ارشيف من :أخبار لبنانية
’المياومون’ الى الشارع مجدداً...’حكاية’ عقد من الزمن
منذ ما يقارب عقدًا من الزمن، فُتح ملف مياومي كهرباء لبنان على مصراعيه. وفتحت معه قصة طويلة من التعقيدات والمناكفات السياسية. "حكاية" 1800 مياوم خدموا في مؤسسة كهرباء لبنان لسنوات، وبعضهم لعقدين من الزمن، وجد أغلبهم نفسه فجأة في الطريق، بلا صفة، بلا عمل، وحكماً بلا أجور. سلسلة من الوعود تلقاها هؤلاء، بتسوية أوضاعهم التي لم تكن بملء إرادتهم، بل جاءت نتيجة ظروف قانونية وسياسية. فقديماً، وفي ظل عدم فتح الدولة باب التثبيت "الوظيفي" في مؤسسة كهرباء لبنان، عمل مئات الموظفين في الشركة كمياومين أي بصفة يومية. القانون يسمح لأي مياوم بعد تجاوز عشر سنوات من خدمته الفعلية بالانتقال حكماً الى ملاك الشركة كموظف ثابت. إلا أنّ هذا الحق ضاع في "دهاليز" الحسابات السياسية، وكانت ضحيته مئات العائلات، التي باتت أربابها ملازمةً للشارع مأوى احتجاجاتهم. فما مطالب هؤلاء؟.
يروي فؤاد شهاب- وهو مياوم يعمل في مؤسسة كهرباء لبنان منذ 22 عاماً-، وعضو لجنة المياومين وجباة الإكراء في المؤسسة، تاريخ هذه القضية العالقة منذ سنوات، مسترجعاً حقبة إقرار مشروع مقدمي الخدمات في عهد الوزير جبران باسيل. حينها فرض على المياومين الانتقال الى عاملين بصفة "مقدمي خدمات" تتعامل معهم الدولة بناء على عقود. انتفض العمال، نفذوا إضراباً مفتوحاً لمدة ثلاثة أشهر، تلقوا خلالها وعوداً بالجملة، للتراجع عن قرارهم، فأصدر مجلس النواب القانون رقم (287)، والذي يقضي بأن يخضع جميع المياومين -والبالغ عددهم 1800- الى اختبار، يدخل بموجبه الناجحون الى ملاك الشركة، التي ما كان من أمرها لاحقاً سوى إصدار مذكرة تعلن خلالها عن حاجتها الى 897، أي بقاء نحو 900 مياوم خارجها، بلا أي ضمانات لائقة".
يتابع شهاب روايته، مستذكراً المحطة الثانية من القضية. فبعد المذكرة تلك، صدر قرار جديد أُعلن بموجبه أن من لا يحالفه الحظ بالدخول الى المؤسسة، أي من لا يكون في عداد حاجتها، أو من يرسب، يحق له الحصول على تعويضات تبلغ شهرين عن كل عام خدمة. حينها انتفض المياومون، وأعلنوا إضرابهم الثاني والذي استمر مخا يقرب من أربعة أشهر. فمقدار التعويضات ضئيل جداً، ولا يليق بسنوات عملهم في الشركة، قبل أن يجري اتفاق سياسي لإيقاف الإضراب، قيل بموجبه أن من يشكل فائضاً في الإمتحانات سيتم إلحاقة بملاك المؤسسة خلال سنتين. جرت الامتحانات. 139 ناجحاً شكلوا فائضاً، مضت السنتان و"عالوعد يا كمون"، لم يجر إدخالهم لا من قريب ولا من بعيد. مجدداً، خرج المياومون الى الشارع للتظاهر، رافضين استكمال الامتحان".
وفي آخر مستجدات القضية، يضيف شهاب "اجتمعت لجنة المياومين مع وزير الطاقة والمياه سيزار أبي خليل، وجرى الاتفاق على إعطائه كتاباً يرفعه بدوره الى مجلس الوزراء في أقرب فرصة. يطالب المياومون في فحوى الكتاب برفع سقف التعويضات، على أن تصبح 10 مليون ليرة عن كل سنة خدمة". وفق المتحدّث، يحفظ هذا الرقم مستقبل هؤلاء الذين وجدوا أنفسهم فجأة بلا ضمانات. أبي خليل وعدهم خيراً، بطرح قضيتهم أمام الحكومة، والتي كان من المفترض وضعها على جدول أعمال الجلسة الأخيرة، لكنها لم توضع، ما اضطر المياومين، بحسب شهاب الى الاحتكام للشارع مجدداً، فكانت وقفة الأمس التي جرى فيها الاعتداء على المياوم حسن عقل الذي جرى صفعه من قبل عقيد في قوى الأمن الداخلي بلا أي وجه حق".
يختم شهاب حديثه بالإشارة الى الواقع المأسوي الذي يعيشه المياومون حالياً، بعد انتهاء عقد مقدمي الخدمات الأخير. 800 عامل يقبعون حاليًّا بلا عمل ولا أجور منذ أكثر من شهر ونصف، ومجلس الوزراء لم يجدد لهم العقود. يطالب شهاب بحق هؤلاء -الذين لديهم عائلات ومستحقات وأقساط شهرية- في ديمومة العمل عبر إسراع الحكومة بإيجاد شركة لهم. كما يطالب بضرورة الإسراع ببت ملف التعويضات واستكمال الامتحانات. متوقفاً عن نقطة مهمة، تتمثل في أن إضراب "المياومين" يؤثر حتماً على راحة المواطنين والخدمات العامة. وهنا يلفت شهاب الى أنّ التحركات مستمرة هذه المرة، حتى تحقيق المطالب. تجمع كبير ستشهده المؤسسة الإثنين المقبل. فلا مكان لإبر المورفين، بل لحل جذري لمأساة مئات العمال".