ارشيف من :أخبار لبنانية
ما قصة ’خط هوف’ المرفوض لبنانياً؟
ما إن اشتمّ كيان العدو رائحة انطلاق العجلة اللبنانية للاستكشاف في حقول النفط والغاز في المنطقة الاقتصادية الخالصة، حتى انهالت تصريحات مسؤوليه المتوعدة والمهددة. ادعاءات صهيونية بالجملة بملكية البلوك رقم "9". تهديدات "مباشرة" لتحالف الشركات النفطية العالمية التي وقّعت عقودها مع لبنان. الأمر لم ينته عند هذا الحد، بل حرّك العدو أداته التحريضية، واشنطن، لفعل "أي شيء" قبل استفادة لبنان من "حقه" المشروع. فوراً تحركت الولايات المتحدة التي كانت "على السمع". حراك أميركي ملحوظ شهدته بيروت، التي زارها بدايةً مساعد وزير الخارجية الأميركية ديفيد ساترفيلد، مسوّقاً لمعزوفة "خط هوف" التي تقضم جزءاً مهماً من حدود لبنان. قبل أن يتبعه وزير الخارجية ريكس تيلرسون الذي كرّر ما مهّد له ساتيرفيلد أمام مسامع المسؤولين اللبنانيين، فسمع كلاماً لم يُرض "خاطره" فحواه تمسك لبنان بخطه الاقتصادي وحصته الكاملة من موارده النفطية. فما "خط هوف" الذي تعمل أميركا على إحيائه؟.
اللواء الركن عبد الرحمن شحيتلي ـ الذي شغل مهمة تمثيل الجانب اللبناني في ترسيم الحدود البحرية والمنطقة الاقتصادية ـ، يتحدّث بإسهاب عن تاريخ "خط هوف" الذي يعمل الأميركيون بتحريض صهيوني على إحيائه، وهو الذي قاد مفاوضات طويلة مع الأميركيين إبان طرح السفير فريدريك هوف خطته لترسيم الحدود البحرية اللبنانية ـ الفلسطينية. ينطلق شحيتلي في حديثه من عام 2007، حين كلّف مجلس الوزراء لجنة لترسيم حدود لبنان الاقتصادية من الجهة الجنوبية، والتي بدورها أودعت الأمم المتحدة هذه الحدود، ليتم بعدها توقيع اتفاقية "الحدود" بين لبنان وقبرص".
وفي حديث لموقع "العهد الإخباري"، ينتقل شحيتلي الى عام 2010، الذي صدر فيه قانون لمجلس النواب نصّ على كل ما يتعلّق بالحدود البحرية والبرية والحقوق النفطية للبنان. كما صدر مرسوم حدّد حدود إحداثيات النقاط البحرية على الشاطئ اللبناني، وحدود المنطقة الاقتصادية في المياه الإقليمية اللبنانية، وجرى إيداعها أيضاً للأمم المتحدة التي أعلنت بدورها عن هذه الإحداثيات في منشور لها. ليودع بعدها كيان العدو الأمم المتحدة "حدوده" البحرية والاقتصادية في بحر فلسطين المحتلة. الإيداعان بيّنا تداخلًا في الحدود مقداره 860 كلم، ما استدعى ـ بحسب قانون البحار الصادر عام 1982 ـ ضرورة لجوء الطرفين الى إجراء مفاوضات مباشرة بين لبنان وكيان العدو، وهذا يستحيل تطبيقه لأن بيروت ترى في تل أبيب عدواً. فانتقلت "الوجهة" الى خطوة أخرى تنص على تحكيم وسيط يُجري مفاوضات بين الطرفين، فطلب لبنان من الأمم المتحدة أن تلعب دور الوسيط، فرفض كيان العدو، ليجري الاتفاق على أن تلعب واشنطن هذا الدور، فتم تلزيمها بمهمة الاتصالات والمفاوضات.
حينها، بدأت قصّة "خط هوف" كما يروي اللواء شحيتلي. الأخير قاد الوفد اللبناني المفاوض والذي ّضمّ قانونيين وتقنيين، فيما ترأس هوف الوفد الأميركي الذي ضمَ أيضاً تقنيين، وبنتيجة المفاوضات اقترح هوف "خطاً وسيطاً"، هو برأي شحيتلي، غير قانوني مطلقاً، فعندما أعلن لبنان حدوده ارتكز على مرجعية قانونية دولية تحدّد كيفية ترسيم الحدود، أما الجانب الصهيوني فلم يستند على أي مرجع حقوقي. لذلك ووفقاً للقانون الدولي فإنّ الحدود التي رسمها كيان العدو ليست ذا مصداقية أبداً. وهنا يُشدّد لبنان الرسمي على ضرورة إجراء المزيد من المحادثات لإجراء تعديلات على خطة هوف التي "تحسب حساباً" لكيان العدو وتأخذ بمقترحاته. برأي شحيتلي، الخط الذي رسمه العدو خارج البحث ولا يعنينا. وعلى واشنطن إجراء المزيد من المباحثات وتعديل خطتها. فوفقاً للمادة 74 من قانون البحار. إذا لم يستطع الطرفان المتنازعان التوصل الى "حل عادل" خلال فترة معقولة من الزمن، عليهم تطبيق الجزء الخامس عشر والذي ينص على أنّه "في حال عدم وجود اتفاق، فعلى كل دولة أن لا تتعدى الحد الوسطي ما بين الدولتين "وخطنا هو العادل"، فيما خط هوف "غير عادل" مطلقاً" يشدد شحيتلي، الذي يختم بالإشارة الى أنّ" لبنان يحصّن حدوده بالقانون الدولي".