ارشيف من :أخبار لبنانية
معادلة جديدة مع العدو الصهيوني.. واجتماع رئاسي ثلاثي اليوم في بعبدا محوره خروقات العدو
شخصت الأنظار نحو المعادلة الجديدة في توازن الرعب التي نتجت عن إسقاط المضادات السورية الطائرة الحربية الصهيونية من نوع "إف16" منذ يومين، وسيطر الهدوء على الملفات المحلية.
وبحلول الذكرى العاشرة لاستشهاد القائد الجهادي الحاج عماد مغنية، كانت الساعات الماضية تشهد دخول لبنان في مصاف الدول النفطية وذلك باحتفال رسمي أُقيم في البيال يوم الجمعة الفائت، فيما يعقد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اليوم اجتماعا مع الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري في بعبدا للوقوف على آخر التطورات على صعيد الخروقات الصهيونية للسيادة اللبنانية.
"الأخبار": منعطف سياسي بعد الميداني
رأت "الأخبار" أن قرار إسقاط الطائرة F16 الإسرائيلية والحراك السياسي والدبلوماسي الذي سبقه وتلاه يكشفان عن تحولات كبرى على المستوى الميداني والسياسي في سوريا والمشرق العربي، بالنسبة إلى جميع اللاعبين المحليين والاقليميين والدوليين المعنيين بالصراع الدائر في المنطقة مع الكيان الصهيوني.
وإذا كان قرار التصدي النوعي للاعتداءات الصهيونية ضد سوريا وحلفائها من قبل محور المقاومة قد وجّه ضربة موجعة لقواعد اللعبة التي سعى هذا الكيان لفرضها سنوات قبل انفجار الأزمة السورية، فإن التوجه نحو موسكو أولاً وطلب وساطتها قبل غيرها لوقف التصعيد الذي نجم عن هذا التصدي يؤشر في الآن نفسه إلى ازدياد الوزن الروسي والتراجع المستمر للنفوذ الأميركي والغربي في الشرق الأوسط، في سياق دولي إحدى سماته البارزة عودة الصراعات بين القوى الكبرى.
هدفت «قواعد اللعبة» الإسرائيلية إلى منع سوريا وحلفائها من بناء ومراكمة الامكانيات والقدرات العسكرية التي قد تسمح مستقبلاً بكسر التوازن العسكري المختل لمصلحة إسرائيل. يأتي في هذا الإطار مثلاً قصف إسرائيل لمفاعل الكبر النووي السوري عام 2007 أو اغتيال عدد من قادة المقاومة اللبنانية والفلسطينية في سوريا في تلك الفترة نفسها، أي قبل انفجار الأزمة السورية. بعد انفجارها وتحولها إلى مواجهة إقليمية ودولية مع محور المقاومة، تصاعدت وتيرة الاعتداءات الصهيونية بشكل كبير. فقد اعتبر الطرف الإسرائيلي أن هذا المحور يشرع في عملية بناء للقدرات العسكرية تحت نار ودخان الحرب السورية، وتحديداً في مجال الصواريخ المتطورة. رئيس هيئة الأركان غادي أيزنكوت عرّف هذه الاعتداءات باعتبارها «عمليات ما دون الحرب». وهو رأى أن «عملياتنا ما دون الحرب لم تؤدّ الى تصعيد، لأن أعداءنا يدركون أننا نضرب قدرات ينبغي أن تستهدف. قمنا بشنّ مختلف أنواع العمليات، وبعضها عنيف، وعرف عدد قليل منها... لدينا تفوّق جوي واستخباري، ما يعزز القدرة الردعية للجيش. لقد أقدمنا بالفعل على مئات الهجمات المتنوعة، ولم يكن هناك أيّ رد. هذا يظهر قدرة الردع الكبيرة للجيش، على الرغم من معرفتنا أن الردع مفهوم مائع».
