ارشيف من :ترجمات ودراسات

الصفحة الأجنبية: ’مأزق’ بين تركيا والولايات المتحدة بسبب دعم واشنطن لأكراد سوريا

الصفحة الأجنبية: ’مأزق’ بين تركيا والولايات المتحدة بسبب دعم واشنطن لأكراد سوريا

حذّر وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو من "وجود مأزق في العلاقات التركية الأميركية"، بسبب اختيار واشنطن ما أسماه "الشريك الخطأ المتمثل بوحدات حماية الشعب الكردية"، مشددًا على أن بلاده "ستواصل المهمة حتى القضاء على جميع الإرهابيين، وعلى أن أنقرة لن تقبل بإنشاء جيوب انفصالية أو ملاذات آمنة للإرهابيين".

وفي سياق متصل، لفتت مواقع غربية معروفة إلى وجود مؤشرات تفيد بأنّ واشنطن قد تتخلى عن دعمها للأكراد لصالح تركيا، فيما دعا صحفيون من معسكر المحافظين الجدد في الولايات المتحدة الأميركية إدارة ترامب إلى التصعيد ضد الجيش السوري وحلفائه".

مأزق في العلاقات الأميركية التركية

كتب وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو مقالة نشرت في صحيفة "نيويورك تايمز" حملت عنوان "أميركا اختارت الشريك الخطأ"، والتي شدد فيها على أن "محاربة "داعش" يجب أن لا تعني أننا لن نحارب جماعات أخرى في منطقتنا، والتي تهدد بلدنا وأمن مواطنينا"، وذلك في إشارة واضحة الى "وحدات حماية الشعب" الكردية.

وأشار الكاتب إلى وجود مأزق في العلاقات الأميركية التركية، بسبب ما أسماه "اختيار الولايات المتحدة للشريك المحلي بهذه الحرب"، وأضاف"إن "وحدات حماية الشعب" ما هي إلا اسم آخر لحزب العمال الكردستاني، والعناصر الكردية في سوريا يستخدمون أسلحة تقوم بتزويدهم بها الولايات المتحدة الأميركية، إضافة إلى التدريب الذي تقدمه الولايات المتحدة الأميركية لهؤلاء العناصر".

وتابع أوغلو "إن الأسلحة التي تقوم قوات الأمن التركية بمصادرتها من إرهابيي حزب العمال الكردستاني تزداد عددا وهي أيضًا أكثر تطورًا، وقيام حليف الأطلسي بتسليح منظمة إرهابية تهاجم حليفا أطلسيا آخر هو انتهاك فاضح لمبادئ حلف الناتو"، مشددا على ضرورة أن تقوم واشنطن بما أسماه الوزير التركي "تصحيح هذا الشذوذ السياسي".

وإذ أكد أوغلو على حتمية إدراك واشنطن لـ"هذا الخطأ" وتصحيح مسارها، شدد في الوقت نفسه على أن بلاده لا يمكنها أن تنتظر حتى يحدث ذلك، و"كانت تركيا مجبرة على القيام بعمل عسكري في منطقة عفرين ضد الإرهابيين هناك، ولهذه العملية هدف واضح وهو ضمان أمن حدود تركيا والتخلص من الإرهابيين".

وشدد الكاتب على أن بلاده ستستمر بالمهمة حتى يتم القضاء على الارهابيين بالكامل، لافتا إلى أن "تركيا لن تقبل بإنشاء جيوب انفصالية أو ملاذات آمنة للإرهابيين الذين يهددون امنها القومي، ويتعارضون وإرادة الشعب السوري"، وفق تعبيره.

كما أشار الوزير التركي إلى أن "الحفاظ على وحدة الأراضي السورية هي مسألة أساسية في مساعي السلام، وتطهير المناطق من الإرهابيين يعني فتح المجال للسلام، وتركيا اليوم تسعى إلى رسم مستقبل يكون خاليًا من الكيانات الإرهابية والحروب المتفجرة والمصائب الإنسانية، وتركيا تستحق احترام ودعم الولايات المتحدة بهذه المعركة الضرورية"، وفق ادعاءات وزير الخارجية التركي.

