ارشيف من :آراء وتحليلات
’تيار المستقبل’ شمالاً: حان وقت التغيير النيابي
محمد ملص
كما بات معلوماً لكل اللبنانيين، أن ما قبل الاستقالة الإجبارية، للرئيس سعد الحريري، ليس كما بعدها، إذ ان كثيرين يعتقدون أن ما حدث مع الحريري في السعودية كان نقطة تحول جديدة في حياته السياسية والشخصية، وهي من دون شك سترخي بظلالها مستقبلاً، على كل الأحداث السياسية بما فيها الانتخابات النيابية.
يوماً بعد يوم تتكشف وقائع وأفعال ارتكبت ابان احتجاز الحريري في الرياض، وهو ما شكل لدى الحريري تخمة في المعلومات، دفعته الى التهديد بـ"بق البحصة" يوماً ما. الا أن المؤكد اليوم، هو أن "المستقبل" يتجه الى اتخاذ وضعية جديدة داخل التيار أولاً، وفي علاقاته مع حلفائه السابقين، وهو ما سيكشف عنه شكل التحالفات الانتخابية التي بدأت بالظهور ثانياً.
وفيما يبدو أيضاً، ان التغييرات الكبرى في تيار المستقبل، ستشمل عدداً ليس بقليل من نواب كتلة المستقبل، الا ان التغيير الأكبر، يتوقع أن يكون من نصيب محافظتي الشمال وعكار، حيث سيستبعد عددا من النواب عن كراسيهم، فيما تشير مصادر في تيار المستقبل لـ"موقع العهد" الى ان "التغيرات الطارئة هي لسببين، الأول أن الرئيس الحريري يريد التخلص من طاعنيه والمستفيدين على حساب تياره، وثانياً هي الرغبة القوية للرئيس الحريري في ضخ دماء جديدة وفعالة في شرايين تياره الأزرق".
طرابلس: تغييرات طفيفة؟
بحسب آخر انتخابات جرت عام 2009، فقد استطاع تيار المستقبل الفوز بـ 5 نواب من أصل 8، وهم: "سمير الجسر، محمد كبارة، بدر ونوس، سامر سعادة، روبير فاضل"، حيث إن التغيير الأول سيطال النائب عن المقعد الماروني سامر سعادة، المحسوب على الكتائب، وهو سيكون أول المغادرين من لائحة المستقبل، والمتوقع ان يشغل مكانه مرشح للتيار الوطني الحر، أو تيار المردة، وهو امر بات مرهوناً بالتحالفات القادمة. وينسحب الأمر نفسه على المقعد الأرثوذكسي الذي شغله النائب المستقيل روبير فاضل.
أما بالنسبة للمقعد العلوي، والذي أصبح شاغراً بعد وفاة النائب بدر ونوس، فيدرس المستقبل العديد من الخيارات والأسماء المطروحة، لكن الأكيد أنه لن يستطيع تخطي الكتلة العلوية المتواجدة في جبل محسن وبالتالي هو مجبر على اختيار أحد الأسماء التي تلقى قبولأ واضحا من أهل جبل محسن.
وفي ما خص المقاعد السنية الخمسة في طرابلس، يعاني المستقبل من تخمة في الأسماء المطروحة، بالإضافة الى وجود منافسين أقوياء على الساحة وهم: "الرئيس نجيب ميقاتي، ومحمد الصفدي وفيصل كرامي وأشرف ريفي"، وهو ما يضع المستقبل امام أزمة في طرح مرشحيه، ولكن الأكيد، هو بقاء الوزير محمد كبارة، وسمير الجسر، فيما يطرح "منسق تيار المستقبل في طرابلس ناصر عدرة، والنائب السابق مصطفى علوش، كمرشحين جديدين عن التيار .
المنية – الضنية: تجديد كامل
يتمثل قضاء المنية الضنية، بثلاثة نواب سنة، وقد استطاع تيار المستقبل في انتخابات 2009 الفوز بالمقاعد الثلاثة، لكن وبعيد إقرار القانون الانتخابي الجديد، يعيد تيار المستقبل صوغ حساباته الانتخابية بدقة كبيرة، ويحرص على الحفاظ على مقعدين من أصل ثلاثة على الأقل.
التغيير في نواب المنية - الضنية، يرتكز على كثير من المعطيات التي تدفع بالرئيس الحريري لإجراء تغييرات جذرية تشمل 90% من نواب هذا القضاء، والذي يشغل مقاعده الثلاثة كل من النائب "أحمد فتفت، وقاسم عبد العزيز، وكاظم الخير". وبحسب معلومات خاصة بموقع "العهد": "فإن النائب عبد العزيز بات خارج الطروحات السياسية، وقد أبلغ من الحلقة الضيقة في تيار المستقبل أنه لن يتم تبنيه في الانتخابات المقبلة".
