ارشيف من :آراء وتحليلات

جمعة الغضب التي انتظرناها بعد سنوات عجاف

جمعة الغضب التي انتظرناها بعد سنوات عجاف

 

منذ سبع سنوات ونحن ننتظر جمعة الغضب الحقيقية... الجمعة التي تنتصر للقضية. مذاك غابت القدس الأبية عن تظاهرات، ما أثمرت إلا إرهابًا يتنامى وما أثمنت إلا قتلاً وتشريدًا. سبع سنوات كان الأحرار في كل العالم ينظرون إلى تظاهرات عمت بلادنا العربية لعلها ترفع شعار النصرة للأقصى لكنها لم تفعل وخابت الآمال.

فرحنا في اسقاط الدكتاتوريات في مصر وتونس، بعد أن أسقط من تعامل مع الصهانية على حساب الأمة وفلسطين وقضيتها، لكن الثورة صودرت من قِبل من يدعم إسقاط القضية، والناس لم تتنبه لأن شعارها ما كان دوما بتوجيه البوصلة إلى المقدسات المنسية.

أراد سيد البراغماتية أن يحّول البوصلة على مدار كل هذه السنوات عن وجهة من يحمل هم هذه القضية، لعله يمحوها من وجدان من رفع رايات تنادي يا قدس إننا قادمون، فكانت وجهة الإرهاب نحو سوريا، وفي كل جمعة خرج بعض أناس لم يرفعوا شعار الانتصار للقضية بل طالبوا باسقاط من رفع لواء العرب دفاعاً عن غزة والضفة والأقصى والقدس الابية.

أرسل الإرهابيون إلى سوريا نيابة عن جنود أميركا وإسرائيل ليسقطوا الشام التي بقيت كأهم قلاع العرب وحصونهم التي تنادي بتحرير فلسطين ومعاداة الصهيونية، وتعطلت عقول قوم عن مقدساتهم الإسلامية، بات همّ الرجال منهم حمل السلاح في وجه إخوانهم بدلاً عن الصهيونية، مع أن بنادقهم كانت كفيلة باحياء أو تحرير فلسطين من الاحتلال الصهيوني الذي عاث فيها فساداً قتلاً وتدميراً على مدى سنوات طويلة لم يلتفت إليها من قال بضرورة محاربة العدو القريب بدل العدو البعيد مع أن أقرب من يكون لهذه المقولة هم الصهاينة لا الطوائف الإسلامية.

سبع سنوات مضت تصادرت بها أحلامنا، وترك المثقف كتابه الذي يحمل صوة الأقصى، ووجه كثيرون بنادقهم نحونا نحن أبناء الأمة العربية، أسقط ابن علي ومبارك فظن العرب الظنون أنهم سيتحولون إلى الدفاع عن القدس، ولكن تم تحويل قضاياهم إلى البحث عن لقمة عيشهم أو حقن دمائهم أو الهروب من داعش وأخواتها. سبع سنوات بحث فيها العرب عن أمنهم واستقرارهم الذي تمت مصادرته، بحثوا فيها عن لقمة عيش للجياع وعن ألعاب لأطفالهم الذين أقعدناهم البيوت لعلهم يأمنون من تفجير هنا أو انتحاريّ هناك. سبع سنوات عجاف بحث فيها أبناء أمتنا عن أصولهم العربية، عن يمنيتهم التي تقتل من قبل العرب، عن شامهم التي تقصف تحت مسميات الاسلام، عن القاهرة التي صودرت من قبل الصهيونية، عن مكة التي يحكمها فرعون جديد عن وعن ولا تنتهي اللائحة.

سنوات عجاف ما أثمرت كادت فيها القدس تضيع وتصادر حقوق الفلسطينيين، سبع مهد بها عرب الخليج للتطبيع والعلاقة مع "اسرائيل"، وأصبحت فلسطين من الماضي، ولولا أن أنتفض الأحرار الشرفاء المقاومون في وجه قرار ترامب لكانت الأمة باقية في سباتها.

لكن لست أقول الشؤوم فقط، فانتظر أيها العربي، فأخيراً أتت جمعة الغضب في فلسطين ولدى شعوب عربية وإسلامية شريفة، لترفع الصوت عالياً أن الجمعة الإسلامية هي منبر الدفاع عن قضايا الاسلام عن مقدسات الأمة لا منبراً للشرخ وتعميماً للقتل ودعماً للإرهاب، هي شرعت ليمتاز الباطل عن الحق وإن الباطل كان زهوقا.

بدأ سيل الجرحى في كل جمعة ومواكب الشهداء الورود عليها تناثرت والزغاريد عادت إيذاناً بالنصر القادم، وعلا صوت الأسرى، شيبًا وشبانًا، وعهد تميمية وأخريات، هذه جمعة الغضب التي انتظرناها كل هذه السنوات مع الأمل الذي يكبر للعام القادم، هذه هي جمعة الغضب التي تنفع الأمة وتوقظ الشعوب وتساند المقاومة في حربها التحريرية، هذه هي الجمعات التي تحشد الشباب ليكون شعار الانتصار الآت "للقدس رايحين.. شهداء بالملايين".

2017-12-29