ارشيف من :ترجمات ودراسات
المواجهة الأميركية -الإسرائيلية
هي ليست المرة الأولى التي يسعى فيها الكيان الغاصب إلى شن حملة دعائية ضد رئيس الولايات المتحدة الأمريكية خاصة إذا كان الأمر يتعلق ب "تجميد الإستيطان".
ففي وقت سابق ، اتهم أحد الحاخامات الصهيونية بوش بمعاداة التوراة بسبب دعوته لتجميد المستوطنات.
واليوم، تتكرر الصورة مع أوباما، ففي وقت بدأ فيه اللوبي الصهيوني تشديد الضغوط على الرئيس الاميركي ، بدأ الإعلام يشارك في حملة لتشويه صورته والادعاء بأن شعبيته بدأت تتدنى تدريجياً بذريعة أن حلوله للأزمة المالية لم تحقق المرتجى وأن الاقتصاد الأميركي لن يتعافى قريباً.
وفي هذا الوقت تم إرجاء زيارة أوباما المرتقبة إلى "إسرائيل" بسبب الضغوط السياسية الشديدة التي يتعرض لها على خلفية الصراع على الإصلاحات في الخدمات الصحية في الولايات المتحدة على حد زعم مصادر في البيت الأبيض.
ولكن في الواقع، ليست هذه الحقيقة، فقد كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية أن المسؤولين في البيت الأبيض أدركوا أن المواجهة العلنية بين الولايات المتحدة و"إسرائيل" حول تجميد الاستيطان تسببت بغضب في "إسرائيل" وحتى بين مؤيدي تجميد أعمال الإستيطان .
الى ذلك ، فقد تصاعدت ايضا مطالب الدول الأوروبية من "إسرائيل" بتجميد الاستيطان خصوصا وان استمرار أعمال البناء في المستوطنات يشكل عقبة أمام تقدم ما يسمى بعملية السلام في المنطقة بحسب رؤيتها ، وكان هذا ما شدد عليه رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل خلال لقائهما مع نتنياهو في لندن وبرلين في الأيام الماضية.
ومن جانب آخر، أضافت "يديعوت" أن مسؤولين في "مجلس الأمن القومي الأميركي" نصحوا أوباما بزيارة "إسرائيل"، ونقلت عن مسؤولين في البيت الأبيض أن النية كانت تتجه نحو زيارة لأوباما إلى "إسرائيل" خلال الشهرين المقبلين بعدما أدرك المقربون منه أنه ارتكب أخطاء خلال الأشهر الأخيرة، أدت إلى انخفاض مثير للقلق في ثقة الجمهور "الإسرائيلي"، بسبب عدم زيارته "إسرائيل" بعد القاهرة في حزيران الماضي.
ويأتي تقرير "يديعوت أحرونوت" مناقضا لمعلومات إسرائيلية أفادت بأن الخلاف بين "إسرائيل" والولايات المتحدة حول تجميد الاستيطان ما زال قائما بسبب عدم تراجع حكومة "إسرائيل" عن موقفها الرافض لتجميد الاستيطان.
وينفي أيضاً معلومات إسرائيلية تدعي أن أوباما يرفض طلبات "إسرائيلية" بعقد لقاء مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو حتى على هامش أعمال افتتاح الجمعية العامة للأمم المتحدة، وذلك بتشجيع من مستشاريه اليهود خصوصا، وبينهم مدير طاقم موظفي البيت الأبيض راحم عمانوئيل، حسبما تزعم المعلومات.
وفي مكان آخر تشير الصحيفة أنه "في هذه الاثناء خفض الأميركيون مستوى المناكفة بينهم وبين إسرائيل وأصبحوا يذكرون المستوطنات بالتزامن مع مطالبة الفلسطينيين بالعمل على وقف التحريض والإرهاب، والعرب بتنفيذ خطوات بارزة في مجال تطبيع العلاقات".
وتتم في هذه الأثناء دراسة إمكانية أن تجري إحدى القنوات التلفزيونية في "إسرائيل" مقابلة مع أوباما عشية أو خلال افتتاح أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تبدأ في 22 أيلول المقبل.
هل بدأ أوباما بالتراجع؟
وفي هذا الصدد قام القنصل "الاسرائيلي" في مدينة بوسطن الأميركية ناداف تامير، ، بتوزيع مذكرة داخلية تسربت إلى القناة العاشرة في التلفزيون الاسرائيلي.
تقول المذكرة الداخلية بأن المواجهة العلنية الاسرائيلية مع واشنطن حول الطلب الأميركي من "تل أبيب" بتجميد عمليات بناء المستوطنات تسبب ضررا إستراتيجيا ل"إسرائيل"، وان ادارة الرئيس أوباما والبيت الأبيض متورطان.
وفي تلك المذكرة أيضا ، حذر "تامير" بأن اسلوب المواجهة لحكومته تجاه إدارة أوباما تضر بموقف "اسرائيل"، مضيفا بأنه في المسافة التي تم ايجادها بيننا وبين الولايات المتحدة الأميركية، هناك تبعات واضحة لا تحمد عقباها لقدرات الردع "الاسرائيلية".
