجلس الوزراء لرئيسه على عودته عن الاستقالة.
الرئيس عون
وكان رئيس الجمهورية قد تحدث في مستهل الجلسة عارضاً بالتفاصيل المراحل التي قطعتها الأزمة بعد استقالة الرئيس سعد الحريري، وشرح بالتفاصيل المواقف والاتصالات سواء على الصعيد الداخلي أم مع السلك الدبلوماسي، مشيرا إلى أنّ الهمّ كان استيعاب الوضع في الداخل وتأمين عودة الحريري
وأشار الرئيس عون الى مروحة التشاور التي قام بها مع جميع الأطراف وقادة دول العالم، قائلاً "ان موقفنا في الازمة الاخيرة انطلق من عدم قبولنا بأن تمس اي سلطة في العالم كرامتنا، لأنّنا نعتبر أن لا وطن صغيراً ولا وطن كبيراً، بل الكل يجب أن يكون متساوياً في العزة والكرامة".
وأكّد أنّ "موقف لبنان كان موقف مواجهة لما حصل وأن وحدة اللبنانيين تبقى الأساس لحماية الاستقرار في البلاد".
كما كان للحريري كلمة داخل الجلسة، شكر فيها الرئيس عون على ادارته الحكيمة للأزمة والجهود التي شاركت فيها مكونات الحكومة لحماية الاستقرار، وعرض لعودته الى لبنان، ولقائه بالرئيس عون وعرضه عليه الاستقالة ومن بعدها تجاوبه مع التريث للإفساح في المجال أمام الجهود لحماية البلد.
وقال "نحن كحكومة مسؤولون عن حماية البلد من المخاطر التي تواجهه"، آملاً أن "تشكل الجلسة فرصة جديدة للتعاون وحماية لبنان لا سيما وأن المنطقة تغلي والأمر يحتاج منا أن نتحمل المسؤولية لا سيما واننا رفضنا جميعا السير وراء شعارات تستهدف جر الفوضى الى لبنان".
ودعا الحريري الى "العمل لتجنيب البلاد صراعات المنطقة والمحافظة على الاستقرار، لافتا الى ضرورة عدم التدخل في شؤون دول شقيقة او صديقة او التهجم عليها في وسائل الاعلام"، مضيفاً "علينا أن نضع مصالح لبنان واللبنانيين اولا وان نعلن قرارنا بالنأي بالنفس قولا وفعلا، وأضاف "اذا كنا نرفض أن تتدخل اي دولة في شؤون لبنان فلا يجوز بالتالي لأي طرف لبناني ان يتدخل في شؤون الدول العربية وخصوصا دول الخليج، اذ إن مصلحتنا تكمن في حماية علاقاتنا التاريخية مع كل الدول".
وختم الحريري: "الموضوع ليس موضوع مصلحة سعد الحريري بل مصلحة لبنان، والمسألة ليست صحة سعد الحريري بل استقرار لبنان ووحدته ومنعته. كلنا في السفينة نفسها، فإذا غرقت نغرق كلّنا واذا توحدنا تمر العواصف الكبيرة التي تضرب المنطقة ونكون قد نجونا وعلينا ان نكون سوية لحماية لبنان".