هل تتخلى واشنطن عن الأكراد في سوريا؟

طرح موقع "المونيتور" في عنوان تقريره الأسبوعي سؤالاً حول مدى أرجحية تخلي الولايات المتحدة الأميركية عن الأكراد، وجاء في التقرير أن "تركيا تبدو مصممة على توسيع عملها العسكري ليشمل مناطق سورية أخرى غير منطقة عفرين، رغم حث الرئيس الأميركي دونالد ترامب نظيره التركي رجب طيب أردوغان على ضرورة توخي الحذر خلال الاتصال الهاتفي الذي جرى بينهما قبل أيام".

وقال التقرير"بعد مرور يومين على المكالمة بين ترامب وأردوغان، أعلنت الرئاسة التركية أنه تم التوصل إلى اتفاق على عدم قيام أميركا بتزويد حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي و"وحدات حماية الشعب" بالأسلحة، وذلك بعد مكالمة هاتفية بين مستشار أردوغان المدعو إبراهيم قالين ومستشار الأمن القومي الأميركي أتش آر ماكماستر"، وشدد التقرير على أن "ذلك وفيما لو حصل، يعد تنازلا أميركيًا كبيرًا جدًا، وقد يكون نقطة تحول في النزاع".

كما لفت التقرير الى انه "وبعد مرور يوم واحد، فإن وزير الخارجية التركي دعا القوات الاميركية الى مغادرة منطقة منبج"، كذلك اشار التقرير الى ان "أردوغان يزعم الآن ان سكان عفرين والمناطق المحيطة غالبيتهم من العرب"، ولفت التقرير في المقابل إلى أن مصادر موثوقة تتحدث عن غالبية كردية، إضافة الى اعداد كبيرة من العرب وبعض الايزديين والتركمان والأرمنيين.

بالتالي رأى التقرير أن "هدف أردوغان قد يكون إيجاد منطقة لنقل اللاجئين السوريين المتواجدين في تركيا، والبالغ عددهم 3.5 مليون لاجئ، واستشهد بما قاله اردوغان بتاريخ الرابع والعشرين من كانون الثاني/ يناير الجاري بأنه يجب التخلص من الارهابيين ومن ثم جعل المكان ممكن للعيش، وأن تركيا لا يمكن ان تستضيف اللاجئين الى أجل غير مسمى".

وفي السياق، لفت التقرير الى أن ترامب وأردوغان رحبا خلال اتصالهما الهاتفي بعودة "ما يزيد عن 100,000 لاجئ سوري إلى بلدهم"، و"تعهدا بمواصلة التعاون من اجل مساعدة الناس على العودة الى ديارهم".

المحافظون الجدد يحثون ترامب على التصعيد في سوريا

كتب جوش روغن مقالة نشرت في صحيفة "واشنطن بوست" قال فيها أن "المعركة التي تدور بين حليفي اميركا أي تركيا والأكراد في الشمال السوري يوضح أن إدارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب لا تزال تفتقد الى التأثير المطلوب من أجل التوصل الى حل في سوريا، أو حتى من اجل الدفاع عن المصالح الاميركية هناك".

الكاتب؛ -الذي يعد من الصحفيين المعروفين المنتمين الى معسكر المحافظين الجدد-، أشار الى الخطاب الأخير لوزير الخارجية الاميركي ريكس تيلرسون، الذي قال فيه أن "من بين التحديات في سوريا خلال فترة ما بعد "داعش" مواجهة التهديد الإرهابي المستمر ومواجهة توسع إيران والعدوان الوحشي من قبل الرئيس السوري بشار الأسد"، بحسب ما نقل الكاتب عن تيليرسون.

وتابع روغن في مقالته "تيليرسون وعبر اعترافه ببقاء القوات الأميركية في البلاد، انما يبدو انه اعترف بضرورة أن يكون للولايات المتحدة نفوذ على الارض من أجل تحقيق أهدافها".

