ارشيف من :أخبار لبنانية
الازمة السياسية في البلاد.. مكانك راوح
سلطت الصحف اللبنانية الضوء على التطورات السياسية الأخيرة لا سيّما أزمة المرسوم المستمرة، والمواضيع العالقة التي باتت تهدد الانتخابات النيابية المقبلة بحسب ما اعتبرت بعض المصادر اللبنانية الداخلية. كما رصدت الصحف التطورات على الساحة السورية بعد تقدم الجيش السوري في ريفي ادلب وحماه.
الجمهورية: هروب من الأولويات إلى الأزمات… والإشتباك مستمرّ حول «التعديلات»
مرسوم الاقدميات وقانون الانتخاب، وجهان لاشتباك سياسي متفاقم بين بعبدا وعين التينة، والغموض يكتنف السقف الذي سيبلغه مناخ التحدي بين الرئاستين الاولى والثانية. ويبدو انّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ومن معهما، قد بدأوا يتصرفون وكأنّ الاشتباك مفتوح الى أجل غير مسمّى، وساحة المواجهة محكومة بتبادل الإصرار على الموقف من دون إقدام اي من الرئيسين على تراجع يمكن ان يعتبر نقطة تسجّل لمصلحة الآخر، ومحكومة ايضاً بزيت يُصبّ على نار الاشتباك عبر الادلاء بتفسيرات واجتهادات لِما هو قانوني وغير قانوني، وذلك ربطاً بما يحيط مرسوم الاقدميات من تفسيرات متناقضة ومتباعدة جداً بين بعبدا وعين التينة، وكذلك الامر في ما خَصّ قانون الانتخاب الذي يسعى «التيار الوطني الحر» الى إدخال تعديلات عليه، ولا سيما في المادة التي تلحظ البطاقة الممغنطة، فيما يرى بري ان لا حاجة للتعديل لأنّ القانون المذكور استدركَ هذه المسألة خلال إقراره، حيث حدّد البدائل سلفاً باستخدام بطاقة الهوية او جواز السفر في يوم الانتخاب.
في ظل هذا المناخ المتوتر، يبدو انّ فوّهة الاشتباك الرئاسي صارت من الاتساع ما قد يَستولد عناصر توتر إضافية. فالفتيل اشتعلَ مع مرسوم الاقدميات، وسرعان ما تمددت النار الى قانون الانتخابات من باب الخلاف على سلة تعديلات عليه، وليس معلوماً الى ايّ ملف آخر ستتمدّد.
واذا كانت الرئاستان قد سلّمتا ببلوغ مرسوم الاقدميات الحائط المسدود، وكل منهما رمى مسؤولية التراجع عن الخطأ على الآخر، وتمترسا في موقع المتلقّي الذي لا شيء عنده يضيفه على موقفه، فإنّ ساحة القانون الانتخابي باتت مفتوحة على تفاعلات كبيرة، تؤشر اليها الاتهامات المباشرة وغير المباشرة التي يتبادلها الطرفان.
الصورة الرئاسية تعكس انّ عون وبري التقيا على القول إنّ الانتخابات ستجري في موعدها المحدد، ولا عوائق تؤخرها او تمنع إجراءها، حيث قال رئيس الجمهورية: «انّ الانتخابات النيابية ستجري في موعدها وفق نظام انتخابي جديد يعكس الارادة الحقيقية للمواطنين».
امّا رئيس مجلس النواب فنقل عنه «نواب الاربعاء» تأكيده وإصراره على إجراء الانتخابات في موعدها، وشدّد على «انّ محاولات البعض طرح وإثارة بعض الاشكاليات لن تحول دون هذا الاستحقاق».
وفي معرض الحديث عن «الميغاسنتر» قال انه «كان أوّل من طالبَ بالتسجيل المُسبق في حين كان البعض ممّن يطالبون به اليوم أشد المعارضين لهذا الموضوع». واكد انّ «مثل هذه التعديلات اليوم يفتح الباب للإطاحة بالقانون وبالتالي تطيير الانتخابات، وهذا لن نسمح به ابداً».
