ارشيف من :صحافة عربية وعالمية

الصفحة الأجنبية: تشكيك صهيوني بجدوى تعزيز العلاقات مع السعودية

الصفحة الأجنبية: تشكيك صهيوني بجدوى تعزيز العلاقات مع السعودية

علي رزق

اعتبر باحثون صهاينة أنّ" تعزيز العلاقات مع السعودية لن تؤدي بالضرورة الى تحسين موقع الكيان الصهيوني الاستراتيجي، وذلك بسبب المشاكل التي تواجهها السعودية من تحديات داخلية والانحدار الناتج عن تفكك مصادر القوة السعودية"، وأشاروا الى أنّ" السياسات السعودية في كل من اليمن وقطر ولبنان بيّنت محدودية القدرات السعودية".

في غضون ذلك، انتقد مؤرخون أميركيون معروفون الدعم الأميركي للسعودية، وشددوا على أن الاصطفاف مع السعودية ضد إيران لن يخدم مصالح أميركا على الأمد الطويل.

وفي إطار آخر، لفت كتّاب أميركيون الى أنّ شخصيات من معسكر المحافظين الجدد يتولون مناصب حساسة في إدارة ترامب.

*تشكيك صهيوني حيال مكاسب تعزيز العلاقات مع السعودية

كتب الباحثون الصهاينة "Yoel Guzansky" و"Khader Sawaed" و"Ari Heistein"، مقالة نشرت على موقع "National Interest" أشاروا فيها الى أن الحرب التي تقودها السعودية على اليمن والحملة التي تقودها على قطر، كشفتا حدود "القوة السعودية"، وشددوا على ضرورة أن لا يبالغ كيان الاحتلال بمدى قوة ونفوذ السعودية وبمساهمتها المحتملة بما وصفوا بأنه "رد إقليمي على عدوانية إيران".

وأضاف الكتّاب "إن قوة السعودية في الماضي كانت تكمن بنفوذها في العالمين العربي والاسلامي بسبب دور الملك السعودي "كخادم الحرمين الشريفين"، وبقوتها الاقتصادية بسبب هيمنتها على سوق الطاقة، والدعم الأميركي السياسي والعسكري لها، الا أنهم اعتبروا أن كل مصادر القوة هذه تتفكك اليوم".

وتابع الكتّاب أن" المؤسسة الدينية في السعودية تعاني من فقدان الشرعية وأن ذلك يقلص بشكل كبير نفوذها حول العالم".

كما قالوا "إن استراتيجية الرياض التي تقضي بإنفاق مليارات الدولارات من أجل نشر "نموذج راديكالي من الاسلام"، بحسب توصيف الكتّاب، لم تعد قابلة للتطبيق مالياً أو سياسياً، ورأوا أن "الوهابية" التي قام السعوديون بتأجيجها قد لا تستمر بإنقاذ المملكة، وحتى قد تنقلب ضدها.

الكتّاب اعتبروا أن عهد الثروة السعودية الهائلة قد انتهى، وأن السعودية اليوم أمام تحدٍ يتمثل بتغير مسارها الاقتصادي، وأشاروا الى أن ذلك سيؤدي الى الافلاس خلال العقود القليلة القادمة.

وعن العلاقات الأميركية - السعودية لفت الكتّاب الى أنها تنكسر، والى أن السعودية لا تحظى بشعبية أبداً في واشنطن كما يتضح من قانون "JASTA" الذي يجيز لعائلات ضحايا أحداث الحادي عشر من أيلول مقاضاة مسؤولين سعوديين.

وأضاف الكتّاب "إن السعودية يمكنها أن تقدم الكثير لكيان الاحتلال مثل الموارد المالية، وكيان الاحتلال يمكنه أن يستفيد من السعودية بسبب قربها الجغرافي من إيران.

وأكدوا أن كيان العدو يجب أن يستفيد من كل ذلك، وشددوا في المقابل على ضرورة الاعتراف بحدود القدرات السعودية وأن يكون كيان الاحتلال كذلك مستعدًّا لانحدار السعودية المحتمل.

وقال الكتّاب "إن التعاون "الاسرائيلي" السعودي أمام مسيرة طويلة قبل أن تتجلى مكاسبه، لكنهم شددوا في المقابل على ضرورة عدم إهمال هذه العلاقة وعلى ضرورة أن تعمق "إسرائيل" هذه العلاقة قدر الإمكان في ظل القيود الموجودة"، وأضافوا "إن حتى الايحاء بوجود "جبهة "إسرائيلية" سعودية موحدة" سيكون له "قيمة ردعية ضد ايران"، بحسب تعبير الكتّاب.

*الدعم الأميركي للسعودية ضد إيران لا يخدم المصالح الأميركية

من جهته، كتب المؤرخ الأميركي المعروف "Andrew Bacevich" مقالة نشرتها صحيفة "The American Conservative" أشار فيها الى أن الأحداث التي حصلت على مدار التاريخ بيّنت أن الأنظمة تأتي وتزول بينما الحضارات تستمر، وأوضح أن آل سعود عبارة عن نظام وعن سلالة حاكمة "تتنكر" كدولة وأن إيران في المقابل تجسد اليوم حضارة قديمة.

