ارشيف من :صحافة عربية وعالمية

عن كواليس زيارة ابن سلمان لندن وإمكانية إرجائها

عن كواليس زيارة ابن سلمان لندن وإمكانية إرجائها

نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريرًا للمحرر الدبلوماسي جيمي ميريل حول زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان المرتقبة إلى بريطانيا، التي تحدّثت أكثر من وسيلة إعلام غربية عن تأجيلها بسبب الاحتجاجات الغاضبة التي قد تندلع أثناءها، مشيرًا إلى أن هذا التأخير جاء بفعل تهديد منظمات حقوق الإنسان بتنظيم احتجاجات واسعة ضد ابن سلمان المسؤول عن حرب اليمن.

وقال ميريل "هناك تقارير تفيد بأن المسؤولين في الرياض يشعرون بالقلق من تأثير التظاهرات على التغطية الإعلامية لزيارة ولي العهد، حيث كان من المقرر أن تتم زيارة ولي العهد، الذي يقدم نفسه بأنه إصلاحي، وهو المسؤول عن قصف اليمن، هذا الشهر، وتستغرق ثلاثة أيام".

وأفاد موقع "ميدل إيست آي" أن "الزيارة تمّ تأجيلها إلى 7 آذار/مارس المقبل بعدما عبَّر المسؤولون السعوديون عن عدم ارتياحهم من التغطيات الصحافية السلبية، وإمكانية تنظيم تظاهرات بشأن سجل السعودية المتعلق بحقوق الإنسان والحرب في اليمن".

وأشار التقرير إلى أن "الحلقات الوثائقية الثلاث التي بثتها هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" الشهر الماضي، أغضبت الدبلوماسيين السعوديين، بعدما كشفت عن عمليات القمع ومكافحة الفساد التي أشرف عليها محمد بن سلمان.

وقد تحدّثت السلسلة التي عرضت بعنوان "آل سعود عائلة في حرب" أن العائلة الحاكمة تواجه "لحظة من عدم الاستقرار الذي لم تره من قبل، فهي تواجه نزاعا دبلوماسيا مع قطر، ومواجهة مع إيران، وانسداد أفق في الحرب الدموية في اليمن".

ولفت الكاتب إلى أن "محمد بن سلمان لم يغادر السعودية منذ حملة التطهير، التي بدأها في 4 تشرين الثاني/نوفمبر خوفا من الاضطرابات الداخلية التي قد تتسبب بغيابه"، مشيرًا إلى أن "زيارته إلى لندن ستكون جزءا من رحلة طويلة سيزور فيها العاصمة الفرنسية باريس والعاصمة الأميركية واشنطن".

وعلم موقع "ميدل إيست آي" أن "زيارة ابن سلمان لبريطانيا ستشمل لقاء مع رئيسة الوزراء تيريزا ماي، وقضاء بعض الوقت مع أفراد العائلة البريطانية الحاكمة، إذ أنه من المتوقع أن يقيم في قلعة ويندسور في بيركشاير أو قصر ساندرينعهام في نورث فولك".

وفيما ذكر تقرير الموقع أن "لندن شهدت تظاهرة عندما زار الملك الراحل عبدالله بريطانيا عام 2007، وحينها قاطع المعارضون السياسيون حفل العشاء الرسمي الذي أقامته الملكة احتفالا به"، أضاف الكاتب "على خلاف زيارة الملك عبدالله فإن رحلة ابن سلمان أقل رسمية، إلا أن التظاهرات متوقعة، حيث سيحاول الناشطون فضح الدور السعودي في اليمن، الذي أدى إلى مقتل 10 آلاف مدني منذ بداية الحرب في آذار/ مارس 2015، التي توصف بأنها أكبر كارثة من صنع البشر في العالم."

وأفاد ميريل أن" بريطانيا أصدرت رخصا لبيع السعودية أسلحة بقيمة 6 مليارات دولار، بما في ذلك مقاتلات حربية وقنابل وصواريخ"، مشيرًا إلى أن "البلدين وقعا اتفاقية دفاعية مهمة في أيلول/سبتمبر 2017".

واستدرك الموقع "رغم العلاقات الدافئة بين لندن والرياض، فإن هناك مظاهر قلق في ويستمنستر من أن ولي العهد البالغ من العمر 32 عامًا ورئيسة الوزراء قد لا يطوران علاقات عمل دافئة"، وأن هناك غيابًا في الكيمياء بينهما، بحسب ما قال مصدر مطلع على الأمر".

ونقل التقرير عن مصدر دبلوماسي ثانٍ قوله "لن تدير ماي أحاديث مجاملة، وهي تفضل طريقة غير عربية لبحث العلاقات، أي أنها تفضل التوجه مباشرة الى العمل".

الكاتب تابع بالقول إن "الزيارة قد تشهد توترا بين الطرفين بشأن إيران والاتفاقية النووية الموقعة معها، حيث تتبنى لندن موقفا مغايرا عن حليفها الخليجي"، لافتا إلى أنه "من المتوقع أن يلقى ابن سلمان حفاوة في واشنطن، حيث يقيم علاقة جيدة مع صهر ومستشار الرئيس جارد كوشنر (37 عاما)، والتقى به عدة مرات، وطور علاقة قريبة معه، على خلاف العلاقة الجامدة بين ولي العهد السعودي وماي".