النهار: لا تبديل ولا تعديل في الاستحقاق الانتخابي
لم يكن "الاشتباك " الانتخابي الذي حصل أول من أمس في اجتماع اللجنة الوزارية المكلفة تنفيذ قانون الانتخاب بمستوى المخاوف المضخمة التي اثارها الى حدود التخوّف على اطاحة الانتخابات النيابية في موعدها في 6 أيار المقبل. ذلك ان المعطيات الجدية التي أكدتها مصادر وزارية وسياسية مطلعة ومعنية لـ"النهار" أمس تفيد أن المناخ المتصل بالاستحقاق الانتخابي مختلف اختلافاً تاماً عن التداعيات التي تركتها ازمة الرئاستين الاولى والثانية وانه من الخطأ تصوير الخلافات في وجهات النظر في شأن خطوات اجرائية محددة في قانون الانتخاب كأنها امتداد للازمة حول مرسوم اقدمية ضباط دورة 1994.
وأفادت المصادر ان ثمة اقتناعاً حاسماً واتجاهاً للدولة بكل مؤسساتها تترجمه الحكومة بالاعداد للانتخابات باعتبارها حاصلة حتماً بقرار داخلي لا يمكن العودة عنه في ظل أي ظروف. ومع ان الخلافات على موضوع البطاقة الممغنطة و"الميغاسنتر" التي شهدها اجتماع اللجنة الوزارية الثلثاء ظلّت عالقة، فان المصادر بدت جازمة بان هذا الخلاف لن يؤثر على قرار اجراء الانتخابات في موعدها كما لن يؤدي الى فتح "مزلق " تعديل قانون الانتخاب الذي اذا فُتح يصعب الى حدود كبيرة التكهن بما قد تؤدي اليه هذه "المغامرة". وتضيف المصادر نفسها انه على رغم التباين الطارئ الذي برز في مواقف بعض القوى من موضوع البطاقة الممغنطة أو التسجيل المسبق للناخبين في مناطق سكنهم، فان ذلك لا يبدل واقعاً مؤكداً هو أن جميع القوى السياسية الممثلة في الحكومة "لا تلعب" بقرار اجراء الانتخابات في موعدها وان الخلاف على هذه النقطة لن يبلغ حدود تشكيل خطر حقيقي على الانتخابات التي لا يملك اي فريق أو طرف مصلحة ولا قدرة على تحمل تبعة التسبب باطاحتها.
أما في ما يتصل بموضوع الخلاف على بند البطاقة الممغنطة فان المصادر قالت لـ"النهار" إن الحل موجود في قانون الانتخاب الجديد نفسه الذي يترك الباب مفتوحاً أمام مرونة كافية للحكومة لاعتماد المخرج ولا يفرض تعديلا للقانون أو العودة الى مجلس النواب لتعديل القانون في شأن ارجاء اعتماد البطاقة الممغنطة. وذكرت في هذا السياق بان المادة 84 من قانون الانتخاب تنص على ان "على الحكومة اتخاذ الاجراءات الآيلة الى اعتماد البطاقة الالكترونية في العملية الانتخابية المقبلة. يجاز للحكومة بموجب مرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح الوزير اجراء التعديلات اللازمة في هذا القانون والتي يقتضيها اعتماد البطاقة الالكترونية ".
وبدا موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري مماثلاً لهذا الاتجاه عندما قال أمام النواب أمس: "انتظرنا ولادة قانون الانتخاب عشر سنوات وهو لا يحتاج الى تعديل ولن ندخل به مجددا الى مجلس النواب ". واذ شدد على اجراء الانتخابات في موعدها، رأى ان "محاولات البعض طرح الاشكاليات واثارتها لن تحول دون هذا الاستحقاق ". وشدد في رد غير مباشر على موقف رئيس "التيار الوطني الحر " الوزير جبران باسيل الذي حذر من الطعن في الانتخابات ما لم يعدل القانون، على ان "مثل هذه التعديلات اليوم يفتح الباب لاطاحة الانتخابات وتطييرها وهذا لن نسمح به أبداً". كما ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون كان اكد من جانبه ان "الانتخابات ستجرى في موعدها ووفق نظام انتخابي جديد يعكس الارادة الحقيقية للمواطنين ".
