ارشيف من :آراء وتحليلات

عندما تكون الوصية: حفظ المقاومة سندًا قويًّا للدولة

عندما تكون الوصية: حفظ المقاومة سندًا قويًّا للدولة

بمناسبة ذكرى شهداء قادة المقاومة، وتحت شعار "حفظنا الوصية"، وضع بالأمس سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وكالعادة، النقاط على الحروف، فيما خص الوضع العام ومعطيات الصراع المفتوح في المنطقة، مشددًا على الاشتباك القديم ـ الجديد بين لبنان والعدو الإسرائيلي، لناحية أطماع الأخير التاريخية والحاضرة بِأرض ومياه وثروات لبنان.

ما يميز الاحتفال بذكرى شهداء من قادة حزب الله هذا العام، انه تواكب مع اشتباك حدودي بري وبحري بين الدولة اللبنانية والعدو الإسرائيلي، وفي ظل توترٍ إقليمي حساس، لامس الخط الأحمر الذي يسبق مباشرة اندلاع حرب واسعة، كان قد نتج عن إسقاط الجيش العربي السوري لقاذفة أف 16 اسرائيلية، وفرضِه (الجيش العربي السوري) مع محور المقاومة، قواعد اشتباك جديدة بمواجهة هذا العدو.

انطلاقاً من موضوع التوتر الذي أعقب إسقاط القاذفة الإسرائيلية، والذي انتهى ـ مبدئيا ـ بعد تواصل ساخن وسريع مع الرئيس الروسي، حرص خلاله رئيس حكومة العدو، وكشرط لوقف التصعيد، على عدم انخراط حزب الله في الاشتباك أو في المعركة التي كادت أن تندلع، وانطلاقا ايضا من موضوع هرولة الديبلوماسية الأميركية الى لبنان لمحاولة إيجاد حل ـ على طريقتهم طبعا ـ لمعضلة تهديد حزب الله وتشدده، حماية للحقوق اللبنانية في البر وفي البحر، كانت معادلة "المقاومة القوية"، والتي هي في الحقيقة مضمون وصية القادة الشهداء التي حفظها حزب الله وعن ظهر قلب.
 
هذه المقاومة تؤكد اليوم وتثبّت، أنها حفظت وصية قادتها، وحفظت نفسها قوية منيعة ووفية، وهي كانت وما زالت لاعبا أساسا في المعركة الواسعة ضد العدو الإسرائيلي وضد العدو التكفيري، والذي هو في الحقيقة امتدادٌ للعدو الاول ووجهٌ من اوجُهِهِ، وقد وصلت إلى وضع أصبحت فيه، تفرض نفسها في صراع  ذو طابع دولي بامتياز، وأصبح العدو الاسرائيلي يخشى انخراطها في مواجهته، ويبحث عن مخرج لتلافي ذلك، فيوقف تصعيده مخفيا صفعة تاريخية تعرض لها، بعد ان أُسقِطَت قاذفته المميزة في سلاحه الجوي الأكثر تطوراً، والتي طالما اعتمد عليه في معاركه وفي اعتداءته.

من هنا، وانطلاقاً من معادلة "المقاومة القوية"، والمستندة على قدرات لافتة في الردع وفي توازن الرعب، وضعت المقاومة نفسها بالأمس، وعلى لسان أمينها العام، بتصرف الدولة اللبنانية، وحيث اعتبر سماحته بهذا الموقف، إن قدرات وإمكانيات المقاومة هي قدرات وامكانيات الدولة اللبنانية، وان الاخيرة تستطيع ان تعتمد على المقاومة لاتخاذ أي قرار في الاشتباك الحاصل مع العدو، معتبراً ايضاً أن حزب الله، ومثلما كان داعما لقرار الدولة عام 2000 حين رسّمت وحددت الخط الازرق حسب مقتضيات القرار 1701 حينها، هو اليوم وراء الدولة كيفما كان قرارها ونظرتها السيادية، لناحية الحدود البرية او لناحية حدود المياه الاقتصادية الخالصة مع فلسطين المحتلة.

هذه المعادلة التي أرساها بالأمس الأمين العام لحزب الله، والتي اعتبر من خلالها أن المقاومة بتصرف الدولة وداعمة لقراراتها السيادية، لها أبعاد مهمة وتحمل في طياتها الكثير من المعاني التي يجب التوقف عندها وهي :

أولاً: إن المقاومة، ومهما عظمت قدراتها وامكانياتها، ومهما أصبح موقعها الداخلي والإقليمي متقدما وفارضا لنفسه، تبقى تحت سقف الدولة ولا تتجاوزها، وتبقى السند الأساس والصادق والوفي للمؤسسات الرسمية الشرعية، وتبقى الداعم القوي والأمين لأي قرار وطني جامع، يهدف الى تأمين مصلحة جميع مكونات الوطن.

ثانياً: إن المقاومة، ومنذ نشأتها، كانت دائما تبحث عن دولة ذات قرار سيادي، وإنها (المقاومة) لم تكن يوما بديلا عن الدولة، بل كانت دائما عنصرًا مساعدًا وداعما لوجود دولة قوية وجريئة، كما وأنها (المقاومة) اضطرت مكرهة لأن تستلم المبادرة والمسؤولية يوم تخلت الدولة عن مسؤولياتها، ويوم غابت الاخيرة عن الساحات والمواقع التي كان من المفترض ان تكون فيها، كانت المقاومةُ خيرَ شاغلٍ لتلك المواقع والساحات.

2018-02-17