كذلك الأمر بالنسبة للنائب فتفت، فهو بات من المغضوب عليهم لدى الحريري، وهو قرر الابتعاد بطريقة سلسة وهادئة بعد الاستقالة الفاشلة، وبدأت العلاقة تسوء بين الطرفين، منذ التسوية السياسية التي أدت الى انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، ومعارضة فتفت لقرار تياره، وسرعان ما بدأت الهوة تتسع بين الطرفين، حتى وصلت الى مرحلة الفراق الكلي، بعد التسريبات التي قالت ان فتفت كان من أبرز المشجعين على إقالة الحريري وتغييره. فيما يؤكد العلاقة الجافة بين الطرفين، تغيّب فتفت عن جلسات كتلة المستقبل، وإيفاد نجله لتمثيله بحجة السفر للمشاركة في لقاء أمين عام تيار المستقبل أحمد الحريري الذي زار الضنية قبل أيام.
وهنا تجدر الإشارة الى ان المستقبل سيخسر أحد المقعدين في الضنية لصالح النائب جهاد الصمد، وينافس على بقاء المقعد الثاني في حوزته، ولو اضطره ذلك الى طرح اسم مرشح وسطي قريب من كل الأطياف السياسية في المنطقة.
أما بالنسبة الى منطقة المنية، فالمؤكد أن النائب الحالي كاظم الخير باق في مكانه، كون المستقبل لا يريد أن يدخل نفسه في صراعات عائلية تؤدي الى تشتت أصوات المنتسبين، اذا ما طرح اسم مرشح جديد في المنطقة .
عكار: ملعب المستقبل... لا مكان للنواب القدامى
تشكل محافظة عكار، الأرضية الصلبة لتيار المستقبل، اذ استطاع ابان انتخابات 2009 الفوز بالمقاعد السبعة المخصصة لهذه المحافظة، حيث فازت اللائحة المدعومة من قبله بكل المقاعد، والنواب هم: "خضر حبيب ورياض رحال ونضال طعمة وخالد ضاهر وخالد زهرمان ومعين المرعبي وهادي حبيش" وهم جميعاً من ضمن كتلة المستقبل النيابية.
وكانت السنوات الماضية، قد شهدت اشكالات كبيرة بين نواب المستقبل وقيادتهم من جهة، وبينهم وبين القاعدة الشعبية من جهة ثانية، وبحسب مصادر مستقبلية: "فإن النواب الحاليين لم يكونوا على القدر المطلوب من المسؤولية، إن كان من ناحية الحضور السياسي او المناطقي، أو لجهة العمل على اعادة تمتين العلاقات مع القواعد الشعبية للتيار الأزرق".
وقد بات واضحاً أن أبرز الخارجين من سرب المستقبل، هو النائب خالد الضاهر، الذي تم فصله من كتلة المستقبل، وهو ما انفك من يومها عن مهاجمة الرئيس الحريري، واخر موقف له، اتخاذه منحى معادياً لما عاد به الرئيس الحريري من الرياض، والإشادة بما ارتكبه حكام السعودية بحق الحريري. ومن اللافت أيضاً ان مواقف الضاهر كانت متزامنة مع مواقف اللواء أشرف ريفي، وهو زار الضاهر مؤخراً في منطقته ببنين، حيث يجري التحضير لإطلاق تحالف انتخابي بين الطرفين.
وبحسب المعلومات المتداولة في عكار، فإن التغيير المحتمل سيشمل جميع نواب تيار المستقبل، باستثناء النائب هادي حبيش والذي يحتمل أن يكون مرشحاً على اللائحة المدعومة من التيار الوطني الحر، وينسحب الأمر على باقي نواب الكتلة الزرقاء، بمن فيهم الوزير الحالي معين المرعبي، الذي شكل حالات ازعاج كبيرة للتيار الازرق، وبحسب المعلومات المتداولة، فإن اسم النائب السابق مصطفى الهاشم، هو الطرح البديل للمرعبي.
وتشير التوقعات الإنتخابية، الى أن المستقبل في الدورة الانتخابية المقبلة لن يحظى بالفوز بالمقاعد السبعة، حيث تشهد الساحة العكارية، عودة قوية لنواب سابقين لهم حضورهم السياسي والشعبي، أبرزهم النائب السابق مخايل الضاهر، فيما يحظى النائب وجيه البعريني بوجود لافت في عكار، وهو يعد من أكثر المحظوظين في العودة الى مقاعد البرلمان، بالإضافة الى النائب السابق مصطفى الحسين، المرشح عن المقعد العلوي، والنائب طلال المرعبي، والمرشحين الذين سيسميهم الرئيس عصام فارس.
أمام هذه الصورة الانتخابية، التي لا تزال قاتمة بعض الشيء، يجد المستقبل نفسه مضطرا الى البحث عن تحالفات سياسية وانتخابية جديدة، وستكون أول بوادرها تغيير نيابي يواكب هذه التحالفات، حيث يأمل المستقبليون أن تساعد في الحفاظ على عودة كتلة المستقبل الى الندوة البرلمانية بأقل الخسائر الممكنة، وهو ما سيدفع مستقبلاً بالرئيس سعد الحريري الى إعادة العمل على ضخ دماء جديدة في تيار المستقبل لابرازه بأجمل صورة.