ارشيف من :أخبار لبنانية
’الشيخ حسين’..من زمن السيد عباس الى المجلس النيابي
تصوير موسى الحسيني
"يكفيني وينتهي عمري في اللحظة التي قال فيها سماحة السيد هذا ثقتي". عبارة خرجت على لسان أصدق الناس، اختلجت قلبه فأسرته. موقف مشرّف يفخر به، وهو الذي قتله حب المقاومة وسيدها. كيف لا، وهو شاهد ومشارك في انطلاقة المقاومة الإسلامية عام 1982. يتحدّث عن سيد شهداء المقاومة الاسلامية السيد عباس الموسوي (رض)، فتخنقه العبرة. وهو من الاوائل الذين ارتبطوا به روحياً. يتوقّف قليلاً، ففي القلب غصّة وفي العين عبرة، ثم يكمل ليقول أن كلمة "أخ حسين" التي لطالما تلفظت بها شفتا السيد عباس لدى مناداته، هي اللقب الأحب على قلبه. إنها أجمل ما يمكن أن يقع على سمعه من نداء.
كاد الخجل يقتله يوم أُبلغ بترشيحه. إعفاؤه من المهمة كان طلبه، إلا أنّ نداء "التكليف" كان الأقوى، شدّه إليه. فقبل المهمة. لا يُخفي أن خبر ترشيحه لم يكن مفاجئاً، فلطالما تم التداول باسمه عند دراسة مناخ البقاع الانتخابي. لكن ما فاجأ الشيخ حسين محمد زعيتر هو المكان الذي رُشّح فيه، أي جبيل. لم يكن يتوقّع أبداً ترشيحه في هذه المنطقة، مع العلم أنه متحدّر من أصول جبيلية من بلدة أفقا، حيث عائلته ما زالت هناك. وهو ما لا يعرفه الكثيرون ممن أثاروا موجة اعتراضات على ترشيحه.
بمنهجية واضحة وفرضيات محكمة مبنية على أساس المنطق يرد على كل المعترضين. وفق قناعاته، لا يحق لأحد مصادرة الرأي الآخر، لكن هناك جهات تحاول الاصطياد بالماء العكر، فقط من بوابة الهجمة على حزب الله. يؤمن أن ترشيحه لم يكن لاسمه أو لانتمائه المناطقي أو العائلي، بل لمسؤوليته التي تحتم عليه معرفة البشر والحجر، وهو العالم بتفاصيل الناس، والمنطقة التي عمل فيها في أكثر من استحقاق، على رأسه الانتخابات البلدية والنيابية. يأسف للإهمال التاريخي الذي تعيشه جبيل. يعد أهاليها بالعمل لخدمتها، حاملاً شعار السيد عباس "سنخدمكم بأشفار عيوننا".
يعمل بجد ونشاط، وهو المنهمك بمتابعة أدق التفاصيل في منطقة تنظيمية تشمل المتن الشمالي وجبيل وكسروان والشمال. يبتسم لدى سؤاله عن ساعات الراحة. عملُنا في حزب الله يُحتّم علينا التأهب 24/24. معروف بدقة متابعته للملفات. تكاد البسمة لا تفارقه؛ صاحب دعابة لطيفة وشخصية منفتحة، كما يروي عنه عارفوه. بثقة وطلاقة يتحدّث. إذا ما أخطأ لغوياً يعود ليصحّح، فهو صاحب مؤلفات عدة في الأدب العرفاني والفلسفة.. حائز على إجازة في العلوم الاسلامية والإلهيات من الجامعة الاسلامية في قم المقدسة، كما درس الادارة والتخطيط الاستراتيجي.
أب لثلاثة أولاد، نشأ في كنف أسرة فقيرة. قضى فترة من طفولته في بلدته القصر التي ولد فيها عام 1962، وانتقل مع أسرته في العام 1967 الى طرابلس شمال لبنان، بعدها الى جبل لبنان – قضاء المتن الشمالي في العام 1970، حيث بقي فيها حتى العام 1975، ليعود الى بلدته القصر إبّان الحرب الأهلية. تمتلئ مسيرته الحزبية بالعديد من المحطات. تدرّج في العمل الجهادي، حيث عمل مسؤولا لقطاع الهرمل ثم مسؤولا لمنطقة البقاع الشمالي، وبعدها انتقل الى العمل في بيروت فتسلم مسؤولية الوحدة الاجتماعية المركزية لحزب الله في العام 2001، بعدها وفي بداية العام 2004 تسلم مسؤولية منطقة جبل لبنان والشمال في حزب الله ولا زال.
