ارشيف من :آراء وتحليلات
تصحيح أجور القطاع الخاص مسألة ملحة لرفع الغبن عن مليون لبناني
رفعا للغبن عن العاملين في القطاع الخاص، والذين يزيد عددهم عن 900 ألف عامل وموظف، بات من الضروري أن يتم وضع تصحيح الاجور لهذا القطاع على نار حامية بعد سنوات طويلة من تجميد الاجور، في حين أدى الارتفاع المستمر للاسعار الى تآكل القوة الشرائية لرواتب حوالي نصف الشعب اللبناني، حتى وصل اكثر من ثلث الشعب اللبناني الى حافة الفقر والعجز عن تأمين المقومات الاساسية والملحة لهم ولعائلاتهم.
وفي محاولة لتصحيح هذا الغبن بدأت مؤخرا اولى المشاورات في سبيل اعطاء العاملين في القطاع الخاص بعضا من حقوقهم، بما يتناسب مع الارتفاعات السنوية للاسعار، ولذلك ينتظر ان تجتمع قريبا _ بحسب مصادر نقابية _ لجنة مؤشر الاجور التي تضم وزير العمل رئيسا وممثلين عن الاتحاد العمالي العام والدولة والهيئات الاقتصادية، ولهذا تقول المصادر ان تصحيح الاجور يفترض ان يحصل في فترة غير بعيدة بحيث لا يلجأ اصحاب العمل الى محاولة التسويف والمماطلة كما حصل مع موضوع سلسلة الرتب والرواتب للقطاع العام والتي استمر "الكباش" حولها ما يزيد عن الخمس سنوات، لان هكذا مماطلة ستدفع الاتحاد العمالي للنزول الى الشارع.
وتشير المصادر الى ان تصحيح الاجور يجب ان يحصل وفق قواعد علمية تأخذ بالاعتبار كل ما حصل على المستوى الحياتي وعلى مستوى غلاء المعيشة انطلاقا من الآتي:
1 _ ان آخر تصحيح للاجور حصل في العام 2012، حيث رفع في حينه الحد الادنى للاجور الى 675 الف ليرة ومنذ تلك الفترة لاتزال رواتب القطاع الخاص مجمدة على الرغم من التضخم الكبير الذي حصل على مستوى الاسعار وكل مقومات الحياة اليومية ما ادى الى تراجع القيمة الشرائية لليرة اللبنانية، خصوصا ان الاسعار في ارتفاعات مستمرة بدءاً من أسعار المواد الاستهلاكية الاساسية، الى أسعار كل الخدمات الاخرى، مع العلم ان التصحيح الذي حصل في العام 2012، لم يبنَ على قواعد سليمة بما يتناسب مع ما كان حصل من تأكل للاجور في حينه، بل جاء بعد "كباش" كبير بين الاتحاد العمالي واصحاب العمل.
2 _ ان الضرائب والرسوم التي ترتبت لتمويل سلسلة الرتب للقطاع العام فاقمت من تآكل القدرة الشرائية لدى العاملين في القطاع الخاص، على اعتبار ان معظم اصحاب العمل اصابتهم الرسوم نفسها التي أصابت اكثرية اللبنانين باستثناء اصحاب الرساميل الكبرى والمصارف والمخالفات البحرية الذين اجبروا على دفع مبالغ بسيطة مما يجنونه من ارباح خيالية .
لذلك، فاالسؤال الآخر الذي يطرح نفسه هل ان اصحاب العمل سيمشون بسهولة في تصحيح الأجور، والى أي حدود؟
خبير اقتصادي يقول ان "أصحاب العمل لن يقبلوا بسهولة بتصحيح الاجور، وان ما صدر من مواقف مؤخرا عن بعض المسؤولين في القطاع الخاص لا يؤشر الى ان هذا الملف سيمر بسلاسة، فرئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس اعتبر ان تصحيح الأجور سابق لأوانه، معيدا ذلك الى تردي الوضع الاقتصادي في البلاد، بينما رأى رئيس غرفة التجارة والصناعة في بيروت وجبل لبنان محمد شقير ان لدى الهيئات الاقتصادية شرطًا أساسيًّا وهو إلغاء مبدأ الشطور، ما يعني تصحيحا مبتورا بل هو شكليّ".
لهذا يقول الخبير الاقتصادي ان "معركة تصحيح الأجور ذات وجهين، الأول وهو ان يقّر أصحاب العمل بإعطاء العاملين لديهم حقوقهم بما يتناسب مع مؤشرات الاسعار من ست سنوات وحتى اليوم، اي ان يرفع الحد الادنى للاجور على غرار ما حصل مع القطاع العام، والوجه الاخر ان يقر هؤلاء بمبدأ الشطور مع الاعتراف بأن لا سبيل لذلك سوى بتدخل الحكومة، وأي توجه آخر يعني التهرب من تصحيح عادل للأجور بما يتناسب مع ما حصل من ارتفاعات للأسعار، على أن لا يؤدي هذا التصحيح الى تضخيم الرواتب الكبرى وتعريض الواقع الاقتصادي للبلاد لاي مخاطر".