وفي كلمات لاذعة، ذكر الدبلوماسي "الاسرائيلي" في جزء آخر من مذكرته الداخلية قائلا:
"كانت هناك خلافات باستمرار بيننا وبين المسؤولين الأميركيين، ولكن لم يتم تجاهل التنسيق فيما بيننا. والآن هناك شعور في واشنطن بأن على الرئيس باراك أوباما أن يتعامل مع العناد الذي تتميز به حكومات ايران وكوريا الشمالية إضافة إلي اسرائيل الحليفة!" حسبما ذكر القنصل الصهيوني في مذكرته.
وفي سياق متصل رأى اللوبي الاسرائيلي الأميركي أنه يجب إضعاف الرئيس أوباما بسبب الضغوط الهائلة على "اسرائيل" .
ويستخف زعيم الأغلبية في الكونغرس، ستيني هوير بأوباما قائلاً :
" لاأعتقد ان الاستيطان هو المحك هنا، أو أنه يعيق المحادثات القادمة بين الإسرائيليين والفلسطينيين. طلب الرئيس أوباما وقف إنشاء المستوطنات في المستقبل، ولكن هذه قضية شائكة وصعبة."
"إسرائيل" تتحدى أميركا
ويمكن الإشارة الى سلسلة تحديات قامت بها "اسرائيل" على سبيل المثال لا الحصر وهي:
1- رفض تجميد الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة، ورفض وقف توسيع المستعمرات القائمة ثم ربط الموضوع بمطالبة العرب تسديد الثمن الباهظ سلفاً ومن دون مقابل عبر التطبيع مع "اسرائيل".
2- ذر الرماد في العيون الأميركية بالإعلان عن خطة لإزالة 23 بؤرة استيطانية غير شرعية ثم التحرر من مغبة المضي في التنفيذ لأنه سيثير معارضة صهيونية واسعة ومشاكل للإيحاء بأن "اسرائيل" أوفت بما عليها من التزامات برغم المخاطر وتحويل الأنظار عن حقيقة لا جدال فيها وهي أن جميع المستعمرات الاستيطانية غير شرعية ومخالفة لجميع القرارات الدولية.
3- وقف عمليات لم الشمل بين الفلسطينيين والبدء بتهويد القرى والمدن العربية وتغيير عناوينها وأسمائها الى أسماء عبرية تمهيداً لما يزعم أنه «يهودية دولة اسرائيل» وحصر المواطنية فيها باليهود ما يعني التخطيط للترحيل (الترانسفير) لأكثر من مليون ونصف مليون عربي فلسطيني من أصحاب الحق والأرض والشرعية.
4- إمعاناً في التضليل ومناورة تحويل الأنظار عن القضية الأساس وهي تحقيق السلام الشامل أقدم نتانياهو على تصعيد جديد بالإعلان عن المضي في بناء مساكن للمستعمرين الصهاينة في حي الشيخ جراح في القدس الشريف لنصب فخ لإدارة أوباما، كما ذكرت الصحف الإسرائيلية، ولضمان حشد الدعم الكامل من اليمين المتطرف ومن اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة وغالبية أعضاء الكونغرس باستخدام الكلمة السحرية وهي «القدس»!
يأتي ذلك في ظل استطلاع للرأي نشرته صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية وأجراه مركز سميث للأبحاث، تبيّن أن 51 في المئة من "الإسرائيليين" يعتبرون أن إدارة أوباما مؤيدة للفلسطينيين أكثر من "الإسرائيليين"، فيما رأى 35 في المئة أنها حيادية، في حين رفض 10في المئة التعبير عن رأيهم.
وقد سأل المركز المستطلعين من اليهود "الإسرائيليين" ما إذا كانوا يؤيدون تجميد البناء في المستوطنات لمدة عام كجزء من اتفاق مع واشنطن فأجاب 50 في المئة بـ«كلا» و41 بـ «نعم»، فيما رفض 9 في المئة التعبير عن رأيهم.
وفي وقت سابق أظهر استطلاع للرأي أجرته صحيفة "واشنطن بوست" وشبكة "أيه بي سي نيوز" التلفزيونية أن شعبية الرئيس الأميركي باراك أوباما انخفضت إلى ما دون الـ 50 في المئة، وذلك بسبب القلق بشأن إصلاحات النظام الصحي.
حيث أيّد 45 في المئة من الأميركيين هذه الإصلاحات في النظام الصحي، في مقابل معارضة 50 في المئة من المستطلعة آراؤهم.
كذلك، زاد التشاؤم بشأن الاتجاه الذي تسلكه الولايات المتحدة، إذ قال 55 في المئة من المستطلعين إنهم يعتقدون أن "الأمة تسير على الطريق الخاطئ بشكل خطير، بعدما كانت هذه النسبة 48 في المئة في نيسان الماضي .
بتول زين الدين