الاخبار: مسؤولون عونيون: لن ننتخب بري... ولن نعطيه وزارة المال
تستبطِن المعركة بين الرئيسين ميشال عون ونبيه برّي ما هو أكبر من مرسوم. حيث يسود همس في الكواليس العونية عن أهداف تبدأ بانتزاع رئاسة مجلس النواب من برّي ومنعه من الحصول مجدداً على وزارة المال
جرّت أزمة مرسوم منح الأقدمية لضباط «دورة عون» وراءها مشكلة تلوَ الأخرى. وما بين عودة الانقسام حول تعديلات في قانون الانتخابات والفتاوى الدستورية التي تصدر من هنا وهناك، أصبح الخلاف أوسع من نزاع على توقيع أو مرسوم أو إصلاح انتخابي، وبلغ مصاف الصلاحيات الدستورية وتفسير اتفاق الطائف والمسّ بالأعراف.
وفيما جمّد الرئيس سعد الحريري حركته وبقي حزب الله على موقفه الداعم للرئيس برّي من دون خطوات فاعلة لحل الأزمة، يرتفع سقف الخلاف بين الرئاستين الأولى والثانية، ما ينذر بتوترات يُمكن أن تنسحب على ملفات أخرى، قبل الانتخابات وخلالها وبعدها.
لكن أخطر ما في هذه الأزمة أنها أخذت منحىً يبشّر بتباعد بين التيار الوطني وحركة أمل، يصعب إصلاح تداعياته مستقبلاً. وبدأ بعض المسؤولين في التيار الحديث بلغة تهديدية تنذر باستمرار الأزمة إلى ما بعد الانتخابات النيابية المقبلة. ويقول هؤلاء إن «على بري أن يعرف أن انتخابه رئيساً لمجلس النواب بعد الانتخابات المقبلة ليس مضموناً. وكما أنه لم ينتخب العماد ميشال عون للرئاسة، فإننا لن ننتخبه لرئاسة المجلس»، الأمر الثاني الذي يهدد به مسؤولون عونيون هو «منع حركة أمل من الحصول على وزارة المالية، تجنّباً لتكريس عرف يمنحها حق النقض من خارج الدستور». حتى الآن ليس من رسالة رسمية تلقتها عين التينة بشأن هذا الأمر، غير أن مصادرها تعتبر أن هذا الكلام من شأنه أن «يرسم مصير استحقاقات كبيرة في إدارة حكم البلاد، كذلك رئاسة الحكومة والجمهورية في ما بعد. فإذا كان فريق بعبدا يرى أنه قادر على ضرب الأعراف، فهذا الأمر لن يطاول الرئاسة الثانية وحدها، ولا وزارة المالية». ومع أن بعض القوى لا تأخذ كلام المسؤولين العونيين على محمل الجد، على اعتبار أن التيار الوطني الحر «بات يدرك حقيقة التوازنات في البلاد»، ترى عين التينة في «مرسوم الأقدمية» معركة سياسية كبرى «لا خلافاً موضعياً، بل هو أكبر من مرسوم، لا بل هو مشروع متفق عليه بين بعبدا والسرايا الحكومية، بشكل يتيح لعون إطاحة دور مجلس النواب أو السيطرة عليه، كما فعل في مجلس الوزراء، في ظل تسليم الرئيس الحريري له». وفيما لم ينفِ أحد الأعضاء البارزين في تكتل التغيير والإصلاح صدور «تهديدات من هذا النوع» عن مسؤولين عونيين، فإنه أكّد أن «الذين يتحدّثون بهذه اللغة لا يعرفون شيئاً عن التوازنات التي تحكم العمل السياسي في البلاد، ويتوهمون بأن منصب رئاسة مجلس النواب يخضع لمعركة عددية». ورأى النائب العوني أن «مرسوم الأقدمية لم يكن يستأهل كل هذه الضجة من قبل الرئيس بري، وكان في مقدوره تمريره بلا ضجيج، وتسجيل اعتراضه لدى رئيس الجمهورية. لكن يبدو أن بري فضّل خوض معركة استباقية لضمان الاحتفاظ بوزارة المالية منذ الآن في الحكومة المقبلة». وفي السياق عينه، أكّد مصدر قريب من رئيس الجمهورية لـ«الأخبار» أن عون «لم يصعّد في وجه بري عندما دعا إلى الاحتكام إلى القضاء لبتّ أمر المرسوم، بل على العكس من ذلك، فإنه أراد فتح باب لحل الأزمة».