وفي الوقت نفسه، نقل الكاتب عن مسؤولين في إدارة ترامب قولهم أن "الوصول بالسياسة الأميركية حيال سوريا إلى هذه المرحلة تطلب جهودا "جبارة"، وقال الكاتب" إنّ العديد ممن يدورون في فلك ترامب لا يزالون يؤيدون التركيز على محاربة "داعش" حصرا وترك الأمور الأخرى"، كما قال ان "هناك فريقا في الادارة الاميركية ايضا يريد الانسحاب من سوريا".

وفيما لفت روغن إلى أنه "على الرغم من تأكيد إدارة ترامب على وجود مصالح أميركية طويلة الأمد في سوريا"، أشار إلى أن "واشنطن لم تقم بعد بوضع ذلك ضمن "خطة حقيقية"، وعليه خلص إلى القول أن "الالتزام الاميركي الحالي حيال سوريا ليس كافيا".

كذلك قال الكاتب أن "الولايات المتحدة اختارت التأييد الضمني للعملية العسكرية التركية على منطقة عفرين"، وفي هذا الصدد نقل روغن عن الكاتب الفرنسي الصهيوني المعروف بيرنارد هنري ليفي قوله أن "واشنطن خذلت الأكراد، وأن إدارتي أوباما وترامب تخلت عن المسؤولية وعن القيادة في سوريا، وأن ذلك أنشأ فراغا قامت دول مثل تركيا وإيران وروسيا بملئه".

كذلك نقل الكاتب عن ليفي قوله أن "مصلحة اميركا تكمن بدعم الاكراد لانهم حلفاء يمكن الوثوق بهم، بينما أردوغان ليس كذلك"، وأضاف ليفي أن "قبول الولايات المتحدة بالعملية التركية في عفرين يشكل فضيحة".

الكاتب أشار أيضًا إلى أن "المسؤولين الأميركيين يحاولون من خلف الكواليس منع القوات التركية من التقدم إلى منطقة منبج حيث تتمركز قوات أميركية"، مكررًا تشديده على ان واشنطن لا تملك أوراقا كافية على الارض لتحقيق الرؤية التي رسمها تيليرسون".

وقال الكاتب" إن إدارة ترامب لا تزال تكرر الكثير من الاخطاء التي ارتكبتها ادارة اوباما، على غرار اعتماد الولايات المتحدة على روسيا كي تضغط الاخيرة على نظام الرئيس الاسد، ومن الأخطاء الأخرى استثمار الولايات المتحدة بعملية السلام تحت رعاية الامم المتحدة، وهي عملية دائمة الفشل، فيما المساعي لمواجهة إيران ليست ممولة بالشكل المطلوب، ولا ضغوط حقيقية على الرئيس الأسد لوقف مجازره الجماعية"، وفق مزاعم الكاتب.

وفي المحصلة، قدم الكاتب نصيحة لواشنطن بـ"عدم التخلي عن الأكراد الذين دربتهم"، محذرًا من أن "هذا الأمر قد يدفعهم إلى إبرام اتفاقيات مع نظام الرئيس الأسد أو مع روسيا،" وقال" على الولايات المتحدة أن تحاول كسب النفوذ مع "العرب الذين لا زالوا يحتلون ويدافعون عن مناطق سنية"، وفق تعبيره.

وطرح روغن "ضم المزيد من العرب الى "قوات سوريا الديمقراطية" ودعم الحكم المحلي في المناطق التي هي ليست تحت سيطرة الرئيس الاسد"، مشددًا على ضرورة أن "تكثف إدارة ترامب الضغوط على الرئيس الاسد وعلى روسيا وإيران، وذلك عبر فرض العقوبات والتلويح الحقيقي باستخدام القوة واستخدام أساليب أخرى كي تلتزم الأطراف المذكورة بمناطق حفض النزاع"، وفق تعبير الكاتب.

وفي الختام، شدد الكاتب على أن "إدارة ترامب وبعد ما قالت أن لدى الولايات المتحدة مصالح طويلة الأمد في سوريا فإن الخطوة التالية هي القيام بالفعل".

2018-01-29