ارشيف من :آراء وتحليلات
ليبيا.. خطوات بطيئة نحو الحل
تشير أغلب المؤشرات والأحداث في ليبيا على أن الأمور في بلد عمر المختار تتجه نحو الاستقرار وإن ببطء شديد. وأن أغلب المناوشات التي تحصل هنا وهناك ما هي إلا ردود أفعال لبعض الأطراف غير الراضية عمّا يحصل من تفاهمات باعتبارها تقتات من الأزمات وليس من مصلحتها أن يستقر البلد، وهي جيوب صغيرة سرعان ما يتم القضاء عليها مع الوقت مثلما حصل في أغلب البلدان التي عاشت حروبا أهلية.
كما أن أطراف العملية السياسية قد يجنحون من حين لآخر إلى العنف لكسب المواقع في الميدان من أجل تحسين شروط التفاوض. فيبدو أن الغرب الاستعماري وبعد أن ضمن حصته من كعكة النفط الليبية بات راغبا في التهدئة من أجل استثمار شركاته في النفط الليبي وفي عملية إعادة الإعمار التي ستنال فيها الشركات الإيطالية والفرنسية والبريطانية والأمريكية نصيب الأسد.
عودة البعثة الأممية
ومن المؤشرات على عودة الاستقرار تدريجيا إلى ليبيا، رجوع البعثة الأممية للعمل في العاصمة طرابلس بعد أن كانت تتخذ من تونس مقرا مؤقتا لها بحكم الوضع الاستثنائي الذي كانت تعيشه البلاد. ويرى مراقبون بأن هذه العودة ستمكن البعثة التي يرأسها اللبناني غسان سلامة من العمل بأكثر نجاعة على الميدان وستجعلها تربح الكثير من الوقت الذي كان يتطلبه تنقل الفرقاء الليبيين لملاقاته في تونس.
ويبدو أن سلامة بخلاف سابقيه، وخصوصا مارتن كوبلر، يحظى بثقة أغلب الفرقاء الليبيين ولديه القدرة على التواصل معهم بحكم عامل اللغة والانتماء إلى الفضاء الجغرافي ذاته. وقد تجسد ذلك في الميدان باعتبار وأن البعثة تحقق إنجازات هامة وتعمل في صمت وتوج عملها بتحقيق مناخ سياسي داعم للعملية السياسية ساعدها إلى العودة إلى حيث يجب أن تكون.
الدستور أولًا
ومن المؤشرات أيضا على أن الأوضاع في ليبيا سائرة نحو الإستقرار هو قرار المحكمة الإدارية العليا برفض الطعن على إحالة مشروع الدستور من الهيئة التأسيسية إلى مجلس النواب. حيث وبموجب هذا القرار سيحال مشروع الدستور الذي أعد في طرابلس (أين نفوذ جماعة السراج) من قبل الهيئة التأسيسية على البرلمان الليبي المقرب رئيسه من خليفة حفتر ليصوت عليه.
وبالتالي، فإن الأمور سائرة وفقا لما تم الإتفاق عليه في تونس ولخارطة الطريق التي وضعها غسان سلامة وهي إعداد الدستور أولا ثم إجراء انتخابات نيابية ورئاسية. ويرى محللون بأن هذا المناخ الجديد سيدفع بالأحزاب والأطراف المتصارعة على الشروع في الإعداد لهذه المواعيد والتنافس من خلال صناديق الاقتراع عوض الاقتتال في الشوارع، لكن ذلك لن يمنع من استمرار المناوشات التي قد تندلع من حين لآخر لإجهاض العملية السياسية خاصة وأن ليبيا وجهة هامة للتكفريين الفارين من سوريا والعراق.