الكاتب – الذي عمل ضابطاً في الجيش الأميركي والذي يعد من أهم المؤرخين الأميركيين – أضاف إن العداء بين إيران والسعودية هو حقيقي وسيستمر، معتبراً أن اصطفاف الولايات المتحدة مع السعودية ضد إيران نابع من الحسابات الخاطئة والغطرسة.

كما ذكّر الكاتب أن الثروة الناتجة عن مبيعات النفط السعودي ينتهي بها الامر بأيدي ما أسماه "الارهابيين المعادين للغرب"، مشدداً على أن هناك اعترافًا واسعًا أن المال السعودي هو المسؤول عما وصفه "الاسلامية الراديكالية".

وذكّر أن خمسة عشر خاطفاً من أصل الخاطفين التسعة عشر الذين نفذوا هجمات الحادي عشر من أيلول كانوا سعوديين، وكذلك الامر بالنسبة لزعيم "القاعدة" السابق اسامة بن لادن، لافتاً الى أن هذه الحقائق معروفة لكنه يتم توصيفها بأنها مجرد صدفة.

على ضوء هذه المعطيات، شدد الكاتب على أنه من الغريب جداً أن الولايات المتحدة وفي ظل "رئاسة أميركا أولاً لدونالد ترامب"، اختارت الوقوف مع السعودية ضد ايران، مشدداً على أن الحجج التي تقدم لتبرير انحياز أميركا مع طرف معين "بين السعودية وإيران" هي حجج ضعيفة.

الكاتب تابع أن الولايات المتحدة ومنذ أن اجتاح الرئيس العراقي صدام حسين الكويت عام 1990 سعت الى جعل نفسها الحكم في الشرق الاوسط من خلال الاعتماد على قوتها العسكرية، مضيفاً إن أميركا وتحت غطاء محاربة الارهاب و"نشر الحرية"، قد نشرت أعدادا هائلة من قواتها في العالم الاسلامي وأنشأت عشرات القواعد العسكرية، إضافة الى تجنيد الوكلاء واستهلاك المعدات العسكرية من غرب أفريقيا الى جنوب الفلبين.

ولفت الكاتب الى أن نتائج هذه السياسات الأميركية واضحة، والى أن أميركا قامت بزرع الفوضى وبالتالي ساهمت بانتشار التطرف الدموي الذي تقول أنها تحاول احتوائه.

كما أشار الى أن أميركا قتلت آلاف الافغان والعراقيين ومسلحين آخرين من جنسيات مختلفة، إضافة الى مقتل عدد لا بأس به من القوات الأميركية، مشدداً على أن كل ذلك حصل من دون جدوى، مضيفاً إن المال الذي أُنفق لكان كافياً من أجل إعادة بناء كل الجسور في الولايات المتحدة.

ولفت الكاتب الى أن هذا الميول نحو شن الحروب "التي لا تنتهي" ساهم بانتخاب دونالد ترامب الذي انتقد بشكل حاد التدخلات العسكرية الأميركية في الخارج، مشيراً الى أن ترامب وبعد أن دخل البيت الأبيض ركّز اهتمامه على ملفات "أكثر الحاحاً من الحروب التي ورثها"، وبالتالي أعطى للضباط العسكريين الاميركيين مسؤولية إدارة هذه الحروب، موضحاً أن هؤلاء الجنرالات لا يبدو أن لديهم أية مشكلة باستمرار هذه الحروب.

الكاتب تابع أن هذه "الصفقة المدنية العسكرية" القائمة على تسليم ترامب المسؤولية الى الجنرالات، جاءت لمصلحة السعودية، وقال بهذا السياق إن القادة السعوديين لم يضيعوا وقتاً أبداً في "التملق" مع "رئيس أميركي يفتقد الى الكفاءة السياسية وسريع التأثر بالتملق"، بحسب تعبير الكاتب.

وتابع "Andrew Bacevich" أن نتائج السياسات السعودية في اليمن وقطر ولبنان واضحة وجلية، وأن السعودية صعدت عسكرياً وسياسياً في هذه الساحات دون أن تحقق "نجاحاً واضحاً"، وقال إنه قد يتبين أن الانجاز الاكبر لولي العهد محمد بن سلمان سيكون "تدمير العرش الذي ورثه".

وبحسب الكاتب، رغم كل ذلك، فإن ترامب وجنرالاته المعادين لايران قد سمحوا للولايات المتحدة أن تصبح بمثابة الابله الذي يتبنى طموحات ابن سلمان.

وحذر من أن دعم ابن سلمان لن يؤدي سوى الى تفاقم الفوضى، مذكراً أن الادارات الاميركية السابقة ساهمت بشكل كبير بإنشاء هذه الفوضى، كذلك حذر من أن الدعم الأميركي للسعودية يحمل معه خطر جر الولايات المتحدة الى حرب أخرى "لا داعي لها"، تكون هذه المرة مع إيران.

