ارشيف من :آراء وتحليلات
تأكيد العريضي فوز 8 أذار بالانتخابات مبني على استخلاصات شعبية وسياسية
حسن سلامة
كان لافتا ما اعلنه عضو اللقاء الديمقراطي النائب غازي العريضي قبل بضعة ايام من خلال تأكيده ان فريق 8 أذار سيربح الانتخابات النيابية في ايار المقبل، مستبقا بذلك وفق المعطيات التي توصل اليها، اي من القوى والاحزاب السياسية في هذا الفريق التي لم يصل اي منها الى حد تأكيد هذا الامر وهذه الترجيحات.
لكن مصادر وزارية سابقة على معرفة بكثير من المعطيات تلاحظ ان ما قاله العريضي لم يكن مسألة رغبات او موقف بهدف ترجيح هذه الكفة او تلك، انما جاء بناءا على قراءة موضوعية مسندة الى طبيعة التمثيل الشعبي الواسع لمكونات هذا الفريق بكل تلاوينه السياسية والطائفية والمذهبية، ولذا تتوقف المصادر عند جملة معطيات ووقائع لابد ان عضو اللقاء الديمقراطي استخلص نتائجها المتوقعة، واطلق هذا الموقف.
ومن هذه الوقائع الاتي:
أولا- ان قوى 8 أذار حصلت في انتخابات عام 2009 على اعداد من الناخبين اكبر بكثير مما حصلت عليه قوى 14 أذار في حينها، رغم أن الأخير حاز 71 مقعدا نيابيًا، وذلك يعود لطبيعة النظام الانتخابي الذي جرت الانتخابات على اساسه يومها ما ادى الى حرمان قوى 8 أذار من الفوز بنسبة اكبر من تلك التي كان يفترض ان يحصل عليها، بحيث ان كثيرًا من الدوائر كان يفترض ان يحصل فيها فريق 8 أذار على نصف عدد المقاعد، الا انه لم يفوز بأي مقعد رغم حصوله في كثير من هذه الدوائر على ما يزيد عن 49 بالمئة من الاصوات وهذا يعود لاعتماد النظام الاكثري.
ثانيا- ان الحضور الشعبي لفريق 8 أذار بات افضل مما كان عليه في العام 2009، وهو الامر الذي تؤكد عليه الاستطلاعات في الدوائر المختلفة، اي ان الترجيحات تشير الى ان هذا الفريق سيحصل في الانتخابات المقبلة على عدد من الاصوات اكثر مما حصل عليه في آخر انتخابات.
ثالثا- طبيعة قانون الانتخابات الذي يعتمد النسبية، ولو ضمن دوائر متوسطة او اقرب الى الدوائر الصغيرة وايضا يعتمد اللائحة المقفلة والصوت التفضيلي، فالقانون الجديد يمكّن كل طرف او قوة سياسية او تحالف انتخابي من التمثّل في البرلمان انطلاقا من كمية الاصوات التي سيحصل عليها بعد تجاوزه الحاصل الانتخابي، وبالتالي فهذا القانون اكثر عدالة من القانون السابق رغم الثغرات الكثيرة فيه، لأنه لو كانت الانتخابات ستجري على قاعدة لبنان دائرة واحدة ووفق النظام النسبي ومن دون صوت تفضيلي ولوائح مقفلة لكانت النتائج ستكون عندها أفضل بكثير من القانون الجديد من حيث التمثيل العادل لكل مكون من المكونات السياسية.
رابعا- تشتت حلفاء الامس داخل ما كان يسمى قوى 14 أذار، فـ"المستقبل" ليس بوارد التحالف مع "القوات اللبنانية" بعد خيانة رئيسها سمير جعجع لحليفه السابق الرئيس سعد الحريري خلال الازمة التي تعرض لها مؤخرا، يضاف الى ذلك صعوبة حصول تحالفات بين "القوات" وحزب الكتائب أو أطراف مسيحية أخرى لها حضورها الشعبي في بعض الدوائر.
خامسا- ترجيحات حصول تحالف بين التيار "الوطني الحر" وتيار "المستقبل" والنائب وليد جنبلاط في كثير من الدوائر التي سيكون لكل منهم له فيها مرشحون، وحتى امكانية دخول اطراف اخرى الى بعض اللوائح التي ستشكلها الاطراف الثلاثة في بعض الدوائر من قوى 8 أذار، وان كان -بحسب المصادر- من السابق لأوانه الجزم بهكذا تحالفات، لاعتبارات عديدة ليس اقلها ما يتعلق بطبيعة كل لائحة، الى الخيارات السياسية المتصلة بالثوابت الاساسية لقوى 8 أذار.
سادسا- عدم امكانية التأثير الحاسم للعامل المالي في العملية الانتخابية، بعكس ما حصل في انتخابات 2009 حيث لعب الموضوع المالي في وقتها دورا حاسما في ترجيح الكفة لمصلحة لوائح 14 أذار، من خلال ما دفعته السعودية لحلفائها من مئات ملايين الدولارات لتمويل حملاتهم الانتخابية، بينما السعودية اليوم تعاني من ازمة مالية كبيرة ولا تستطيع ان تدفع لحلفائها في لبنان مبالغ كبيرة، عدا عن الأزمة بين الرياض وتيار "المستقبل" جراء ما اقدمت عليه السعودية ضد رئيس التيار سعد الحريري، وكذلك فإن طبيعة قانون الانتخابات الجديد يحّد كثيرا من تأثير العامل المالي، حتى وإن لجأت السعودية الى تمويل "القوات" وآخرين في معاركهم الانتخابية.
من كل ذلك، تقول المصادر انه ورغم تأكيد كل المرجعيات على اجراء الانتخابات النيابية في موعدها، إلا ان المصادر تبدو قلقة من دخول جهات خارجية على خط تعطيل الانتخابات بدءا من العدو الاسرائيلي الى المخابرات الخليجية والاميركية، على اعتبار ان كل هؤلاء قلقون من نتائج الانتخابات وما ستفرزه من نتائج لغير مصلحتهم أومصلحة حلفائهم، وبالتالي لا تستبعد المصادر حصول قلاقل أمنية أو خربطة للوضع الأمني عبر عمليات اغتيال أو ما شابه، وهنا تتوقف المصادر عند الكلام الاخير لوزير الخارجية السعودي عادل الجبير الذي عبرّ عن قلق وانزعاج كبيرين من طبيعة القانون الجديد للانتخابات وحتى الاعلان عن سعي نظامه لتغيير هذا القانون.