ارشيف من :أخبار لبنانية
لعبة الدفاع المقدس.. مقاومة جديدة لمواجهة الحرب الناعمة
لا يختلف إثنان أنّ الحرب الناعمة تكاد تكون أشد أوجه الحرب. إذ لا تقل أهمية عن الحرب العسكرية، بل تكاد تكون أكثر فتكاً وقوةً إذا ما جرى إغفالها. الغرب لا يوفّر طريقاً لممارسة هذا النوع من الحرب على دولنا الإسلامية إلا وسلكه. يبذل كل ما بوسعه لإغراق أطفالنا وشبابنا بقيم يختارها لطمس هويتنا الثقافية والدينية. يسلك في سبيل ذلك العديد من الدروب، سواء عبر الرسائل المشفرة التي يبثها في الرسوم المتحركة، أو حالة "الإدمان" التي أوجدها من خلال عالم وسائل التواصل الإجتماعي، أو الألعاب الإلكترونية التي تسعى وبسحر ساحر الى هدم قيمنا وإلهائنا عن قضايانا الأساسية.
وحدة الإعلام الالكتروني في حزب الله، لطالما كانت على مستوى مواجهة أساليب العدو الناعمة في الحرب. هي أيضاً لم توفّر وسيلة للحفاظ على بيئة مجتمعنا المقاومة، والأهم بناء جيل يعيش في كنفها، ويمتلك ثقافتها، ويحفظ تاريخها، ومحطاتها المشرفة. الألعاب الالكترونية واحدة من هذه الأساليب التي عملت الوحدة على إنشائها وتطويرها. فبعد "فتى القدس" ثنائية الأبعاد، "القوة الخاصة ـ الجزء الأول" عقب التحرير في العام 2000، "القوة الخاصة ـ الجزء الثاني" عقب الانتصار الإلهي في العام 2006، تفخر وحدة الإعلام الالكتروني بتقديم لعبة الدفاع المقدس(*) الثلاثية الأبعاد والتي تحاكي جهاد حزب الله في سوريا ضد التكفيريين، تطبيقاً لشعار " ان المنتصر هو من يكتب التاريخ". حزب الله ومحور المقاومة انتصرا ضد العدو التكفيريّ في المنطقة، وهو اليوم يكتب انتصاره ويوثقه من خلال أطر عدةّ، منها لعبة الدفاع المقدس، فاللعبة توثيق تفاعليّ مباشر مع الجمهور.
وتجسد اللعبة مجموعة من المعارك التي شارك فيها الحزب بدءاً من الدفاع عن مقام السيدة زينب (ع) في دمشق، وحتى معارك حماية الحدود اللبنانية السورية في رأس بعلبك.
*الإطار الزمني للُّعبة:
تبدأ اللعبة بزيارة المجاهد أحمد لمقام السيدة زينب (ع). يتعرض المقام الشريف لاعتداءات تكفيرية تدفع بأحمد للالتحاق بمجاهدي حزب الله بهدف الدفاع عن المقام (المقدسات). يتطوّر الإطار الزمني للاعتداءات ليشترك المجاهد أحمد بسلسلة معارك ضد التكفيريين، وحتى دفاعه عن الحدود في رأس بعلبك.
*تطابق اللعبة مع الواقع الميداني:
اللعبة قائمة على أحداث ووقائع حقيقية حصلت خلال السنوات الماضية. في المعارك التي يشارك فيها أحمد تظهر معالم المناطق مطابقةً بشكل كبير لما هي على أرض الواقع. الصورة عالية الجودة تظهر بدقة معالم مشابهة للمناطق والمستديرات والمدارس والمنازل. مثلاً دوار الحجّيرة، مدرسة شحادة في الحجّيرة وغيرها، كما نشاهد هذا التطابق في مرحلة القصير من حيث إظهار المعالم الأساسية، مثل الساعة والمسجد الكبير.
*أهداف اللعبة:
ثلاثة أهداف أساسية للعبة الدفاع المقدس. الأول محاكاة جهاد رجال المقاومة الاسلامية خلال معاركهم ضد التكفيريين (عنصر التشويق والترفيه)، الثاني تحفيز الروح الجهادية عند الجمهور المستهدف من خلال ملامسة واقع الأذى والجرائم التي ترتكبها الجماعات التكفيرية.