في حديث لموقع "العهد" الإخباري يتحدّث مرشح حزب الله في جبيل الشيخ حسين زعيتر عن ظروف ترشيحه، ويرد للمرة الأولى على موجة الاعتراض التي طالت اسمه، كاشفاً عن برنامجه الانتخابي ووعوده لأهالي المنطقة.
وهنا نص المقابلة:
س. السؤال البديهي، هل كنت تتوقع ترشيحك؟
ج. سؤال طبيعي جداً. أنا مجنّد نفسي في حزب الله لأية مهمة، لكن في التوقيت الحالي لم أتوقع أبداً أن يتم ترشيحي عن جبيل. الفكرة لم تكن مفاجئة. كان لدي توقع بأن يتم ترشيحي في ظل دراسة مناخ البقاع الإنتخابي، لكن لم أتوقع أبداً ترشيحي عن جبيل.
س. جرى ترشيحك في جبيل، فأثار الأمر جملة اعتراضات. بماذا تعد أهالي هذه المنطقة؟
ج. للأسف الجو الاعتراضي الذي وجد قد يكون موجوداً لأكثر من سبب. أولاً: هناك متضررون من مبدأ ترشيح شخصية حزبية، فكل عائلة من العائلات عادة ما تفكر أنها الأولى لتولي المنصب. مجتمعنا عائلي وعشائري؛ لكن لنفترض أن اسمي غير مطروح وأنا خارج المعادلة، ورُشح حزبيٌّ آخر. هل أن العشائر ومرشحي العائلات سوف لن تعترض على هذا الحزبي كونه من جبيل أو كسروان. برأيي، إن بعض المرشحين المنافسين سيعترضون على أي حزبي يرشح سواء كان تابعاً لحزب الله أو حركة "امل" أو "التيار الوطني الحر"؛ لنفرض أكثر من ذلك، بأن حزب الله تجاوز المبدأ الحزبي، واختار شخصاً من العائلات، هل ما اذا تم اختيار مرشح من آل زعيتر، موجود في القضاء سترضى به العائلات الأخرى. دائماً ديدن الأمور يسير باتجاه اللارضا.. اللعبة الانتخابية والمناخات التي تتشكل خلال التحضير للانتخابات ومبادرة الناس باتجاه الترشيحات أمر طبيعي. البعض قال لي أن هناك نقمة قلت له لا يوجد نقمة بل هناك اعتراضات توزّع على أكثر من مستوى.
ثانياً، هناك اعتراضات لها علاقات بالقوى السياسية الأخرى، فكثر متضررون من حضور حزب الله في هذه المنطقة، بالبعد السياسي والتمثيل الانتخابي، والاعتبار الاجتماعي والعائلي، لأن النظرة الى النائب في لبنان، هي نظرة عشائرية، والعصبيات بالموضوع الانتخابي لا تقتصر على بلدة محددة.. الاعتراض طبيعي، لكن أحياناً الإعلام يعمل على تضخيمه.
س. البعض يسأل لماذا اختارك حزب الله؟
ج. لم يخترني الحزب لأنني أتميز عن الآخرين في المنطقة، هناك أشياء لم تُحكى في الإعلام، الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله ركز على أنّ المدار لدينا هو الأشخاص وليس البلدات لأننا تنظيم وحزب، نفس السؤال طُرح سابقاً: لماذا الشيخ حسين عُين لتولي مسؤولية المنطقة الخامسة وهو ليس منها؛ أعود لأكرر المدار مدار الأشخاص. هناك كادر في الحزب مرّ بمراحل، واكتسب تجارب وخبرة واسعة بالعلاقات والتنظيم والادارة والسياسة في كل الأبعاد، حتى بمتابعة شؤون الناس على مستوى الإنماء وملامسة آلام الناس ومعاناتها، نحن منذ عام 1982 نعمل على الأرض بجانب الناس.
طبعاً خبرت تفاصيل منطقة جبيل
البيئة الموجودة في جبيل هي بيئة مشابهة لكل البيئات الشيعية، ولا تختلف عن تلك الموجودة في الجنوب مثلاً، وأنا أعمل مع هذه البيئة. وفي هذا الوقت أدعو كل الاعلاميين والمهتمين، ومن يرون أن قضيتهم هي قضية جبيل وحق جبيل، أن يزوروا جبيل ويزوروا قراها ويعرفوا ماذا يوجد فيها.. أتيت الى جبيل وظننت أن الحرمان فقط في عكار وبعلبك الهرمل.
