ارشيف من :آراء وتحليلات
تموز باكستان .. هل يحررها من الهيمنة السعودية؟
تتجه الأمور في باكستان شيئاً فشيئاً إلى مزيد من التفلت من قبضة السعودية على مقاليد الحكم. آليات عمل قادة المعارضة الاسلامية الشيعية والصوفية، بدأت تثمر في دمج العداء الشعبي للعدو الإسرائيلي من جهة، ومن يريد للبلد الآسيوي ان يبقى ضعيفاً غير مستقر من جهة ثانية.
فخلال العامين الماضيين، سلسلة من التحركات السلمية والوقفات الاحتجاجية والإضراب عن الطعام، استطاع خلالها قادة المعارضة توجيه رسائل مهمة للمسؤولين الباكستانيين تصرُّ على ضرورة التخلي عن المشروع السعودي - الاميركي.
موقف جامع، مرتكز على مفهومين أساسيين، استقطب اكثر من 50% من الشارع. الاول: لا نريد لبلدنا ان يكون منصةً سعودية اميركية في مواجهة لإيران (من جهة الغرب). فنحن وبقوتنا العسكرية الضخمة، وخبرتنا الطويلة في محاربة الارهاب لا نريد ان نكون ورقة خليجية تستفز بها ايران، أو للضغط في الملف السوري أو اليمني.
وثانياً لسنا وسيلة ابتزازية للضغط على التوسع الاقتصادي الصيني (الشمال الشرقي)، فنكون معبراً بيد الخليج يقفل أو يفتح ساعة يريدون أمام السلع الصينية نحو بحر العرب أو ايران، أو بالمقابل بوابة متحركة أمام النفط الخام من إيران الى الصين.
على صعيد آخر، تنجح قوى المعارضة في دفع بعض السياسيين الباكستانيين، وقادة الأجهزة الأمنية للتواصل مع إيران، أسوة بما تقوم من تواصل مع الدول الخليجية. فكرة ذكية، تتطلب وقتاً حتى اقتنع بها السياسيون والعسكريون بعد سلسلة لقاءت - بعضها كان سرياً. فزاروا الجمهورية الاسلامية، اجتمعوا بقادتها الأمنية والسياسية، وعندما عادوا كانت نتيجتهم: "إيران دولة قوية يمكن الاعتماد عليها وفتح جسور للعلاقة معها".
اليوم، تختلط الأوراق بأيدي الاجهزة الحاكمة. هل نتحول لحليف لإيران وسوريا (محور المقاومة) ولاحقاً ربما حليف لروسيا، مقابل تخليها الدعم السعودي والهيمنة الامنية والعسكرية الاميركية؟ هل ننجح في هذا الانتقال دون "ردة فعل عكسية" قد تطيح بنا وتأتي بغيرنا؟ إذا كان الجواب نعم، فمتى "نقتنص" الفرصة؟ هل عند غرق السعودية بمزيد من وحل المستنقع اليمني؟ أو عندما تتأزم أكثر بين العائلة الحاكمة وتصبح ضعيفة هشّة؟ أم عندما تتخبط الولايات المتحدة بمزيد من قرارات الرئيس دونالد ترامب "الجنونية"، وتنشغل بأزماتها الداخلية؟
الواضح أن الجواب بات محسوماً، عند أغلب القادة في باكستان: لا بدّ من فكّ التحالف مع سياسات آل سعود في المنطقة، لكننا نترقب الفرصة المناسبة. وعلى هذا المنوال تتحضر القوى المعارضة للانتخابات العامة الباكستانية في تموز/يوليو 2018 العام المقبل. اذ تشير الوقائع إلى انها ستكون نارية حامية، بين الفريق المعارض ومن بدأ يؤيده بطروحاته السياسية، وبين فريق نواز شريف المحسوب على السعودية.
حتى حينها يتوقع أن تواصل المعارضة لملمة صوفها لمعركة كبرى قد تنتج تحولاً ضخماً يغيّر المسار الجيوسياسي لباكستان في المنقطة، خاصة في ظل تسارع حلحلة الأزمة السورية، وتصدّع الحكم السعودي.