أما الهدف الثالث والأهم والأسمى، فهو توثيق الانتصار على العدو التكفيريّ في المنطقة.
*مسار إنتاج اللعبة:
تتكوَّن اللعبة من صورة وكود برمجي. الصورة وهي الرسم والتصميم، والكود يحركها. وهنالك دائماً فكرة تحتضن هذا الخليط. فكرة لعبة الدفاع المقدس كانت دائماً بوصلة العمل وهي محاكاة جهاد المقاومين في جبهات القتال. لذلك نلاحظ في اللعبة الصورة عالية الجودة، موسيقى تتناسب مع الموضوع، وكود برمجي يُساعد على تقديمها بطريقة تتناسب مع الإطار العام لفكرة اللعبة.
بدايةً، العمل كان فكرة. عندما اكتملت صياغتها، نسقت زيارة الى الاماكن المقدسة وبعض محاور الجبهات. بعدها بدأت عمليات الرسم والتصميم، أضيفت الاكواد البرمجية وخرجت اللعبة بنسختها التجريبية (DEMO).
بعدها تم استكمال العمل بمرحلة التجارب، حيث تم استقدام العديد من الافراد من فئات عمرية مختلفة (14-40) سنة، لعبوا ودونوا ملاحظاتهم. ثم أجرينا بعض التعديلات وفق الملاحظات، لتخرج اللعبة في صيغتها النهائية. لاحقاً تم تلحين الموسيقى الخاصة بها، جهزت وتم طبع الفلايرز والإعلانات، وأخيراً الى السوق.
*المنافسة مع الألعاب العالمية:
عندما نريد المقارنة لدراسة المنافسة، لا بدّ من النظر الى معيارين. الأول التقنيات والثاني الفكرة. من حيث التقنيات، نعم اللعبة تم برمجتها وفق مُحرك إنتاج متطور، ويمكن تصنيفها من فئة أحدث الصناعات للألعاب.
أما من حيث الفكرة، ففي السوق المحلية حالياً، لا يوجد لعبة حول المعارك الدائرة في سوريا بين الجيش العربي السوري والقوات الحليفة من جهة، والجماعات التكفيرية الإرهابية من جهة ثانية، ما يجعل من الصعب وجود نظير أو شبيه لهذه اللعبة للمقارنة معها.
وإذا تعمقنا بمفهوم المقارنة والمنافسة أكثر وصولاً الى "الحرب الناعمة"، فاستناداً الى فكرة اللعبة وأهدافها وطريقة تصميمها، نستطيع تصنيف اللعبة على أنّها منافسة للألعاب المواجهة في سياق الحرب الناعمة، فنحن اعتدنا في الألعاب الإلكترونية، ان نلعب الجندي الأميركي وهو يقاتل الروس او العرب والإرهابيين، ما يولد قناعة عند اللاعب أنّ اميركا هي رأس الدفاع عن حقوق الانسان في المنطقة وهي المتصدي الأول للإرهاب، بينما الواقع معاكس لذلك، فأميركا التي أنتجت "القاعدة" مسبقاً، ولاحقاً التنظيمات التكفيرية في العالم وعلى رأسها "داعش"، لا يمكن لها ان تكون راعي السلام في المنطقة. اليوم، وفي لعبة الدفاع المقدس نحن نظهر حقيقة أن محور المقاومة عموماً ومجاهدي حزب الله خصوصاً هم من يحمون أرضهم بسلاحهم، وهم حقاً يحاربون الإرهاب في المنطقة ويحدون من توسعه، مرسخين فكرة اننا نستطيع أن نحمي أرضنا ومقدساتنا، ولسنا بحاجة لمساندة أميركا في محاربة الإرهاب التي هي من زرعته في أرضنا.
