ارشيف من :أخبار لبنانية
لبنان يقف موحدا ضد العدو الإسرائيلي
الأخبار.. الحريري لقائد الجيش: قرارُنا مواجهة إسرائيل
نجح لبنان الرسمي في تحويل التهديدات الإسرائيلية إلى فرصة لتعزيز التضامن الداخلي، الذي ساهم في إيصال رسالة واضحة للعدو، مفادها أن أي تخطٍّ للحدود، برياً كان أو بحرياً، لن يكون الرد عليه تقليدياً.
في اجتماع المجلس الأعلى للدفاع، في القصر الجمهوري، أمس، الذي واكبه مجلس النواب باجتماع للجنة الأشغال العامة، كان القرار واضحاً: «غطاء سياسي للقوى العسكرية لمواجهة أي اعتداء إسرائيلي على حدود لبنان في البر والبحر»، والتأكيد أن «الجدار الإسرائيلي في حال تشييده على حدودنا يعتبر اعتداءً على سيادتنا وخرقاً للقرار 1701».
ومقابل الموقف الرسمي الموحد الرافض لتصريحات وزير حرب العدو التي يدّعي فيها أن البلوك رقم 9 يعود لإسرائيل، برز موقف لوزير النفط الإسرائيلي يعيد الأمور إلى نصاب التهدئة، إذ أعلن أن إسرائيل تسعى إلى حل مع لبنان عبر وساطة أجنبية بشأن البلوك رقم 9، مبدياً استعداد الحكومة الإسرائيلية للمضي قدماً من أجل حل ديبلوماسي للمسألة. إلا أن هذا التصريح لم يلقَ صداه في لبنان، خاصة بعد أن أفشلت إسرائيل سابقاً كل المساعي الدولية لإيجاد حل لمسألة الحدود البحرية. وأكثر من ذلك، ذهبت لجنة الأشغال العامة إلى إعلان استعداد عدد من النواب للرد على الأطماع الإسرائيلية باقتراح قانون يهدف إلى تحديد الحدود البحرية وفق إحداثيات جغرافية تجعل حقل كاريش الإسرائيلي داخل الحدود اللبنانية، استناداً إلى دراسة قانونية وفنية تظهر أن الحدود اللبنانية الجنوبية البحرية يدخل من ضمنها حقل كاريش.
وسط هذه الأجواء، تابع نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد ساترفيلد، زيارته لبيروت، في مسعى إلى احتواء التوتر الحدودي، حيث التقى أمس الرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط ووزير الخارجية جبران باسيل، على أن يزور اليوم رئيس الجمهورية، قبل أن يجول على الحدود الجنوبية برفقة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم. وبحسب المعلومات، لم يحمل ساترفيلد أي حل منصف للبنان في موضوع الحدود البرية أو البحرية.
وقال الرئيس بري لـ«الأخبار» إن «الإجماع اللبناني هو ما يضمن حقّنا في حماية أرضنا ومياهنا». وأكّد أنه سبق له بعد مفاوضات شاقة مع الأمم المتحدة امتدت لأكثر من عامين، أن تمّ الاتفاق على دور الأمم المتّحدة في مراقبة الحدود البحرية كما البريّة، وما يحصل الآن هو فذلكات تقنية لإراحة العدو الإسرائيلي.
وذكّر بأنه لولا المقاومة، لما كان أحد يأتي إلينا. أضاف: نحن لا نريد أخذ كوب ماء من مياه فلسطين المحتلة، ولن نسمح بأن يأخذ أحد منّا كوب ماء. وأشار إلى أن لبنان لن يتنازل عن حقّه في الـ 860 كلم2 البحرية، وأن ما نريده هو خطّ بحري كما الخطّ البَري الذي يحفظ حقوقنا.
على هذا الأساس، خرج مجلس الدفاع الأعلى، أمس، بموقف عالي النبرة، يؤكد تمسك لبنان بكل شبر من ترابه ومياهه.
وعندما توجه قائد الجيش العماد جوزف عون، بسؤال محدد يطلب فيه من المجتمعين اتخاذ قرار حول كيفية تصرف المؤسسة العسكرية إذا واصل الإسرائيليون أعمال الجدار في النقاط الخلافية، بادر الحريري إلى الإجابة بنبرة عالية: «قرارنا واضح بالتصدي الحازم لأي تعدٍّ إسرائيلي على حدودنا». وعقّب رئيس الجمهورية بالقول: «إن موقف لبنان أبلغ إلى قائد القوات الدولية ومساعد الأمين العام للأمم المتحدة، وأن الوزير جبران باسيل وجه رسالة بهذا الخصوص إلى الأمم المتحدة».
