ارشيف من :آراء وتحليلات

ماكرون في تونس.. يغرِّد خارج السرب

ماكرون في تونس.. يغرِّد خارج السرب

لم تأت زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون إلى تونس بالجديد فيما يتعلق بالعلاقات الثنائية بين البلدين ولا فيما يتعلق بالقضايا التي تهم المنطقة. فلا هو اعتذر على غرار سابقيه عن سنوات الاستعمار، التي ارتكبت فيها بلاده جرائم بشعة بحق البلاد والعباد، ولا هو طور في مستوى التبادل التجاري أو شجع على الاستثمار في ربوع الخضراء.
كما أن حديثه عن أهم قضايا المنطقة كان مقتضبا لا يقدم ولا يؤخر، فتحدث في العموميات متجنبا الخوض في التفاصيل. حتى ان البعض علق بما مفاده أن فرنسا لا تمتلك فعلا رؤية واضحة لمجمل هذه القضايا وأن حديث ماكرون المقتضب عنها دليل على تخبط فرنسا في الكثير من قضايا المنطقة.

ترامب والقدس

رأى كثير من المحللين في تونس أن تجنب ماكرون ذكر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالاسم في حديثه عن القضية الفلسطينية والقدس و"مسيرة السلام" هو باب الديبلوماسية لا غير. كما أن تفاؤله بشأن مستقبل "السلام" في الشرق الأوسط بدا للكثيرين وكأنه نشاز في زمن استهتر فيه الكيان الصهيوني بكل المواثيق والاتفاقيات والمبادرات وضرب بالسلام المزعوم عرض الحائط.
لقد بدا ماكرون وهو يتحدث عن القضية الفلسطينية في تونس كأنه يعيش في كوكب آخر غير هذا الكوكب وفي زمن غير هذا الزمن. ومن الواضح أنه لا يمتلك تصورا لحل هذه المعضلة التي تتحمل بلاده التي دعمت الكيان الصهيوني وزودته بالسلاح النووي قسطا كبيرا فيها شأنه شأن دولة الانتداب، بريطانيا، التي مكنت الصهاينة من جميع أسباب القوة للسيطرة على أرض فلسطين.

دعم الجهود الأممية

ولم يخرج ماكرون عن العموميات فيما يتعلق بالملف الليبي، فلم يشر من قريب أو من بعيد لدعم بلاده لخليفة حفتر من خلال الرئيس التشادي ادريس ديبي والميليشيات الموالية له في دارفور السودانية. كما لم يشر الرئيس الفرنسي إلى التدخل العسكري لبلاده في ليبيا وما خلفه من مآس ودمار في بلد عمر المختار ماضيا وحاضرا.
وكان متوقعا أن يتحدث في الملف الليبي عن دعم جهود الأمم المتحدة والمبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة دون أن يقدم إيضاحات عن كيفية هذا الدعم. كما توقع جل الخبراء والمحللين أن يؤكد الرئيس الفرنسي من الأرض التي تحتضن الحوار الليبي تمسك فرنسا باتفاق الصخيرات مع ضرورة تدعيمه وإصلاح ما لا يتناسب مع الوضع الليبي الحالي. ما يطرح نقاط استفهام عديدة، أهمها سؤال يتعلق بالسلوك الفرنسي المتوقع مع خليفة حفتر الذي يرفض اتفاق الصخيرات ويعتبره منتهيا وكل ما بني عليه بات باطلا، أي حكومة الوفاق الوطني والمجلس الرئاسي.

2018-02-05