ارشيف من :آراء وتحليلات
تساؤلات حول ما أعلنته الامم المتحدة حول تراجع عدد النازحين من دون إثباتات؟
حسن سلامة
تبقى قضية النازحين السوريين إحدى ابرز القضايا المثيرة للجدل والخلاف في الداخل اللبناني نظراً لاستمرار بعض الاطراف الداخلية برفض الحوار مع الحكومة السورية في سبيل الاتفاق على آليات مشتركة تفتح الباب امام عودة تدريجية لهم بكرامة وطمأنينة، وتخفف في الوقت ذاته عن لبنان الكثير من التبعات المالية والاقتصادية، بعد ان تجاوزت أعباء النازحين ما يزيد عن 15 مليار دولار.
الا ان اللافت في هذا الاطار ما صدر من معطيات عن مفوضية اللاجئين المولجة من قبل الامم المتحدة متابعة ملف النازحين، والتي تتحدث عن تراجع كبير في عدد النازحين المقيمين في لبنان خلال الاشهر الماضية، بحدود مئة الف نازح، وفق احصائيات هذه المفوضية التي أعلنت قبل أيام ان العدد الحالي تراجع الى حوالي 975 الف نازح من اصل مليون وسبعين الف نازح، كانت اعلنت الامم المتحدة عن وجودهم في لبنان.
لكن جهات لبنانية معنية بملف النازحين، تؤكد ان ما أعلنته مفوضية اللاجئين لا يعبر عن حقيقة عدد النازحين السوريين على الاراضي اللبنانية، على اعتبار ان هذه المفوضية تغافلت عن كثير من الحقائق التي لم تتعاط معها بالدقة والشفافية المطلوبين منذ ان بدأ النزوح السوري الى لبنان، ومن هذه الحقائق الآتي:
1 _ان هذه المفوضية لم تجر في الفترات السابقة احصاءً دقيقاً لعدد النازحين الفعليين، بل ان هذه الاحصاءات اقتصرت على مخيمات النازحين وعلى السوريين المقيمين في داخل البلدات والمدن اللبنانية الذين كانوا تسجلوا على انهم نازحون، وبالتالي فهناك نقص كبير في احصاء عدد النازحين بحيث جرى تجاهل اعداد كبيرة منهم، إما لانه لم يتم احصاؤهم بشكل دقيق من قبل هذه المفوضية، وإما لأن اعداداً كبيرة من النازحين يقيمون في مناطق مختلفة من لبنان لم يتقدموا لتسجيل اسمائهم لعدم وجود مراكزلهذه المفوضية في مناطق اقامة هؤلاء النازحين.
2 _ان عمليات الاحصاء التي قامت بها مفوضية اللاجئين خلطت بين النازح الفعلي والمقيم لاجل العمل وذلك لخلفيات عديدة. اولها ان الاحصاءات التي قامت بها هذه المفوضية بقيت دون المطلوب، وثانيتها ان هناك خلفيات سياسية تتحكم بعمل هذه المفوضية، وثالثتها تعود الى ما يحصل من عمليات استفادة مالية من جانب العاملين في المفوضية والعديد من الجهات اللبنانية المعنية، حتى ان المصادر تتحدث عن وجود اسماء مسجلة من جانب المفوضية موجودين في الداخل السوري بهدف السمسرة والاستفادة المالية.
3 _ ان عدد السوريين الذين كانوا يقيمون في لبنان قبل اندلاع الازمة في سوريا، كان يصل الى حدود الـ 500 الف عامل سوري، وبالتالي يجب التفريق بين النازح والمقيم من أجل العمل، وهذه مهمة مشتركة من مسؤولية مفوضية الامم المتحدة والحكومة اللبنانية.
4 _ ان التراجع في ارقام النازحين وفق ما صدر عن مفوضية اللاجئين سببه، ليس ان هناك اعداداً كبيرة من النازحين قد عادوا الى سوريا، بل يعود الى ان الجزء الاكبر من الفارق بين الرقم الاخير الذي اعلنته المفوضية وما كانت اعلنته سابقا، يعود الى قيام هؤلاء بزيارات متكررة الى سوريا ومن ثم العودة الى لبنان، وكان جرى تسجيلهم على انهم من النازحين، وهو ما يظهر من خلال بيانات الامن العام اللبناني والسوري.
من كل ذلك، تؤكد المصادر ان "لجوء هذه المفوضية الى الاعلان عن تراجع عدد النازحين، يراد منه تخفيض مبالغ المساعدات العينية والمالية التي تقدمها الامم المتحدة للتخفيف عن لبنان جزءا بسيطا من اعباء هذا النزوح بينما يتحمل لبنان الجزء الاكبر، كما ان الهدف الاخر من وراء هذا الاعلان اعطاء التبريرات لبعض الاطراف الداخلية التي ترفض التنسيق والحوار مع الدولة السورية لاعادة النازحين وللقول ان لا حاجة لهذا التنسيق ما دام ان النازحين بدأوا بالعودة الى بلدهم من دون تواصل بين الدولتين، خصوصا ان الامم المتحدة لم تتحرك لاطلاق خطة من أجل اعادة النازحين، بل انها تعيق اعادتهم بايعاز من الولايات المتحدة في سبيل استخدام النازحين كورقة ابتزاز في وجه الحكومة السورية عندما تنطلق عملية الحل السياسي هناك.