ارشيف من :أخبار لبنانية

طرابلس: بحر الميناء غارق بمياه ’المجارير’

طرابلس: بحر الميناء غارق بمياه ’المجارير’

تعد مدينة الميناء المتنفس الوحيد لأبناء طرابلس والجوار، خاصة في مواسم الحر اللافحة وأيام العطل، كونها المنفذ البحري الوحيد لأبناء المدينة، وتمتاز بكورنيش يمتد بمساحة 10 كيلومترات على شاطئ البحر، و يقصده الآلاف من أبناء المدينة هرباً من ضغوطات الجياة ونسياناً لهمومهم، وتعبهم.

هذا المتنفس الوحيد، والذي من المفترض أن يكون متنفساً صحياً وخالياً من أي تلوث بيئي، يعاني اليوم من أزمة كبيرة، وروائح كريهة باتت تغزو معظم أحياء الميناء وتصل أحياناً الى شوارع طرابلس وازقتها، ما حول  مدينة الموج والأفق الى مدينة الروائح الكريهة. الداخل الى منطقة الميناء البحرية يتفاجأ في كمية الروائح الكريهة المنبعثة في أرجاء المدينة، نتيحة لمكب النفايات القريب، لكن جبل النفايات ليس السبب الوحيد، إذ سرعان ما يقع نظر رواد المنطقة على كميات ضخمة من المياه الآسنة باتت تغزو بحر الميناء، وتتسبب بانبعاث الراوائح الكريهة من دون توقف على طول الشاطئ البحري.

منذ عشرات السنين، وحتى اليوم، لا تزال مشكلة الصرف الصحي مهملة في طرابلس، حيث تترك هذه المياه لتصب في نقاط متعددة من الشاطىء الطرابلسي، بشكل فاضح ومكشوف، وهو نتيجة ردم البحر ما أدى الى تغطية الأقنية التي بناها الفرنسيون لجر المياه الآسنة الى وسطه، ووصلت حافة الكورنيش إلى فم الأقنية، فباتت تصبّ مياهها على الشاطىء المتاخم للكورنيش، وباتت الروائح والانبعاثات الكريهة ملموسة بقوة من قبل المقيمين على الشاطىء ومن رواده.  ابتداء من ما يعرف برأس الصخر جنوباً، وحتى المرفأ شمالا، دون أن يحرك احد ساكناً، او يسلط الضوء على المشاكل البيئية والصحية التي تنتج عن هذه الكارثة.
 
كميات هائلة من سيول الصرف الصحي تلقى يومياً في بحر طرابلس، وهي من دون شك تلحق تلوثا بالغا في مياه البحر، وهي تعد من اخطر أنواع التلوث الكيميائي الناتج عن استعمال المنظفات المنزلية، ومغاسل السيارات، وما الى هنالك من مياه اسنة تحول الى مجاري الصرف الصحي، بالإضافة الى أزمة المياه العادمة الصناعية التي تصل إلى شبكات الجرّ بطريقة أو بأخرى، حيث لا رقابة عليها، ووصولها إلى الشواطئ دون معالجة يضاعف المخاطر البيئية، التي تصل إلى أعلى مستوياتها اليوم. كون هذه المياه تختلف في مكوّناتها عن مياه الصرف الصحي المنزلي الذي من المفترض أن يكون قد تم إنشاء محطة التكرير لأجله، الا أن وجهتها بقيت مياه البحر وثرواته، وهي باتت تشكل مخاطر كبيرة ومرتفعة على الصحة العامة والثروة السمكية.

من المسؤول ؟

لا شك ان بلدية الميناء هي المسؤول الأول عن ما يجري من كوارث بيئية في المدينة، الا أنها وحتى اليوم لم تحرك ساكناً، وبحسب معلومات لموقع "العهد": فإن البلدية تلقي اللوم على مجلس الإنماء والإعمار، وتتهمه بالتأخيرفي افتتاج  محطة التكريرفي طرابلس، التي  أصبحت جاهزة منذ العام 2009 وكان من المفروض ان تعمل منذ ذلك الوقت، ولكنها لا تزال   تنتظر قرار تشغيلها، في حين أن مجارير الصرف الصحي ما تزال تصب بالبحر ما يعرّض شاطئ الميناء إلى تلوث كبير".

والطامة الكبرى، التي كانت تنقص الميناء، هو المشروع الذي تضمن جمع وجرّ للصرف الصحي من الكورة والقلمون إلى محطة تكرير المياه المبتذلة في طرابلس (المفترض أن تكون تعمل) وهو ما ادى الى  تفاقم الأزمة أكثر فأكثر، حيث كان يفترض أن تصل هذه المياه  لتصبّ في المحطّة. وبما أن المحطّة لم يكتمل العمل بها بعد، حتى هذه اللحظة، بسبب اعتراضات الأهالي على تكلفتها العالية ومخاطرها البيئية لشدّة قربها من الأماكن السكنية، يبقى السؤال المطروح:" من سينقذ الميناء وبحرها وثرواتها من هذه الكارثة، والى مت ستبقى  تلك المياه الآسنة تصول وتجول في وسط مياه البحر دون رقيب أو حسيب؟

2018-02-08