ارشيف من :آراء وتحليلات
تونس والإمارات.. الازمة مستمرة ووثيقة جديدة
خلّف قرار طيران الإمارات بمنع نساء تونسيات من ركوب طائراتها، ورغم التراجع عنه من قبل دولة الإمارات، جرحا لدى عموم التونسيين يصعب نسيانه خاصة وأن الإماراتيين لم يعتذروا على ما بدر منهم. كما أن الطرف التونسي وإلى اليوم لم يعلن عن رفعه للحظر الذي منع من خلاله طيران الإمارات من النزول بالمطارات التونسية.
ويبدو أن فرضية منع التونسيات من ركوب الطائرة الإماراتية لأسباب أمنية، هي الأقرب لتفسير السلوك الإماراتي خاصة بعد تسرّب وثيقة إدارية إماراتية رسمية لإحدى المواقع الإخبارية تؤكد هذه الفرضية. حيث جاء فيها أن هناك معلومات استخباراتية تتحدث عن عزم بعض الجماعات التكفيرية على القيام ببعض العمليات من خلال فتيات وذلك اتقاء للشبهات التي تلاحق الرجال عادة.
الإعتذار وحركة النهضة
ولعل اللافت في هذه الوثيقة هو دعوة جهة رسمية إماراتية لجهة أخرى بعدم الإعتراف بالخطأ وتقديم اي اعتذار رسمي لتونس حتى لا تستفيد حركة النهضة (الإخوانية التونسية) من هذا الإعتذار وتسوّقه على أنه خطأ إماراتي وتمعن في تشويه صورة الإمارات في الشارع التونسي. وهي توصية أجمع جل المحللين على أنها دليل على العداء غير الطبيعي من دولة الإمارات للحركات الإخوانية ظهر في أكثر من بلد عربي.
ويتجلى هذا العداء أكثر في دعوة الوثيقة المسربة إلى دفع أموال لجهات إعلامية وحزبية تونسية لتوجه حملتها العدائية نحو حركة النهضة عوضا عن دولة الإمارات. وتدعو الوثيقة الى تحميل حركة النهضة المسؤولية عن تشويه صورة التونسيين وجعلهم يوصمون من قبل بعض الأطراف الخارجية بأنهم ارهابيون بعد أن كانوا رمزا للحداثة والفكر المستنير.
حالة غليان
وأيا كانت الأسباب فإن الشارع التونسي في حالة غليان من سلوك الإماراتيين، وتجسد الغليان في بعض المظاهر التي يأتيها رجل الشارع البسيط على غرار تشويه لافتة كتب عليها "شارع الشيخ زايد آل نهيان" في منطقة البحيرة. كما لم يتردد التونسيون من التهجم على دولة الإمارات وشركة طيرانها في مواقع التواصل الإجتماعي خاصة وأن التونسيين شرقيون ومهما بلغت درجة انفتاحهم فإن اهانة نسائهم وامتهان كرامتهم يعتبر إهانة لا تغتفر بالنسبة لهم لا يمكن نسيانها بالسهولة التي يتصورها البعض خاصة وأن الطرف الإماراتي يستهين بالإعتذار الرسمي ويحتقر تونس على ما يبدو بالنظر إلى أنها ليست دولة كبرى رغم تاريخها العريق الضارب في القدم ومساهمتها اللافتة في الحضارة الإنسانية منذ العهد القرطاجي.
وفي هذا الإطار يعتبر الباحث في المركز المغاربي للبحوث والدراسات والتوثيق مروان السراي أن "الإهانة التي تلقاها الشعب التونسي من الإماراتيين لم يعرف لها التاريخ مثيلا بين العرب فيما بينهم. وفي طياتها الكثير من الإستهانة بردة فعل التونسيين الذين كانوا وبخلاف توقعات الإماراتيين في مستوى الحدث وعلقوا عمل طيران الإمارات على أراضيهم. كما أن البعض بدأ يحرك إعلاميا ملفات بعض الشركات الإماراتية المفلسة التي نالت أراض في تونس منذ سنوات، بقصد إنجاز مشاريع ولم تر النور إلى اليوم".