لقد أظهر إسقاط طائرة F16 مدى «ميوعة» هذا المفهوم ومحدودية مدته الزمنية. والحقيقة أن محاولات التصدي للاعتداءات الصهيونية لم تتوقف في الفترة السابقة، على الرغم من صعوبة الظروف المرتبطة بالحرب الدائرة في سوريا. وقد لاحظت صحيفة «جيروزاليم بوست» أن «الطائرات الاسرائيلية تستهدف عادة من قبل الدفاعات السورية، الروسية الصنع، ومنذ تدخل الروس في الحرب السورية الدامية أصبح النظام السوري أكثر حزماً في تصدّيه للهجمات الاسرائيلية». الحقيقة البديهية الأخرى التي يتجاهلها الكثير من التحليلات المنحازة هي أن الجيوش التي تخوض مواجهات ومعارك شديدة الشراسة من دون أن تنهار تصبح أكثر قوة وخبرة عند نهاية الحرب. هكذا كان حال القوى العسكرية للعراق وإيران عند نهاية الحرب بين البلدين، مع أنها استمرت ثماني سنوات وسقط خلالها مليون ونصف مليون قتيل. التصريحات الرسمية والعسكرية وتعليقات الخبراء والإعلام أظهرت أن الطرف الإسرائيلي أضحى موقناً أن الصراع دخل منعطفاً خطيراً بالنسبة إليه، وأنّ ما يخشاه من عملية مراكمة للقدرات بات يتم أمام ناظريه، وهو لم يجد بديلاً من التوجه مجدداً نحو موسكو طلباً للوساطة لوقف التصعيد.
المنعطف الآخر على المستوى السياسي والدبلوماسي يرتبط بالدور المتعاظم لروسيا في المنطقة. حتى بضع سنوات خلت، كانت الولايات المتحدة تحتكر دور الوسيط والراعي لأي تفاوض يتعلق بالصراع العربي الصهيوني. وحتى عندما كانت تقوم أطراف أخرى بنقل رسائل بين أفرقاء النزاع أو استضافة مفاوضات سرية أو علنية، كانت تفعل ذلك بعد التنسيق مع الولايات المتحدة أو الحصول منها على تفويض. والجميع يذكر كيف حصرت هذه الأخيرة دور الدول الأوروبية في دور «الجهات المانحة» للمساعدات الاقتصادية خلال بدايات ما يسمى عملية السلام، من دون أن تسمح لها بتاتاً بالتدخل في مجريات المفاوضات السياسية. لقد تغيّرت الأوضاع على نحو كبير اليوم، ولكن بالنسبة لروسيا، فهي وحدها قادرة على التحدث إلى الأطراف المتصارعة ومن دون التشاور بالضرورة مع الولايات المتحدة. يعزز هذا الأمر من موقعها الاقليمي والدولي كقوة «لا غنى عنها» لحفظ الاستقرار، وهي صفة كانت الولايات المتحدة تعتبر أنها الوحيدة التي التمتع بها بين دول العالم. وأتى تقرير «مجموعة الأزمات الدولية» الذي يؤكد على مركزية دور روسيا كوسيط لاحتواء التوتر المتصاعد بين إسرائيل والدولة السورية وحلفائها، الصادر منذ بضعة أيام قبل إسقاط الطائرة، ليبرز اتساع هذا الاقتناع على المستوى الدولي بين المؤسسات والهيئات المعنية بالتوسط في النزاعات، وهو أمر يزيد من حنق إدارة ترامب ــ ماتيس بلا ريب.
"البناء": لبنان يدخل نادي دول النفط
ومن المجال الجوي الى الأحواض النفطية في أعماق البحر المتوسط، حيث تمكن لبنان من تجاوز التهديدات «الإسرائيلية» وتحقيق خطوة جديدة متقدّمة في مسار استثمار ثروته الطبيعية من النفط والغاز في المياه الإقليمية اللبنانية، وبالتالي الدخول الى نادي الدول النفطية.
وفي احتفال رسمي أُقيم في البيال الجمعة الماضي بحضور رئيس الجمهورية ومعظم الوزراء في الحكومة وممثلين عن الشركات الأجنبية الثلاث وهيئة إدارة البترول، وقع لبنان اتفاقيتي التنقيب واستخراج النفط والغاز مع تحالف ثلاث شركات وهي توتال الفرنسية وايني الايطالية ونوفوتيك الروسية في البلوكين 4 و9، وقال الرئيس ميشال عون في كلمته في ختام الحفل «لبنان دخل في التاريخ اليوم وبمرحلة جديدة، الى الذين عملوا في هذا الميدان وأوصلونا الى هذه النقطة والفضل للبنانيين. من الآن وصاعداً أصبح العمل تجارياً، أما العمل المتعب فهو الذي قمتم به أنتم أيها اللبنانيون، وخصوصاً فريق العمل الذي عمل مع الوزراء».
وأكد وزير الطاقة والمياه سيزار أبي خليل في كلمته «حماية الملف الوطني من الفساد والعمل على منع أي تسرّب للفساد والفاسدين إليه بأي شكل من الأشكال»، و»معاهدين جميع اللبنانيين بالمحافظة على هذه الثروة وتثميرها وتحصينها للبنانيين حاضراً ومستقبلاً».
