ارشيف من :تحقيقات

برّت بالوعد الذي قطعته أمام جثمان ابنتها الشهيدة: متابعة المسيرة التعليمية وروضة باسمها

برّت بالوعد الذي قطعته أمام جثمان ابنتها الشهيدة: متابعة المسيرة التعليمية وروضة باسمها

ليس ثمة شيء كان يمكن لكندة فعله عشية وداع ابنتها أديل إلى مثواها الأخير غير النحيب والبكاء، و"قسم" أطلقته أمام القبر المحاط بالمشيعين بأن تنشئ روضة تسميها باسمها بعد أن تنال "شهادة التربية" بدلا من أديل التي استشهدت برصاص مسلح يملك شهادة تفوّق في "قتل الورود"..
برّت كندة اليوم بقسمها الذي اعتقده المشيعون حينها "هذيان فراق"، سيصبح نسيا منسيا عما قريب ليتضح فيما بعد أنها، ورغم عصف الحزن الهادر في نفسها لحظة الفراق كانت تعني جيدا كل كلمة تقولها وأن مشروع روضة الشهيدة "أديل سامر الزعتري" هو سبيلها الوحيد لاستحضار دائم لذكرى الحبيبة الغافية في ملكوت السماء.

هكذا رسم القدر النهاية  

كانت أديل تحدث أهلها بسعادة غامرة عن تلك اللحظة التي صعدت فيها إلى قمة الجبل في معلولا لمشاهدة الصليب وهو يرتفع نحو السماء إبان عودة العائلة من الاحتفال الذي أقيم هناك للمناسبة نفسها، لم تكن أديل تعلم بأنها سترتفع عما قريب نحو السماء على خشبة الصليب الناري الذي رفعه المسلحون للعائلة العائدة إلى منزلها في ذلك اليوم من العام 2012،  قبل أن يطلق مسلحو حرستا نحوها رصاصة قنص مرت بجوار الأب سامر واستقرت في رأس ابنته أديل التي أصبحت قديسة في العرف المسيحي لأنها ارتقت شهيدة في يوم المناسبة المباركة، في العائلة المنكوبة سيلوم كل فرد نفسه لأنه لم يمت فداء الصبية الحانية على الجميع، غير أن الملامة الذاتية الكبرى وقعت في نفس سامر الزعتري، والد أديل، الشهيدة التي ساهمت إلى حد بعيد في صياغة قصتها وقصة أهلها حين فرضت على أمها وإخوتها العودة من بيت جدهم في اللاذقية الآمنة لتكون بجوار والدها الذي كانت تلهج دائما بذكره وتستيقظ على كابوس فراقه كلما وضعت خدا على مخدة، يؤمن سامر بأن الله سبحانه قد استجاب لدعوة أديل بأن تكون الفداء لوالدها الذي أفسح له في العمر بعدما نجحت في تعطيل مخطط العائلة في البقاء في اللاذقية ومعانقة موت كان يرافقه وابنه جورج  يوميا على الطريق

برّت بالوعد الذي قطعته أمام جثمان ابنتها الشهيدة: متابعة المسيرة التعليمية وروضة باسمها

كندة تنال الشهادة على ميقات أديل

لسنوات طويلة مرت بقيت أديل هاجس العائلة الحزين، قبل ان تنفض أمها كندة عنها غبار الحزن العقيم وتشرع في تحقيق أمنية ابنتها في تأسيس روضة أطفال، وهو العهد الذي قطعته على نفسها أمام جثمان أديل، سيحتاج الأمر عودة جديدة للدراسة تقتضي من كندة تقديم امتحان الشهادة الثانوية وهي في مطلع العقد الخامس من العمر ومتابعة الدراسة بعد ذلك في كلية التربية للحصول على موافقة تأسيس الروضة، ولأن كندة كانت قد ابتعدت طويلا عن الدراسة فلم توفق في محاولتها الأولى لنيل الثانوية وفشلت كذلك في محاولتها الثانية بيد أن اليأس لم يدخل إلى قلبها بعدما زارتها صديقات أديل اللواتي كن يستعدين لتقديم امتحان الثانوية في العمر النظامي للشهادة، حينها همست كندة لنفسها" لو كانت أديل حية لكانت اليوم تستعد للذهاب إلى الامتحان برفقة صديقاتها " كانت مفارقة جميلة في زمن موحش.. مفارقة ألهمت كندة دراسة استثنائية ساعدتها فيها صديقات ابنتها وابنها جورج كذلك لتذهب إلى الامتحان بعقلية أنها تدرس عوضا عن أديل التي" لا يليق بها الرسوب" ولتتحصل بعد ذلك على الشهادة التي خولتها دخول كلية التربية والتخرج لاحقا لتنال الحق القانوني في تأسيس روضة أطفال ستحمل اسم روضة الشهيدة " أديل سامر الزعتري".  