وأشار الكاتب إلى أن "المسؤولين السعوديين شعروا بالإحراج عندما طلب وزير الدفاع السابق مايكل فالون في تشرين الأول/ أكتوبر من المسؤولين البريطانيين التوقف عن نقد السعودية؛ لئلا تتأثر صفقات بيع المقاتلات مع السعودية"، وقال الكاتب "ليس مستغربا أن يصف مسؤولون في سفارة السعودية في واشنطن زيارة لندن بأنها من أكثر الزيارات الدبلوماسية حساسية هذا العام، حيث ستقوم بريطانيا بالمصادقة على رؤية 2030 التي يدعمها ابن سلمان لتحويل السعودية من دولة تعتمد على النفط إلى اقتصاد متنوع".

وكشف التقرير عن أن مدير صندوق الاستثمار العام ياسر الرميان سيرافق ابن سلمان، مشيرا إلى أنه سيكون على أجندة الحوار مع ماي موضوع إمكانية الإعلان عن طرح أسهم من شركة النفط السعودية "ارامكو" في السوق المالية في لندن، التي قد تصل قيمتها إلى تريليوني دولار.

وأشار الموقع في تقريره إلى أن وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون حث السعوديين على القبول بحل سياسي للحرب على اليمن، وحاول دفع الرياض لرفع الحصار ولو بشكل جزئي عن ميناء الحديدة.

ونقل التقرير عن ناشطين قولهم إن ولي العهد السعودي هو مهندس الحرب التي أدت إلى أكبر كارثة إنسانية، ومع ذلك واصلت بريطانيا دعم السعودية بالسلاح وبيعه".

رئيس الليبراليين الديمقراطيين فينس كامبل قال-بحسب الكاتب- أنه "يجب على تيريزا ماي أن تستخدم الزيارة لمطالبة السعودية بفتح ميناء الحديدة، على أساس دائم، للسماح بوصول المواد للناس الذين يعانون من مجاعة شاملة"، وأضاف "يجب أن تؤكد الالتزامات التي قدمت في السابق للحكومة البريطانية، وتطبيق معايير الرقابة الأميركية على سلاح الجو السعودي، من أجل تقليل الضحايا المدنيين"، مشيرًا إلى أن الليبراليين وحزب العمال يؤكدون ضرورة وقف الحرب في اليمن.

وعن توقيت الزيارة، قال الكاتب "تأتي الزيارة في وقت ناقشت فيه الشرطة الترتيبات مع جماعات الناشطين، بمن فيهم ناشطو الحملة "ضد تجارة السلاح" وتحالف "أوقفوا الحرب"، وفي هذا السياق قال المتحدث باسم الحملة "ضد تجارة السلاح" أندرو سميث أن "ولي العهد هو رمز نظام لديه أسوأ سجل حقوق إنسان في العالم، وأشرف على الحرب في اليمن، التي قتلت آلاف الناس، وخلقت كارثة إنسانية رهيبة".

وبحسب تقرير "الميدل إيست آي"، فإن الكثير من الناشطين عبّروا عن غضبهم من زيارة ابن سلمان، التي تتزامن مع يوم المرأة العالمي في 8 آذار/مارس، مستدركا بأنه "رغم سماح المملكة للمرأة العام الماضي بقيادة السيارات، إلا أنها لا تزال تفرق بين الجنسين في الحياة العامة، كما يقول الناشطون".

ونقل ميريل عن ليندسي جيرمان من حملة "أوقفوا الحرب" قوله إن "توقيت الزيارة مع يوم المرأة العالمي يُعد إهانة لملايين النساء، وسنحتج في الشوارع".

وقال الموقع إن "تفاصيل الزيارة بدأت تظهر عندما قدم محاميان بريطانيان عن حقوق إنسان تقريرا طلبا فيه تعليق عضوية السعودية في مجلس حقوق الإنسان بسبب اعتقال تعسفي واعتقال قسري لـ61 شخصا في المملكة، حيث قدم كل من كين ماكدونالد ورودني ديكسون تقريرهما إلى المجلس في جنيف الشهر الماضي، وقالا أن اعتقال رجال دين بارزين وناشطي حقوق إنسان وصحافيين وشعراء وأكاديميين يعد انتهاكا للقانون الدولي والسعودي".

ونقل التقرير عن كيت ألن من منظمة "أمنستي إنترناشونال"، قولها "يجب على رئيسة الوزراء ألا تسمح لرحلة ابن سلمان بأن تمضي دون مناقشة وضع حقوق الإنسان المتدهور في السعودية، ورغم حديث ولي العهد عن الإصلاح في المملكة، فإن هناك قمعا متزايدا للمعارضة وناشطي حقوق الإنسان وعدد من المديرين، بالإضافة إلى عدد لا يحصى من المحاكمات غير العادلة، وتقارير عن التعذيب والحجز".

وختم الكاتب في "ميدل إيست آي" تقريره قائلًا إن "مسؤولين في وزارة الخارجية رفضوا الانجرار للحديث عن موعد الزيارة، وأشاروا لتصريحات ماي العام الماضي، التي قالت فيها إن بريطانيا تتطلع لاستقبال ولي العهد السعودي في العام الجديد"، لافتا إلى أن شرطة لندن لم تستجب لطلب التعليق على هذه الزيارة.

2018-02-07