ارشيف من :آراء وتحليلات

ما هي ابعاد واهداف التواجد العسكري الاميركي في سوريا بعد هزيمة داعش؟

ما هي ابعاد واهداف التواجد العسكري الاميركي في سوريا بعد هزيمة داعش؟

شارل ابي نادر
يدور الجدل حاليا في الاوساط السورية والاقليمية والدولية حول التواجد الاجنبي في سوريا بعد هزيمة داعش، وفي الوقت الذي يصوب كل طرف لديه وحدات منتشرة هناك على تواجد وحدات الطرف الاخر، يبدو ان الاعتراض الاكثر تداولا حاليا يتعلق حول تقييم الجدوى والضرورة من بقاء الوحدات الاميركية في الشرق السوري، والتي كان تواجدها بالاساس تحت عنوان التحالف الدولي لمحاربة الارهاب.
بعد ان اصبح الميدان السوري تقريبا محررا بالكامل من داعش، وحيث لا تكتسب المواقع التي ما زالت تحت سيطرة التنظيم اية اهمية استراتيجية، اولا لانها محاصرة ولا تملك اية امكانية للمناورة، وثانيا لانها فقدت عمقها الجغرافي باتجاه العراق بعد سيطرة الجيش العراقي والحشد الشعبي على الحدود، نستطيع ان نقول ان بقاء الوحدات العسكرية الاميركية في سوريا اصبح غير ضروريا بالمطلق، هذا اذا سلمنا جدلا بانها كانت لهدف محاربة الارهاب وتدمير داعش، ولكن يبدو ان لهذه الوحدات اجندة اخرى تختلف بالكامل عن محاربة داعش، والاّ فكان من المفترض ان تبدأ بالانسحاب واعادة انتشارها في قواعدها الاساسية في المانيا او في قطر وغيرها.
بالمبدأ، واذا اعتبرنا ان الوحدات العسكرية الاميركية، ليس فقط في سوريا وانما على امتداد العالم تقريبا، تتطّلع دائما الى منافسة متبادلة مع الوحدات العسكرية الروسية، والامر ليس بجديد، فقد امتد خلال الحرب الباردة بعد الحرب العالمية الثانية وحتى يومنا هذا، ولكن قبل التواجد العسكري الروسي في سوريا نهاية العام 2015، يمكن ان نتكلم عن تدخل عسكري اميركي في سوريا، حصل في منتصف العام 2014 تقريبا بطريقة مباشرة من خلال وحدات جوية ووحدات رصد ومراقبة واستطلاع ومستشارين، بعد ان كان قد سبقه باكثر من عامين تدخل غير مباشر، تمثّل بدعم واسع لمجموعات جرارة من الارهابيين الذين تدفقوا من كافة اصقاع العالم، برعاية وعناية اميركية، وبدعم مادي ولوجستي واعلامي من دول تدور في فلك الولايات المتحدة الاميركية.
من ناحية اخرى واذا اعتبرنا ايضا، ان التواجد العسكري الاميركي في سوريا يدخل ضمن سياسة بسط النفوذ العسكري ومسابقة الروس لامتلاك قواعد جوية وصاروخية، تؤمن لها تفوقا استراتيجيا عالميا، حيث ان طبيعة الجغرافيا السورية مناسبة لذلك بين الشرق والغرب وبين الشمال والجنوب، فان هذه القواعد الاميركية في سوريا لن تكون ذات فائدة او جدوى عسكرية او استراتيجية بوجود القواعد الاميركية في المحيط القريب من سوريا، والتي يمكن ان تُكلف بنفس المهمات العسكرية نظرا للقدرات الضخمة التي تمتلكها، بصواريخها او بقاذفاتها الموجودة في تلك القواعد، ان كان شمالاّ في تركيا (قاعدة انجرليك)، او شرقا في قطر (قاعدة العديد وغيرها) وسلطنة عمان (قاعدة مصيرة)، او جنوبا في الاردن والسعودية حيث لا ضرورة لذكر اسمائها حيث هي كثيرة ومتعددة، او غربا في البوارج وحاملات الطائرات والمدمرات البحرية في المتوسط، وحيث هي في غنى من الناحية المادية والتكلفة الاضافية عن قواعد عسكرية في سوريا، فهي ايضا لا تأمن للداخل السوري، والذي سيبقى دائما غير مواليا او غير مُرَحبِا بتواجدها الذي سيبقى مُعرّضاً امنياً، على عكس الخليج وتركيا، مهما كان الوضع السياسي في سوريا، وذلك لاسباب واسباب.

ما هي ابعاد واهداف التواجد العسكري الاميركي في سوريا بعد هزيمة داعش؟
من اهداف التواجد الاميركي في في الصراع السياسي الداخلي بين الاطراف السورية تقوية فريق على آخر


من هنا واستنادا لما تقدم، وفي استبعادنا لان يكون الهدف من التواجد العسكري الاميركي في سوريا، من ضمن المنافسة الاستراتيجية العسكرية بمواجهة الروس، وايضا في استبعادنا لان يكون هذا التواجد من ضمن السباق الدولي لامتلاك نقاط ارتكاز عسكرية او حيوية بين الشرق والغرب، حيث تمتلك الولايات المتحدة الاميركية الكثير منها قرب سوريا، وبنفس المواصفات والامكانيات، يمكن الاستنتاج بان التواجد العسكري الاميركي في سوريا، بعد ان فرضت الدولة السورية نفسها، وبعد ان برهن الجيش العربي السوري انه الاقوى بمواجهة جحافل الارهابيين المدعومين دوليا، يهدف الى:
- التدخل في الصراع السياسي الداخلي بين الاطراف السورية، وتقوية فريق على آخر من خلال حثِّه على رفع المطالب وسقوف التفاوض.
- الابقاء على التوتر الداخلي وابعاد اي حل ممكن ان تتوصل اليه الاطراف الداخلية.
- منع الجيش العربي السوري من استكمال تحرير ما تبقى من اراضٍ شرقا وشمالا، حيث لم يعد يعيقه في ذلك الا التواجد العسكري الاميركي هناك.
- الاحتفاظ بنقاط ارتكاز في الشرق السوري ممكن ان تشكل عامل لاضعاف او اعاقة الترابط الكامل بين محور المقاومة من ايران حتى لبنان مرورا بالعراق وسوريا.
- الامساك بالورقة الكردية وامكانية خلق كانتون لهم، والتهويل الدائم بفرضه بوجه الاتراك والايرانيين والسوريين.
واخيرا ... تبقى كل تلك الاهداف، ودائما كما هي سياسة الولايات المتحدة الاميركية في الشرق وربما في العالم كله، في خدمة اسرائيل وهيمنتها وسيطرتها في فلسطين المحتلة وفي المحيط.

2017-12-16