وفي وقت أشارت مصادر نيابية مطلعة على الملف لـ«البناء» إلى أن «إسرائيل أرسلت وفوداً الى الشركات الثلاث لثنيها عن توقيع الاتفاقيات مع لبنان وهددتها بملاحقتها دولياً إذا استمرت بذلك»، لفتت المصادر الى أن «الشركات رفضت المطالب والتهديدات الإسرائيلية».
وأكد أبي خليل لـ«البناء» أن «لبنان لن يفرط بحقوقه في ثروته من النفط والغاز»، مشيراً الى أن «الرقعة رقم 9 تقع ضمن المياه البحرية اللبنانية وأنها خاضعة بشكل تامّ لسيادة الدولة اللبنانية»، ولفت الى أن «لا تفاوض مع «إسرائيل» على الحقوق اللبنانية»، ولفت وزير الطاقة الى أن «لبنان ثبّت حقه من خلال توقيع الاتفاقيات مع الشركات لبدء العمل للتنقيب واستخراج النفط. وبالتالي قطع الطريق على أي محاولات لقرصنة «إسرائيلية» لحقوقنا عبر وساطة من هنا وضغوطٍ من هناك»، موضحاً أن «لبنان مستعد للوساطة الأميركية على المناطق المتنازع عليها مع العدو «الإسرائيلي» وليس على الحقوق اللبنانية المعترف بها دولياً كالبلوك النفطي رقم 9».
وقد حاول رئيس حزب «القوات» سمير جعجع التماهي مع الطروحات الأميركية والتسويق للعرض الذي حمله مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط ديفيد ساترفيلد، ودعا جعجع الحكومة الى «التداول بشكل جدي بالحلول المطروحة من قبل الموفد الأميركي للوصول إلى أفضل مخرج ممكن أن يحافظ على جميع حقوقنا الوطنية ويفتح لنا آفاق المستقبل».
"الجمهورية": برِّي: لا حرب بل توازنات جديدة
ورداً على سؤال حول إسقاط الطائرة الاسرائيلية وهل يمكن ان تتطور الاوضاع بعده، قال بري امام زوّاره امس: «ما حصل هو اكبر من معركة وأصغر من حرب، وسيخلق توازنات وقواعد اشتباك جديدة في المنطقة، فهذا الحدث هو الاول من نوعه من عشرات السنين». وأكد ان «لا تصعيد متوقعاً وسينتهي ما حصل عند حدوده، ولن يتطور الى حرب شاملة».
وعن العلاقة بينه وبين رئيس الجمهورية، قال بري انّ هذه العلاقة «على ما يرام»، وانهما سيلتقيان قريباً والاتصالات بينهما متواصلة مواكبة للتطورات الجارية والتهديدات الاسرائيلية.
وأشار بري الى انّ اجتماعاً سيعقد اليوم في الناقورة للجنة الثلاثية اللبنانية - الدولية - الاسرائيلية للاطلاع على الرد الاسرائيلي على الموقف اللبناني في شأن الجدار، والذي كان لبنان أبلغه الى الاسرائيليين في اجتماع الاثنين الماضي.
واضاف: «في هذا المجال سيتمسّك لبنان بخط الهدنة لعام 1949، وانّ الخط الازرق الذي فرضه القرار 1701 ليس هو حدود لبنان الجنوبية، وما يسري حدودياً على البر ينبغي ان يسري في البحر، وهذا الموقف أتمَسّك به منذ سنين طويلة وأبلغته الى الجميع».
وعن موضوع النفط والغاز، قال بري: «لا خوف على حقوقنا النفطية وقد أبلغنا رئيس شركة «توتال» الذي التقيته قبل يومين انّ تحالف الشركات النفطية التي ستُنقّب على النفط والغاز لن تتأثر بالتهديدات الاسرائيلية، وانها مستمرة في التحضير للبدء بالتنقيب». واضاف: «أهمية إقرار تلزيم التنقيب في البلوك 9 تكمن في اننا حافظنا على حقوقنا النفطية في مواجهة الاطماع الاسرائيلية، وموقف لبنان في هذا الصدد موحّد».
واستبعد بري إقرار قانون العفو العام المرتقب قبل إجراء الانتخابات النيابية، وكذلك تخوّف من تأخّر إقرار موازنة الدولة للسنة الجارية 2018 قبل الانتخابات المقررة في 6 ايار المقبل.
