ارشيف من :آراء وتحليلات
اجتماع بعبدا: معالجة الملفات الخلافية ومواجهة تهديدات العدو
شكل الاجتماع الثلاثي الذي انعقد في بعبدا يوم الثلاثاء الماضي بين الرؤساء ميشال عون ونبيه بري وسعد الحريري خطوة مهمة ومطلوبة في توقيت حساس ودقيق يمر به لبنان على مستويات مختلفة، بعد أيام قليلة من الاتصال الذي أجراه رئيس الجمهورية مع رئيس مجلس النواب مما فتح الباب أمام عقد هذا الاجتماع، وإنهاء العلاقة المتوترة التي كانت سادت مؤخراً بين بعبدا وعين التينة.
ورغم أن جهات سياسية مطلعة على أجواء النقاشات التي سادت في الاجتماع وقريبة من أحد المشاركين فيه، ترى ان المهم ليس فقط ما جرى الاتفاق عليه من مسائل وأمور تخص معظم الملفات الخلافية أو الداهمة وكذلك طبيعة التعاطي مع استفزازات العدو وتهديداته، بل ان المهم ايضا هو وجود رغبة وحرص من المجتمعين على تطبيق ما اتفق عليه، على اعتبار إن الامتحان الأكبر يبقى في الالتزام بما انتهى اليه الاجتماع، لذلك تشير المصادر الى ان "الاجتماع فتح الباب لأول مرة منذ فترة طويلة للتعاون على قاعدة تطبيق الطائف والالتزام بالدستور، حتى لا تعود العلاقة الى ما حصل في الفترة الأخيرة من خلافات انعكست على عمل المؤسسات وفي مقدمتها مجلس النواب والحكومة".
ولهذا تلاحظ المصادر أن "ما يمكن البناء عليه، على الأقل للشهرين المقبلين قبل توقف جلسات مجلس النواب عشية موعد إجراء الانتخابات النيابية ولفترة ما بعد إجرائها، حيث تأخذ مسألة تشكيل الحكومة في العادة عدة أشهر، هو أن اجتماع بعبدا أعاد تصحيح مسار عمل المؤسسات خاصة لمجلسي النواب والوزراء، كما وضع "قطار المشكلات" على سكة المعالجة لكثير من الامور الملحة والعالقة وهي:
أولا: ان ما انتهى إليه اللقاء أزال كل الالتباسات والخلافات التي كانت تتحكّم بعلاقة بعبدا مع عين التينة، ما يفسح المجال أمام تعاون السطات على قاعدة تنفيذ القوانين والدستور في كل المسائل العالقة أو الخلافية.
ثانيا: الإنجاز الأهم، هو ما تحقق على مستوى الوحدة الوطنية لمواجهة استفزازات العدو الإسرائيلي وتهديداته والمتمثلة بمحاولة وضع اليد على البلوك رقم "9" في المياه الاقليمية اللبنانية، وسعي العدو لمنع لبنان الاستفادة من ثروته النفطية والغازية في البحر، وكذلك محاولته اقامة جدار عازل على حدود لبنان مع فلسطين المحتلة دون الأخذ بتحفظات الدولة اللبنانية على النقاط الـ 13 على الخط الازرق، وتقول المصادر ان "ما تضمنه بيان اجتماع بعبدا، ومن ثم بيان مجلس الدفاع الاعلى، وما صدر عن مجلس الوزراء يوم امس (الخميس) من مواقف حاسمة وجامعة في مواجهة الأطماع الاسرائيلية يشكل اللبنة الفعلية التي تمكن لبنان من افشال اطماع العدو في مياه لبنان وارضه، خصوصا ان الموقف كان واضحا دون أي لبس، بإعطاء الغطاء السياسي للجيش اللبناني للرد على أية خروقات او اعتداء اسرائيلي، بعد أن كان الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله قد أكد مؤخرا استعداد المقاومة لمؤازرة الجيش للرد على على اعتداء أو خرق من جانب العدو لمياه لبنان أو التعدي على حدوده البرية". وتؤكد المصادر انه "بنتيجة هذا الموقف الحاسم للدولة والمقاومة يبدو ان قيادة العدو قد اخذت هذه التهديدات بصورة جدية وهو ما ظهر من خلال التراجع الذي حصل في بناء الجدار عند بوابة رأس الناقورة قبل ساعات".
ثالثا: ان الاجتماع انتج اتفاقا بين الرؤساء الثلاثة على فتح دورة استثنائية لمجلس النواب لمناقشة موازنة العام الحالي مع ما يتفق عليه من بنود أخرى، إضافة الى إعادة مجلس الوزراء لعمله الطبيعي وهذا الامر أنتج جلسة دسمة يوم أمس انتهت الى سلسلة مقرارات حول كثير من البنود التي كانت مدرجة على جدول الاعمال.
رابعا: لقد ثبّت اجتماع بعبدا اجراء الانتخابات النيابية في موعدها في السادس من ايار المقبل بخلاف ما كان سائدا قبل الاجتماع من مخاوف عن امكانية تطيير الانتخابات.
خامسا: أن من بين النتائج الأولى لاجتماع بعبدا، هو الاتفاق على حل الخلاف على مرسوم الأقدمية الذي كان سبب اشعال الأزمة الاخيرة حيث جرى ضم مرسومي الترقيات والاقدمية وأخذت الامور طريقها للتوقيع من جانب الجهات المعنية وبالتالي وضع المسألة في الاطار الطبيعي والقانوني.
كما ان المصادر تشير إلى أن "الأسابيع القليلة المقبلة التي تفصل البلاد عن الانتخابات النيابية ستشهد إنجاز العديد من الملفات العالقة أو المؤجلة على مستوى مجلس الوزراء وبالأخص اقرار المزيد من التعينات الادارية بعد اقرار جلسة مجلس الوزاء يوم امس لدفعة من التعيينات القضائية والامنية وذلك بهدف تنشيط عمل مؤسسات الدولة المختلفة".