هناك قرى في جبيل أكثر حرماناً من عكار وبعلبك، والى الآن هناك سياسة ممنهجة لتهجير الناس من هناك. عندما لم توفر الدولة مستوصفا للناس في الجرد، أو مركزاً لجرف الثلوج، وعندما تنقطع السبل بالناس، ولا يوجد مركز دفاع مدني يغيث العائلات. هذا معناه أن هناك خطة لتهجير الناس من هناك. حزب الله أتى الى هذه المنطقة، عايش الناس وآلامها، استطلع حاجاتها. نسأل مختلف القوى السياسية الموجودة في المنطقة منذ عام 1992 لغاية الآن، ماذا فعلوا لجبيل على المستوى الإنمائي. للأسف، صفر على مستوى الخدمات، لا بنى تحتية ولا مستوصفات في القرى المحرومة وتحديداً، القرى الشيعية. النظام اللبناني طائفي، كل نائب يعمل لجماعته.. وعلى مستوى الإدارات النظام أكثر من طائفي، هناك فئوية في التعاطي، فمثلاً نائب القوات يعمل للقوات، لا أحد يعمل لبيئته الاجتماعية بل لحزبه..
س. ما هو برنامجك الانتخابي؟
ج. أنا جزء من كتلة، برنامجي هو برنامجها...شعار "نحمي ونبني" هو شعار واسع بكل الأبعاد، يشمل الحماية من الفساد والاختراق الأمني والحرب الناعمة والغزو الثقافي
أقول لأهالي جبيل، أن الثنائي الشيعي يمتلك 27 مقعداً؛ نحن في منطقة جبيل نريد حصة 1/27؛ ومن حصة كتلة الوفاء 1/13.. يعني سنأخذ حصة للمنطقة تبلغ 11 في المئة، وهذا يكفينا، لنحول جبيل الى واحة ونعيد أهاليها اليها.
واحدة من الإشكاليات التي تواجهنا في سياق نوابنا هي المنطق العصبي؛ ماذا قدموا في المنطقة، لم يفكر أحد بقيام مشروع صغير لتأمين فرصة عمل لمواطن في قرية معزولة في جبيل، وهذا برنامجنا.
س. كيف تلقيت خبر الترشيح؟
ج. للإنصاف جبيل تضم العديد من الكفاءات، ولديها العديد من الخيارات سواء كانوا حزبيين ام لا. لم أكن أتوقع ابدا ترشيحي، توقعي كان أن يطرح اسمي للنقاش في هذا الموضوع، لكن في البقاع. في اليومين الأخيرين، أي قبل اطلالة سماحة السيد تبلغت بتكليفي، ولكن قبل التبليغ ببضعة أيام تفاجأت بأن القيادة طرحت اسمي. حقيقة باغتني الموضوع وتمنيت اعفائي لأنني أعلم نقاط الضعف الموجودة في المنطقة على المستوى الثقافي والنفسي، فكان الرد بأنك تحت التكليف. كان لدي حرج وخجل شديدان، كاد الخجل يقتلني، لكنني اليوم أعمل بتكليفي لحماية هذا الخيار وانجاحه.
نحن مع السيد نصرالله وحزب الله، وثقتنا بهذه القيادة كبيرة. فعندما نقول لسماحته لو خضت البحر لخضناه يجب أن تكون قولا وفعلا.. لا نريد أن نخذل قيادتنا ومقاومتنا ونحن الآن لا زلنا نعيش أيام شباط ذكرى أعز الناس على قلوبنا (غصة ودمعة)..أين السيد عباس؟ أين الشيخ راغب والحاج عماد؟.. بعد كل هذه الدماء والتضحيات التي قدمتها المقاومة، تأتون لتحددوا للمقاومة ما يجوز وما لا يجوز؟!.
وصيتنا هي وصية السيد عباس؛ حماية المقاومة وحفظها، لأننا بحمايتها نحفظ العائلات والبيوتات ونحفظ جميع الطوائف... باختصار، المقاومة درع للمنطقة بأكملها.
س. ما اللقب الأحب على قلبك؟
ج. كان هناك شخص يخاطبني عندما كنا نعمل في البقاع بعبارة هي من أجمل ما يمكن أن يقع على سمعي من نداء..انها عبارة "أخ حسين" التي كان يناديني بها السيد عباس..هذا اللقب هو الأحب على قلبي.