*محاكاة الحواس:
لعبة الدفاع المقدس تشغّل أغلب حواس وطاقات اللاعب، ولذلك تصنّف بالتفاعلية. فالفرد يستخدم العين لرؤية المجاهد أحمد وتحركاته وأعدائه والمباني المحيطة به، ويستخدم أذنيه لسماع المؤثرات الصوتية من قصف وإطلاق نار وتوجيهات غرفة العمليات، ويستخدم يديه لتحريك اللاعب والرماية بالأسلحة Mouse – Keyboard، كما يستخدم فكره وعقله للتحرك والتفكير والانتباه والتخطيط للهجوم والدفاع.
*الموسيقى التصويرية والفيديو:
تحتوي اللعبة على عدة مقاطع موسيقية (صوت الخطر عند التسلل .. وغيرها)، أصوات المؤثرات (أزيز الرصاص، قصف مدفعي وتفجير وعويل .. الخ)، كما تحتوي على لوحات تصويرية ما بين المراحل تساعد اللاعب على فهم أسباب المهمة وأهدافها.
*الذكاء الاصطناعي:
يتميّز الأعداء في اللعبة بذكاء اصطناعي قريب إلى الواقع. يخوّل الذكاء الاصطناعي الأعداء القيام بسلسلة خطوات عند استشعار الخطر: أولاً الدفاع، إطلاق الإنذار، التنبّه وتحديد وجهة الخطر، التسلل للاستطلاع، ثم الالتفاف حتى الهجوم.
تنقل الأعداء نحو المجاهد أحمد خلال المعارك، يكون وفق آلية عسكرية تكتيكية صحيحة مثل الحركة والنار والتأمين.
*مراحل اللعبة:
تتلخص مراحل اللعبة فيما يلي:
أولاً: مرحلة زيارة المقام وفيها التعبئة الروحية والدخول في سيناريو المعارك من خلال مشاهدة جرائم الاعتداء على المقدسات التي يتم عرضها من خلال فيديو تصويري.
تليها، أولى المعارك وهي الدفاع عن المقام الشريف وصدّ الهجوم إنطلاقاً من باحة ركن الآليات. بعدها، معارك الحَجّيرة وهي مرحلتين، الأولى تدمير مدافع الهاون التي ترمي المقام بالقذائف والثانية السيطرة على مركز القيادة. تليها معركة القصير، وهي على مرحلتين أيضاً، الأولى تحرير رهائن مدنيين محتجزين لدى الجماعات التكفيرية، والثانية استكمال السيطرة على المنطقة.
المعركة الأهم والأبرز في اللعبة "معركة القضاء على الهنداوي" أي على عبد السّلام عبد الرّزّاق الهنداوي وهو ملقّب بـ "أبي عبدو" المعروف بمشاركته في نقل انتحاريين وتجهيز السيارات المفخخة وارسالها الى لبنان. في هذه المعركة يشعر اللاعب انه شريك في القضاء على قادة الإرهابيين والمسؤولين مباشرة عن ترويع المدنيين في كافة المناطق اللبنانية. كما يكون اللاعب شريكاً للمجاهدين في توفير حالة الاستقرار والامن التي يعيشها اللبنانيون اليوم بعد دحر الجماعات الإرهابية عن الحدود الشرقية للبنان.
آخر المعارك وهي معركة رأس بعلبك، التي تجسّد الدفاع عن الأراضي اللبنانية في وجه الهجوم الإرهابي للجماعات التكفيرية من جهة الأراضي السورية. معركة يرفرف فيها الى جانب المجاهد في دشمته العلمين اللبناني وعلم حزب الله. يشعر اللاعب خلال تصديه للهجوم انه شريك المجاهدين والجيش اللبناني في حماية الوطن. فهو يشارك الجيش في عملية "فجر الجرود" والمجاهدين في معارك "وان عدتم عدنا".
في هذه المراحل الست، يستطيع المجاهد أحمد أن يحميَ الأرض والمقدسات، من الخطر التكفيري، وهنا تتجسد حقيقة الروح الجهادية والقتالية عند مجاهدي المقاومة الإسلامية في جبهات القتال.
.. وإلى موعد جديد بنصر جديد على طريق القدس والنصر الحاسم.
(*) اللعبة برعاية موقع العهد الإخباري