ارشيف من :أخبار العدو
هآرتس’: ماذا بعد خطوة ترامب؟
صحيفة هآرتس- عاموس هرئيل
قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمس في خطابه الى حد كبير ما كان ينبغي أن يكون مفروغًا منه: فالقدس عاصمة لـ"إسرائيل"، والولايات المتحدة تعترف بذلك بعد تأخير كبير. بالنسبة لرئيس الوزراء، فإن هذا يمثل معلمًا وإنجازًا سياسيًا كبيرًا، يأتي في فترة صعبة من التحقيقات وعلامات عدم الاستقرار في الائتلاف.
فحص خطوة ترامب سيتمّ على فترتين زمنيتين:
الأولى على المدى القصير، ومرتبطة بإمكانية أن يؤدي ذلك إلى زيادة كبيرة في العنف في القدس والمناطق، والى أزمة بين الولايات المتحدة و"إسرائيل" مع الدول العربية التي باتت علاقاتها مع الأخيرة قريبة نسبيًا.
الثانية على المدى الطويل، وتتعلّق بما اذا كان ترامب مُحقًا في خطوته، وإن كسر النموذج الدائم للحذر الأمريكي وأصرّ على الظهور بمظهر الوسيط العادل، فهذا سيُجبر الفلسطينيين على الخروج من المنطقة "المريحة لهم" وبالتالي الموافقة على إجراء مفاوضات سياسية أكثر جدية مما كانت في السنوات الأخيرة.
لقد قال أحمد مجدلاني عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية والمقرب من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لوكالة أنباء "معا" إن جهود السلطة الفلسطينية في أعقاب الخطاب ستجرى عبر عدة قنوات. وقدّر بأن السلطة الفلسطينية ستجدد محاولة قبولها كعضو كامل العضوية في الأمم المتحدة والسعي الى الاعتراف بالدولة الفلسطينية من قبل الدول الغربية الأخرى، وتسريع نشاط BDS لتعزيز جهود المقاطعة ضد "اسرائيل" وتجديد الإجراءات في محكمة العدل الدولية في لاهاي ضد جرائم الحرب المزعومة التي ترتكبها "تل أبيب"، مشيرًا الى أن أعمال احتجاج شعبي غير عنيف ستجري على الحلبة الداخلية".
مع ذلك، فإن التعريف الفلسطيني "للاحتجاج غير العنيف" يميل إلى المرونة نوعا ما. فعلى الغالب، يشمل أيضا مظاهرات عنيفة، بالتأكيد، وإلقاء الحجارة وزجاجات المولوتوف. ومن المرجح أن يتطور ذلك في الأيام المقبلة في القدس الشرقية والضفة الغربية وقطاع غزة. المؤسسة الأمنية ستصغي بشكل خاص الى الأحداث التي ستجري في الأيام القادمة بين عرب 1948 . وسيكون يوم الاختبار القريب، غدا، الجمعة، خلال وبعد الصلوات في المساجد. الطقس البارد والماطر اليوم قد يساعد على تهدئة الأرواح، على الأقل مؤقتًا. لكن المشكلة هي أنه في نهاية الأسبوع من المتوقع أن يتحسن.
هناك علامة استفهام أخرى تتعلق بمدى اهتمام العالم العربي، وحتى الجمهور الفلسطيني، بتحركات ترامب. لقد تراجعت أهمية القضية الفلسطينية بشكل كبير في السنوات الأخيرة على خلفية الاضطرابات في الشرق الأوسط، ولكن كلمة "القدس" لا تزال تثير مشاعر دينية قوية.
بين الفلسطينيين، وعلى النقيض من أزمة البوابات الالكترونية في الصيف الماضي، والتي كان لها هدف محدد (الاستسلام الإسرائيلي وإزالة البوابات الالكترونية) والذي تم تحقيقه بالفعل، فانه من الواضح لهم هنا، أنهم لا يستطيعون إقناع ترامب بالانسحاب. هذا نوع من "الأزمة المفتوحة" بدون هدف واضح أو نهاية، يعتمد اشعالها في الأساس على مستوى الغضب في الشارع. وهذا يرتبط أولا وقبل كل شيء بعدد الوفيات. وكما يعرف في الجيش الإسرائيلي منذ سنوات، فإن الجنازات في المناطق تتبعها المزيد من الجنازات، وإذا أسفرت المظاهرات عن سقوط عدد كبير من الضحايا الفلسطينيين، فستشتعل المنطقة، وسيكون من الصعب إخماد الحريق مع مرور الوقت.
في الاستعدادات الإسرائيلية، يُطرح الكثير كالمعتاد لناحية ردة الفعل على الحدث المتطور خلال عدة ثوانٍ. في موجة "العنف الأخيرة" التي بدأت في القدس والمناطق المحيطة بها في تشرين الأول 2015، احتاج الجيش الإسرائيلي والشرطة والشاباك إلى وقت لاستيعاب التحول في طابع "الارهاب" الذي تحوّل إلى عمليات لأفراد بدلًا من مبادرات "الخلايا المنظمة".