أما بالنسبة إلى البلوك الرقم 9 الذي تدعي إسرائيل ملكيته، فأكد عون «أنه يقع ضمن المياه البحرية اللبنانية، وهو جزء من ثروتنا ومن سيادتنا، والتهديدات الإسرائيلية مرفوضة، وهي حالة عدائية، فالمياه جزء من البحر اللبناني والسيادة واحدة، والاتصالات تجري عبر القنوات الدبلوماسية لمعالجة هذا الموضوع بالتزامن مع جهوزية لبنان لمواجهة أي عدوان على أرضه ومياهه».
ثم حصل نقاش بالإجراءات الواجب اتخاذها جنوباً، وتقرر عرض بعضها على مجلس الوزراء في جلسته اليوم، وعلم أنه على المستوى السياسي ستحصل مواكبة داخلية لأي تطور إسرائيلي معادٍ عبر المؤسسات الدستورية ومن خلال وحدة وطنية بموازاة تحرك دبلوماسي واسع لدى الدول الشقيقة والصديقة ومجلس الأمن الدولي وجامعة الدول العربية. أما على المستوى العسكري والأمني، فإن القرار السياسي واضح في اتجاهين: الأول التصدي المباشر لأي عدوان إسرائيلي يهدف إلى قضم أرض أو مياه لبنانية، والثاني يتمثل في التحوّط لجهات قد تتسلل مستغلة التوتر القائم والقيام بأعمال أمنية من شأنها إشعال الجبهة على طرفي الحدود.
النهار: اتفق الرؤساء... فوضعت الملفات على السكة
الايجابيات لم تتأخر. ونتائج الاجتماع الثلاثي في قصر بعبدا طوت صفحة مؤلمة باتفاق على "معالجة ما حصل من خلال المؤسسات الدستورية وفقا للدستور والانظمة والقوانين المرعية الاجراء" كما جاء في البيان الرسمي الذي يجافي الحقيقة، اذ ان الحلول واقعاً تأتي بعيداً من الانظمة والقوانين والمؤسسات الدستورية، ثمرة اتفاقات سياسية تعيد تفعيل المؤسسات التي يصيبها شلل عند كل انتكاسة سياسية، ما يفرض وجوب اعادة النظر في توزع السلطات واستقلاليتها وعمل المؤسسات.
ووصفت مصادر مطلعة لـ"النهار" الاجتماع الثلاثي بأنها كان "جيداً جدّاً"، وتخلله حوار عميق وصريح بين الرؤساء، والبيان الرسمي الذي صدر على اثره أكد جملة ثوابت تمنع التشكيك في ما اتفق عليه.
وعلمت "النهار" أن عرضاً سياسياً من الرؤساء الثلاثة تخلل الاجتماع، من دون التطرق الى "فيديو" الوزير جبران باسيل. وتوزّع النقاش بين التهديدات الاسرائيلية والملفات الداخلية. ونوقش مرسوم الاقدمية بشكل مستفيض وتمّ التفاهم على ان تكون المعالجة نهائية على نحو يحفظ حقوق الضباط في الاقدمية التي اعطيت لهم وصدور مرسوم الترقيات من 1-1-2018 كما أعدته الاجهزة الامنية المختصة.
وفي موضوع الانتخابات النيابية، كان تأكيد لاجرائها في موعدها، كما نوقش موضوع البطاقة الممغنطة وتمّ التفاهم على تعديل المادة المتصلة بها، منعاً لأي طعن محتمل بسببها.
الجمهورية: الجدار الاسرائيلي
وبعد ساعات من انتهاء الاجتماع أعلن الناطق الرسمي باسم «اليونيفيل»، اندريا تيننتي، انّ «الجانب الإسرائيلي بدأ فعلاً تنفيذ اشغال جنوب الخط الأزرق». وقال: «نحن نتابع ما يجري ونتواصل مع الأطراف على جانبي الحدود، وحريصون على حل هذه القضية ومنع حصول اي توتر او تصعيد».
من جهته، قال مصدر أمني لـ«الجمهورية» انّ «الاسرائيليين باشروا بناء الجدار في منطقة الناقورة، وقد انجزوا نحو 30 متراً منه، هي عبارة عن بلوكات من الاسمنت المسلّح بارتفاع 5 امتار، إلّا أن الاعمال الجارية ليست في منطقة متنازع عليها او حولها اشكالات وهي داخل الاراضي الفاسطينية المحتلة، وإنّ الجيش هو في حالة استنفار للرد على اي خرق او اعتداء تنفيذاً لتعليمات القيادة وتوجيهات المجلس الاعلى للدفاع برئاسة رئيس الجمهورية».