ارشيف من :آراء وتحليلات
ميليشياتٌ انفصاليةٌ مدعومةٌ أمريكياً .. دمشق وحلفاؤها لن يسمحوا بالتقسيم
إعلان أمريكا عن تشكيل ميليشيات تابعة لها في مناطق شمال سوريا، بهدف حماية الحدود مع العراق وتركيا أعاد تعقيد المشهد في مرحلة حساسة من عمر العملية السياسية لحل الأزمة، وفتحَهُ على احتمالاتٍ واسعة تُوحي نبرةُ المسؤولين السوريين أنها لن تكون إلّا في إطار المواجهة العسكرية المباشرة. فأن تتشكّل تلك الميلشيات لحماية الحدود أمرٌ يعني بوضوح أن هناك عملاً انفصالياً تقسيمياً لم ترضَ به سوريا منذ اللحظة الأولى لاندلاع الحرب عليها، فحماية وحدة الأراضي السورية خطٌّ أحمر لطالما أكدت دمشق أنها لن تسمح بتجاوزه.
وفي هذا السياق قال مصدر سياسي سوري لموقع "العهد" الإخباري انّ " ما يحدث في مناطق شرق الفرات وعلى الحدود السورية العراقية هو الخطة الأمريكية "ب"، بعد فشل الخطة "أ" التي كانت تهدف لإقامة دولة داعش في المناطق الواقعة بين شرق الفرات وغرب دجلة لتفصل بين بغداد ودمشق"، لافتاً إلى أنّ " أمريكا هي من أوجدت داعش ودعمتها واتخذت من محاربتها ذريعةً للتواجد العسكري في المنطقة، كما أوجدت في ذات الحين أيضاً قوات سوريا الديموقراطية بحجة حماية مناطق الأكراد من خطر داعش، فكثيراً ما تنقّلت قيادات وعناصر داعش على متن الحوامات الأمريكية، كما توجد شهادات حقيقية وإثباتات مُوثّقة حول انضمام الكثير من عناصر هذا التنظيم الإرهابي إلى قوات سوريا الديموقراطية وما حصل من عمليات تسليم للحقول النفطية في المناطق الشرقية لنهر الفرات بين داعش وقسد أكبر مثال في ذلك".
وأكد المصدر أنّ " تنظيم داعش الإرهابي هو أحد أذرع المخابرات المركزية الأمريكية، وتبخّر عناصره في مناطق شرق الفرات نتيجةً لانضمامهم إلى قوات سوريا الديموقراطية التي تخدم المشروع الأمريكي لتقسيم المنطقة وإعادة تشكيلها بما يتماشى مع مصالحه ومصالح العدو الإسرائيلي".
الأسباب التي دفعت الولايات المتحدة لتشكيل ودعم وتسليح داعش هي ذاتها التي تدفعها لتشكيل هذه الميليشيات التي سيكون قوامها ثلاثين ألف مقاتل ينتشرون على الحدود مع العراق وتركيا وفقاً لحديث المصدر ذاته الذي أكد أنّ "قطع التواصل بين دمشق وبغداد هدفٌ أساسي لقيام أمريكا بذلك، فهو المحور الأكبر في المنطقة الذي يتصدى لكيان العدو الصهيوني، وبالتالي تهدف لقطع خط إمداد المقاومة نحو الجبهات مع العدو الإسرائيلي"، وقال إنّ " تأمين خط إمداد أوروبا بالطاقة من الجزيرة العربية عبر تركيا هدفٌ محوري لأمريكا أيضاً وبالتالي قطع خطوط الطاقة من إيران لسوريا مروراً بالعراق فقد كان من المقرر استكمال بناء خط غاز يصل إيران بسوريا عبر العراق لكنه توقف بسبب الأحداث التي حصلت في العراق و سوريا"، ملخصاً أهداف أمريكا في المنطقة بعوامل جيو بوليتيك الطاقة وتقسيم الدول وتأمين إسرائيل من المقاومة التي تهدد وجودها، ومؤكداً أنّ " إعلان أمريكا عن تشكيل هذه الميليشيا في الشمال السوري سيفتح مرحلةً جديدة من المواجهة لكن الجيش السوري وحلفاءه وأصدقاءه كما هزموا داعش سيهزمون هذه التشكيلات المدعومة امريكياً و صهيونياً ".
واضاف أنّ "روسيا لن تقف مكتوفة الأيدي وقد يحدث صدام جوي بينها وبين أمريكا خصوصاً بعد الاحتكاكات التي حدثت بين سلاحي الجو الأمريكي والروسي في سماء سوريا، وهذا الأمر يوحي بالتناقض والصراع الكبير بين موقفي البلدين وخصوصاً أنّ روسيا لن تسمح لأحد على الإطلاق بتمرير انابيب طاقة نحو أوروبا عبر المنطقة لأن ذلك يهدد اقتصادها ويهدد أنبوب سيبيريا الممدود من مناطق الشرق الروسي نحو اوروبا وبالتالي لم تسمح لأحد أن يعيدها مهزومة من سوريا".
أما عن الدور التركي حيال ما سيجري فقال المصدر السياسي السوري ذاته لـ"العهد" الإخباري إنّ " أردوغان لن يخرج عن الإرادة الأمريكية فهو لا يملك أي قرار مخالف لها، ولكن يمكن أن تمارس عليه بعض الضغوط من قبل إيران وروسيا والتي قد تغيّر من بعض مواقفه لكنه بكل تأكيد لن يكون تغييراً شاملاً لأن تركيا لن تعادي أمريكا فضلاً عن أنها دولة عضو في الناتو، بحيث تفضي تلك الضغوط الروسية الإيرانية إلى إغلاق أردوغان للحدود التركية مع سوريا ومنع تدفق الإرهابيين وهذا ممكن جداً لأنّ الكردي هو العدو الأول لأردوغان وحينها يستطيع الجيش السوري وحلفاؤه توجيه جهودهم لمحاربة القوات والميليشيات الانفصالية التقسيمية في الشمال والشرق السوريين"، مؤكداً أنّ " هذه الميليشيات لن تصمد كثيراً في وجه الحملة العسكرية الكبيرة التي سيطلقها الجيش السوري، والتي ستتزامن مع انقلابٍ كبير سيقوم به سكان المناطق الشمالية والشمالية الشرقية من الأكراد الرافضين للانفصال والعرب السوريين الذين يمتلكون شعوراً قومياً عربياً كبيراً سيتفجر في وجه القوى التقسيمية والانفصالية ما سيجعل الأمريكي وميليشياته التي يشكلها الآن في عجزِ وفشل كبير في تحقيق أي هدف من أهدافهم".