ارشيف من :آراء وتحليلات
’عهد التميمي’ وأخريات ناضلن لأجل فلسطين
في فلسطين لا تُسجّل أعمارُ الأطفال الحقيقيّة على بِطاقات الهويّة، بل يُسجّلها عمرُهم النضَالي الذي يكبرهم بكثير، كحال "عهد التميمي" التي لم تتجَاوز (17 ربيعًا). الفتاةُ الفلسطينيّة التي تحدّت المغتصبين في دارها، وبكلِّ شجاعة صَفعت الجُنديين الاسرائيلين رافضةً تَعديهما على منزلِها، ما آل لاعتقالها فجر الثلاثاء بَعد حملة اعلاميّة محرّضَة ضدّها.
صراخ الطفلة المقاومة، والغضب الذي يحتوي عينيها الصغيرتين الجميلتين، من لا يتذكر هذا المشهد للطفلة الفلسطينيّة الشقراء، التي وقفت بوجه العدو، رفعت قبضتها بوجهه، تدافع عن أرضها وأهلها. ومن ينسى ما التقطته عدسات الكاميرات حين أمسكت بيد الجندي الاسرائيلي بينما كان يحاول اعتقال شقيقها، فحاولت قضم يديه التي تطاولت على أعز الناس على قلبها. الطفلة أصبحت يافعة اليوم، وبعد خمس سنوات ما زالت تحمل ذات الفكر الذي يرفض الخضوع.
"عهد فلسطين"، "حنظلة للشجاعة"، "وأيقونة فلسطين"، تسميات متعددة انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي التي ضجّت بالخبر، فانتشرت صور عهد على صفحات الفيسبوك، وغرّد آخرون مطالبين بحريتها.
مناضلات لا ينساهن التاريخ
عهد هي واحدة من مناضلات كثيرات لا يسعنا إلاّ أن نذكر بطولاتهنّ في الدفاع عن فلسطين. منهن المناضلة عايدة سعد التي قامت بالقاء قنبلة ضد الآليات الاسرائيلية الموجودة أمام مركز الشجاعية 1967، وليلى خالد التي قامت بخطف طائرة شركة العال الاسرائيلية من أجل اطلاق سراح المعتقلين في فلسطين، ولفت أنظار العالم إلى القضية الفلسطينية. وفاطمة برناوي، التي اعتقلت بعد تفجيرها لقنبلة في سينما "صهيون"، كذلك شادية أبو غزالة شهيدة حرب الأيام الستة التي استشهدت أثناء اعدادها لمتفجرة في تل أبيب عام 1968. والشهيدة دلال المغربي التي قامت بتفجير حافلة اسرائيلية عسكرية وقتل جنود اسرائيليين، والمناضلة فتحية عوض الحوراني التي داست الدبابات الاسرائيلية جسدها وهي تحاول الدفاع عن أرضها عام 1974 وغيرهن الكثير.
دور المرأة في الانتفاضة الفلسطينيّة
أدت المرأة دورًا بارزًا في كلّ من الانتفاضات الثلاث. فعلى الصعيد الاجتماعي والسياسي والتنظيمي وحتى العسكري، لم تتوان المرأة الفلسطينية عن الوقوف بجانب أبطال الانتفاضة وساهمت بإنقاذ عدد كبير من الثوار وتهريبهم من السجون، كذلك شاركت بالاعتصامات والمظاهرات وقاومت بكل شجاعة قوات الاحتلال. حتى صرّحت القيادة الاسرائيلية عن مدى خطرها، فسارعت القوات لاعتقال النساء، حتى ملئت الزنازن بالمقاومات.
بالحجارة وبالسكاكين حاربت المرأة الفلسطينية. وتلثّمت تواجه الاحتلال بكل ما استطاعت من قوة. ولعل من أشهر الفلسطينيات التي تحولت إلى رمز في الانتفاضة الثالثة هي الطالبة داليا نصار (25 عاما) التي أصيبت خلال مشاركتها بالمواجهات التي اندلعت قرب مستوطنة "بيت ابل" شمال رام الله.
اسرائيل تخاف من الفلسطينيّات وتقتل بمجرد الاشتباه
يبدو أنّ مقاومة الفتيات والنساء الفلسطينيات للعدو، شكّلت هاجسًا لدى الأخير. ليسارع الكيان الغاصب لاعتقالنّ وقتلهن من دون أي ذنب. فلم تتوان قوات الاحتلال عن اطلاق الرصاص على بعضهنّ بحجة محاولاتهن تنفيذ عمليات طعن، مثل "فاطمة الحجيجي" و"أشرقت طه قطناني"، "أماني سباتين"، "ومرام حسونة" وغيرهن.
ولذلك فإن اعتقال "عهد" قد يشكّل صورة من صور الخوف المتجسد في العدو، فالفتاة التي ترعرت في كنف المقاومة وظهرت في الاعلام العالمي كرمز لذلك، استطاعت أن تهزّ "هيبة" الكيان وتثبت أنّه هشّ لا يخيفه الرجال وحسب، بل يخيفه الأطفال والنساء المناضلات ايضاً.