ارشيف من :أخبار العدو

’إسرائيل’ تحافظ على ضبط النفس في غزة وتتبنى نهجًا حازمًا على الحدود الشمالية‎

’إسرائيل’ تحافظ على ضبط النفس في غزة وتتبنى نهجًا حازمًا على الحدود الشمالية‎

عاموس هرئيل-"هآرتس"

تبذل "إسرائيل" في الأيام الأخيرة جهوداً ملحوظة لمنع احتدام الوضع في قطاع غزة. سبب ذلك واضح- عدم وجود بديل واضح لسلطة "حماس" والرغبة في استمرار بناء العائق ضد الأنفاق - لكن تنضم إليهم أيضاً اعتبارات إضافية. الاعتبار المركزي بينهم هو ما يتعلق بالساحة الشمالية وتأثير إيران هناك، وهي قضية موجودة الآن في سلم الأولويات الاستراتيجية لإسرائيل.

بالأمس، أمر وزير الطاقة، يوفال شتاينتس، بإعادة تزويد الكهرباء من "إسرائيل" إلى القطاع. واجتمع في الوقت نفسه الكابينت السياسي-الأمني في جلسة طويلة تناولت الوضع على حدود لبنان وسوريا. الأمران مرتبطان، على خلفية انعدام الاستقرار على الحدود، ينبغي على "إسرائيل" أن تدير دائماً عدة أزمات بالتوازي ودرس الأسلوب الذي تتأثر فيه التطورات في احدى الجبهات على الأخرى.

في شهر حزيران/يونيو الأخير قلّصت "إسرائيل" تزويد الكهرباء إلى القطاع، بعد أن قررت السلطة الفلسطينية تخفيف القسط الشهري لتمويل الكهرباء من 40 مليون شيكل إلى 25 مليون في الشهر. في المستوى السياسي والمؤسسة الأمنية لم يتحمسوا من خطوة قيادة السلطة، لكن قرروا التناغم مع رئيس السلطة
محمود عباس. الضغط غير المباشر الذي فرضه عباس على "حماس" آتى أكله: تقليص الكهرباء في القطاع لساعات معدودة فقط في اليوم فاقم الأزمة الإنسانية هناك. هذا كان أحد الأسباب لاستعداد "حماس" للإستجابة لإقتراح المصالحة المصرية والإتفاق، مبدئياً، على نقل صلاحيات مدنية في القطاع إلى السلطة.

في الشمال، يستمر نظام الأسد في استعادة السيطرة على مناطق في انحاء سوريا، على الرغم من هجمات مضادة للمسلحين. المعارك الضارية تدور في منطقة إدلب في شمال سوريا، لكن بالمقابل يستعد النظام أيضاً تمهيداً لإعادة السيطرة على مناطق في جنوب الدولة، بالقرب من الحدود مع "إسرائيل".

تحت غطاء تقدُّم النظام، بدأت إيران بقطف ثمار انتصار معسكر الأسد. شاحنات من إيران تنقل البضائع، وربما الأسلحة أيضاً، عبر "الممر البري" الذي أنشأته طهران من جديد في منطقة العراق وسوريا وحتى دمشق. الإيرانيون يديرون أيضاً اتصالات مع الرئيس الأسد من اجل استئجار قاعدة جوية ومرفأ بحري، وإقامة قواعد لـ"الميليشات الشيعية" وعلى ترخيص من اجل تمركز مقاتلي "الميليشيات" في الجنوب، ليس بعيداً عن الحدود "الإسرائيلية". الأسئلة مصيرية جداً، من وجهة النظر "الإسرائيلية" تتعلق بصناعة الأسلحة الإيرانية.

وقد أعرب مسؤولون "اسرائيليون" كبار ومن بينهم رئيس الحكومة ووزير "الأمن" عن قلقهم من مسألتين: ترميم ترسانة الصواريخ الخاصة بالنظام، التي فرغت كلياً في الحرب مع المسلحين وإقامة مصانع سلاح إيرانية في سوريا ولبنان، حيث سيتم بمساعدتها تحسين قدرة الإصابة الدقيقة للصواريخ والقذائف الموجودة لدى حزب الله. على المدى الطويل ستتمكن ايران بذلك من تهديد الخاصرة الرخوة لإسرائيل- السكان المدنيون من ثلاث ساحات: لبنان وسوريا وغزة، هناك يحصل "الجهاد الإسلامي" وبمستوى أقل أيضاً الذراع العسكري لـ"حماس" على دعم اقتصادي من طهران.

وأملوا في "إسرائيل" بأن يتم التركيز على موجة الاحتجاج التي اندلعت في نهاية شهر كانون الأول/ديسمبر في إيران، وأن يستثمر النقاش الداخلي هناك المساعدة الاقتصادية الضخمة التي ترسلها الحكومة إلى الإرهاب، على حساب المواطنين.

لكن، يبدو حالياً أن النظام نجح في كبح انتشار المواجهات، على الأقل في الموجة الحالية. في الأشهر الأخيرة، بذلت إدارة ترامب مساعٍ لإقناع المستوى السياسي في "إسرائيل" بأن ليس هناك حقيقة للخشية التي أعربوا عنها في تل أبيب، بأن الولايات المتحدة تراجع نفوذها في الشرق الأوسط بعد هزيمة "داعش" وتركت الساحة مفتوحة للهيمنة الروسية والإيرانية. وقرروا في البنتاغون إبقاء قرابة 2000 جندي أميركي في شرق سوريا، لتقييد حرية العمل الإيرانية في الممر البري. وزير الدفاع، الجنرال جايمس ماتيس، يقود خط مناهض لإيران في الإدارة الأميركية، لكن حتى الساعة هو يتلقى دعماً من خلال الكثير من التصريحات مع قليل من الأفعال من جهة الرئيس. من جهة ثانية تحت قيادة ترامب- خلافاً لأيام أوباما- من الصعب رؤية واشنطن تتدخل من أجل تقييد خطوات "إسرائيلية" في الشمال، في حال قرر نتنياهو بأن هذه أنشطة مطلوبة.
 

2018-01-09