برّت بالوعد الذي قطعته أمام جثمان ابنتها الشهيدة: متابعة المسيرة التعليمية وروضة باسمها

في لقاء السيدة الأولى

أثناء لقائها مع السيدة أسماء الأسد، التي تابعت باهتمام أسر الشهداء منذ نشوب الأزمة في سوريا، أسرت كندة للسيدة الأولى بالوعد الذي قطعته أمام جثمان ابنتها الشهيدة ورغبتها في تأسيس روضة وإطلاق اسم أديل عليها، لقيت الفكرة الاستحسان من السيدة أسماء التي عرضت مساعدتها في ذلك، بيد ان كندة أصرت على تأجيل الفكرة لحين تحرير حرستا واستعادة بيت العائلة الذي قضت فيه أديل طفولتها وجزءا يسيرا من صباها ليكون الروضة المنشودة، وهو الأمر الذي شجعت عليه السيدة أسماء بترحاب، في اللقاء أيضا ستقص كندة على السيدة الأولى حكاية غريبة عن أديل التي أخبرتها يوما بأن "للشهداء دائما شأنًا عظيمًا لأن أهاليهم، وإكراما لذكراهم، سيلتقون بالسيد الرئيس  وعائلته "بدت الصبية حينها وكأنها تستشف الغيب وتنعى نفسها شهيدة المستقبل قبل أن يلوح ذاكر بخاطر أحد.

برّت بالوعد الذي قطعته أمام جثمان ابنتها الشهيدة: متابعة المسيرة التعليمية وروضة باسمها

أديل تمنح كندة إشارة الرضا  

اليوم تحقق حلم كندة بالتخرج وباتت الموافقة على إنشاء الروضة وإطلاق اسم أديل عليها رهين تحرير حرستا من المجرمين الذين قتلوا أديل وعلقوا كندة وأسرتها على صليب الفراق، تقول كندة لموقع "العهد" الإخباري بأنها وفي كل يوم تقف أمام صورة أديل وتناجيها بالقول "سامحيني ما قدرت احميكي" وتطلب منها أن تحمي أباها وإخوتها وأن تمنحها المغفرة التي تنزل على قلبها برد الصبر والعزاء.
في إحدى مناجاتها الدائمة لأديل وقفت كندة أمام القبر تخاطب ابنتها الراقدة تحت الثرى قائلة "ماما حبيبتي إذا كنتي عم تسمعيني اعطيني إشارة" تؤكد كندة لموقع "العهد " أنها ما كادت تنتهي من مناجاتها هذه حتى وجدت أمامها ثلاث فراشات رحن يطرن في خط مستقيم ويرسمن اشكالا مختلفة في الهواء ما جعلها تؤمن بأن " أديل تسمع مناجاتها وقد أرسلت إشارات رضا على جناح هذه الفراشات" الأمر الذي أفاض الكثير من الراحة على قلب الأم المفجوعة وسمح لنسائم العزاء بأن تتسلل إلى قلبها الملتهب؛ وفت كندة بعهدها إذا، ونالت الشهادة الجامعية كرمى لعيون ابنتها أديل غير أنها لم تتمكن من الحصول على العلامة التامة التي نالتها اديل باستشهادها.

2018-02-19