"اللواء": وقف مؤقت لبناء الجدار الإسمنتي.. واجتماع ثلاثي يسبق محادثات تيلرسون
من جهة أخرى يترقّب لبنان الرسمي والسياسي مجيء وزير الخارجية الأميركي ركس تيلرسون الذي بدأ جولة عربية - شرق أوسطية إلى بيروت، ليس فقط، لقبول وساطته في ما خص البلوك رقم 9، حيث تلقت الشركات الدولية (الفرنسية - الروسية - الايطالية) تهديدات إسرائيلية، بسبب توقيعها عقوداً مع الحكومة اللبنانية بشأن استخراج النفط والغاز من البلوكات اللبنانية في مياه لبنان الإقليمية.. بل لمعرفة مسار التهديدات الإسرائيلية، بعد إسقاط طائرة إسرائيلية من نوع أف16 بالمضادات السورية، الأمر الذي حمل صحيفة «نيويورك تايمز» للإعراب عن مخاوفها من «أن العديد من القوى التي تتصارع فوق الأراضي السورية يمكن ان تتقاطع وتسهم في اندلاع مواجهة كبيرة».
وفتحت عودة الرئيس سعد الحريري من زيارة قصيرة وخاصة إلى باريس المجال امام استئناف الاجتماعات التحضيرية، بدءاً من اليوم، من أجل مؤتمر روما 2، الأوّل يعقد عند العاشرة من قبل ظهر اليوم، ويحضره وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق مع المسؤولين والخبراء التقنيين، والثاني لسفراء الدول المعنية والثالث يحضره وزير الدفاع يعقوب الصرّاف.
وعليه، استبعد مصدر مطلع انعقاد لقاء ثلاثي في قصر بعبدا اليوم، للتشاور في الموقف الموحّد الذي يتعين ابلاغه للوزير الأميركي، سواء في ما يتعلق بالجدار الاسمنتي، أو البلوك 9، أو الشق المتعلق بالتطورات العسكرية على الجبهة الإسرائيلية - السورية والانتهاك الإسرائيلي المتمادي للسيادة اللبنانية.
لكن المصدر رجح انعقاده غداً، على الرغم من زيارة رئيس وزراء بولندا، حيث يقيم الرئيس الحريري مساء اليوم مأدبة عشاء على شرفه في السراي الكبير..
وكشف المصدر عن اجتماع سيعقد بين الرئيسين نبيه برّي والحريري خلال الساعات المقبلة.
ولم تشأ المصادر السياسية الحديث عن معطيات محددة للزيارة، لكنها اشارت إلى ان المباحثات مع رئيس الدبلوماسية الأميركية ستتناول الجدار الاسمنتي على الحدود والبلوك رقم 9 وتسليح الجيش والإرهاب والقرار 1701.
وإذ أوضحت ان الموقف اللبناني واضح وصريح تجاه المواضيع التي قد تطرح، قالت ان ما من جلسة لمجلس الوزراء هذا الخميس بسبب الانشغال بالزيارة.
واستبعدت ان يعقد تيلرسون لقاءً خاصاً مع نظيره اللبناني جبران باسيل في الخارجية، بل سيكون اللقاء من ضمن زيارة بعبدا ولقاء الرئيس عون.
وكانت معلومات اشارت إلى ان المبعوث الأميركي ساترفيلد اثار مع المسؤولين اللبنانيين مقترحات معينة حول معالجة مشكلة «البلوك 9»، تقوم على مبادئ مقترحات مبعوث الخارجية الاميركية فريديريك هوف القاضية بتقاسم المنطقة المختلف عليها في البلوك 9 بين لبنان واسرائيل والبالغة مساحتها 863 كيلومتراً مربعا، على ان تكون حصة لبنان منها 580 كلم والباقي لإسرائيل، واقترح ساترفيلد إمكانية تحسين حصة لبنان قليلا، لكن الموقف اللبناني الموحد كان التحفظ على المقترح لأنه يعتبر ان هذه المنطقة هي له كاملة من ضمن حدوده البحرية وحدود المنطقة الاقتصادية الخالصة، في حين تدعي اسرائيل ملكية جزء صغير من جنوب غرب الرقعة النفطية. إلا ان لبنان لم يقفل ابواب التفاوض لعدم تصعيد الموقف، وهو ينتظر زيارة الوزير تيلرسون لمعرفة المزيد عن المقترحات الاميركية لمعالجة المشكلة.
بدا للوقوف على آخر التطورات على صعيد الخروقات الصهيونية للسيادة اللبنانية.