وقال "إن هذا الدعم الأميركي للسعودية لا يأخذ بالحسبان أبداً المصالح الأميركية بمنطقة الخليج، ويمكن تلخيص هذه المصالح بكلمة واحدة، وهي الاستقرار" على حد قول الكاتب.

وفي هذا الاطار، أكد الكاتب أن هدف السياسة الأميركية في المنطقة يجب أن يكون خفض العنف والاضطراب وعودة الاستقرار وبالتالي "اصلاح الضرر الذي ساهمت الولايات المتحدة نفسها بشكل كبير بإيجاده"، بحسب تعبير الكاتب نفسه، وشدد على أن الولايات المتحدة ليست معنية بالانحياز لصالح طرف معين في الصراع بين السعودية وإيران.

وشدد الكاتب على أن عودة التوازن الى منطقة الخليج ستكون عملية مستحيلة في حال استمرت الولايات المتحدة باعتبار إيران دولة "منبوذة"، معتبراً أن ترامب أراد أن يتبنى هذه السياسة على ما يبدو، عندما تبنى سياسة عكس تلك التي تبناها سلفه باراك أوباما تجاه طهران.

وتابع الكاتب أن" تبني ادارة ترامب موقف معاد لايران قد يلقى ترحيبا من محمد بن سلمان وحكومة "إسرائيل" وكذلك شركات صنع السلاح داخل الولايات المتحدة، الا أنه حذر من أن هذا الموقف لن يخدم مصالح أميركا على الأمد الطويل.

*صعود شخصيات من المحافظين الجدد في إدارة ترامب

في سياق آخر، كتبت المديرة التنفيذية لصحيفة "The American Conservative" المدعوة "Kelley Beaucar Vlahos"، مقالة أشارت فيها الى أن شخصيات من معسكر المحافظين الجدد يتسلمون مناصب كان يشغلها شخصيات مما يسمى "الليبراليين التدخليين" في إدارة اوباما السابقة، والى أن العديد من الشخصيات المنتمية الى معسكر المحافظين الجدد أصبحوا معاونين لمسؤولين كبار في الإدارة الأميركية.

وسمت الكاتبة تحديداً المدعوة "Nadia Schadlow" والتي بدأت العمل في مجلس الأمن القومي منذ فصل الشتاء الفائت، كما أشارت الى أنه من المتوقع أن تحل "Schadlow" مكان المدعوة "Dina Powell" في منصب نائب مستشار الامن القومي "H.R McMaster"، لافتةً الى أن "Schadlow" لعبت الدور الأساس في إعداد إستراتيجية الأمن القومي للبيت الابيض التي صدرت الشهر الفائت.

هذا وأشارت الكاتبة الى أن "Schadlow" هي من تلامذة المدعو "Elliot Cohen" الذي يعتبر من أبرز شخصيات المحافظين الجدد والذي كان من كبار مؤيدي الحرب على العراق.

كما لفتت الكاتبة الى أن "Schadlow" قد نشرت كتاباً العام الفائت يتحدث عن "إيجابيات" التدخل العسكري من أجل تحقيق نتائج سياسية، مشيرةً الى التقارير التي تفيد بأن  "Schadlow" هي من المقربين جداً لـ "McMaster" مستشار الامن القومي، ولديها معارف مع جهات بارزة معينة بالسياسة الخارجية في واشنطن، وخاصة المحافظين الجدد.

وأضافت الكاتبة إن "Schadlow" عملت مع مؤسسة "Smith Richardson"، وعملها هناك تضمن تقديم التمويل والتسهيلات للكتّاب ومراكز الدراسات منذ أحداث الحادي عشر من أيلول، ولفتت الى أن أغلب هذه الجهات تؤيد عقيدة التدخل العسكري المتواصل بغية تحقيق هدف نشر القوة والنفوذ الاميركي.

وتابعت الكاتبة أن مؤسسة "Smith Richardson" لعبت دوراً بارزاً في السياسة الخارجية الاميركية، من زمن معاداة الشيوعية في عهد "Ronald Reaga"، مروراً بالنزاعات في الشرق الاوسط التي بدأت بعهد "Bill Clinton" والتي تستمر حتى اليوم.

وقالت الكاتبة "إن استراتيجية الأمن القومي التي صدرت حديثاً من البيت الابيض تجدد التأكيد على موقف ترامب المتشدد تجاه ايران، وأشارت الى التهديدات التي توجهها السفيرة الأميركية لدى الامم المتحدة "Nikki Haley" الى دول أعضاء آخرى بمجلس الامن".

وتحدثت أيضاً عن انحياز إدارة ترامب لصالح كيان العدو في إطار ما يسمى "عملية السلام"، وعن موافقة البيت الابيض على تسليح أوكرانيا ضد روسيا.

2018-01-16