ارشيف من :أخبار العدو
’هآرتس’: انتصار لـ’اسرائيل’ بمعية ترامب
ألوف بن - "هآرتس"
درج منتقدو بنيامين نتنياهو على الادعاء ضده بأن ليست لديه استراتيجية او سياسة باستثناء البقاء في الكرسي، لكنهم مخطئون. لرئيس الوزراء هدف واضح، يسعى لتحقيقه منذ سنوات عديدة: تحطيم الحركة الوطنية الفلسطينية.
سجّل نتنياهو اول أمس انتصارا هاما في صراعه ضد الفلسطينيين، مع تصريح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المرتبط باعتراف الولايات المتحدة بالقدس كعاصمة "اسرائيل" وبداية الاستعداد لنقل السفارة الامريكية من شارع هيركون في "تل أبيب" الى المدينة المقدسة. لم يمنح ترامب شيئًا بالمقابل للفلسطينيين، بل أضعف الالتزام الامريكي لإقامة دولة فلسطينية في المستقبل. وكأن بخطابه صاغه نتنياهو وسفيره في واشنطن رون ديرمر، وهو بالمناسبة نسّق معه بدقة.
نتنياهو هو "رجل الأفكار والرموز"، أكثر بكثير مما هو رجل القرارات والافعال. من ناحيته الاعتراف بالقدس كعاصمة "اسرائيل" أهمّ بكثير من أن تقام فيها آلاف وحدات سكن اخرى في المستوطنات. وهو يتحكم منذ سنوات بجدول الاعمال العام في "اسرائيل" عبر شعارات قابلة للاستيعاب تشكل بعد ذلك أساسًا للبحث الاعلامي، وخصوم نتنياهو أيضًا، الساعون الى كرسيّه، يرددون مواقفه بلا تشكيك، ويسيرون في المسار الفكري الذي رسمه لهم.
هذه المرة انقذ ترامب صديقه الإسرائيلي من مشكلة كبرى: الصراع المتحقق لتحطيم الشرطة ("قانون التوصيات" كلف نتنياهو السقوط في الاستطلاعات، والانباء التي انكشفت عن منفذه السياسي دافيد بيتان، بعثت للمرة الأولى بتلميحات بالتمرد ضد رئيس الوزراء في الليكود، في هذه المرحلة لغير النشر. وعندها جاءت العناوين عن اليوم التاريخي وخطاب ترامب، فاذا بالمشبوه بالفساد يعود الى موقع السياسي والاستراتيجي الذي يتغنى بالتاريخ اليهودي، بالكتب المقدسة وبالكارثة.
يفهم نتنياهو جيدًا بالفعل لعبة القوة الدولية، ويرى أن امريكا تخفف تدخلها في الشرق الاوسط وتعود لتركز جهودها الدبلوماسية والعسكرية على آسيا، مثلما في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي. ويمكن تفسير هذه المسيرة بالرسم البياني الهابط لاسعار النفط، وكذا بالحروب الفاشلة في العقد الماضي في افغانستان وفي العراق، ولكن لم تؤدِ الى منطقة مستقرة وهادئة بل الى فوضى دامية. والرأي العام الامريكي ملّ، والرئيسيان الاخيران – باراك اوباما ودونالد ترامب – طويا بالتدريج العلم الامريكي من المنطقة.
سوريا سلمها الامريكيون للسيطرة الروسية على حساب حليفين قديمين للولايات المتحدة هما تركيا و"اسرائيل". "اسرائيل" تلقّت تعويضًا مزدوجًا: الاعلان الرئاسي عن القدس العاصمة والوعد بان تبقى الضفة الغربية تحت سيطرة اسرائيلية في المستقبل المنظور، طالما امتنعت "اسرائيل" عن خطوات فظة كضم المناطق او المس بالمقدسات الاسلامية في الحرم. اما تركيا فلم تحصل على شيء، وهذا يفسر رد فعلها الغاضب على خطاب ترامب.
يعرف نتنياهو بان وجود "اسرائيل" وأمنها يعتمدان على دعم الولايات المتحدة، ولهذا يخشى الانطواء الامريكي. ولكنه يعرف أيضا ان "اسرائيل" لا يمكنها أن تعيق المسيرة، لهذا يحاول ان يجد فيها فرصة لتحسين وضع "اسرائيل" في مواجهة لا هوادة فيها مع الحركة الوطنية الفلسطينية التي تنازع الحياة. وكان خطاب ترامب فرصة كهذه.