ارشيف من :أخبار لبنانية
زيارة إماراتية سرية مهّدت لاستقبال الحريري في السعودية
بعدَ أكثر من 100 يومٍ على "ضرب الجنون" الذي اقترفته السعودية بحق رئيس حكومة لبنان سعد الحريري، باحتجازه وإجباره على تقديم استقالته، ترجمت الرياض، أمس، قرارها القاضي بالسعي إلى طيّ هذه الصفحة، من خلال الاستقبال الملكي الرسمي للحريري في قصر اليمامة، بحسب وصف صحيفة "الأخبار".
وفيما رأت الصحيفة أنه "يصعب التكهّن منذُ الآن بانعكاسات زيارة الحريري للرياض، على المشهد الانتخابي"، لفتت الى أن "هذا التحوّل الإيجابي من قِبل المملكة، لم يكُن ليحصل لولا تعرّضها لضغوط أميركية ــ أوروبية، ودخول بعض الأطراف العربية على خطّ "الصُلحة" من منطلق "الحرص على السعودية قبل أي شيء آخر"، بحسب مصادر رسمية واسعة الاطلاع.
وأكدت المصادر لـ"الأخبار" أن هذه الزيارة "أتَت تتويجاً لدور لعبته دولة الإمارات العربية المتحدة". وكشفت المصادر أنه "منذ نحو شهر، زار رئيس المخابرات الإماراتية لبنان سرّاً والتقى الحريري ساعات طويلة، ومن ثم اجتمع بعدد قليل جداً من الشخصيات، من بينها الوزير نهاد المشنوق". ولفتت إلى أن "الجهد الإماراتي تركّز على إعادة تصويب الموقف السعودي من رئيس الحكومة الذي نجح خلال زيارته الأخيرة إليها في تحسين العلاقة معها". ورأت أن "الإمارات انطلقت في مبادرتها هذه من منطلق الحرص على السعودية، ولا سيما أن ما قامت به الأخيرة (احتجاز الحريري وإجباره على الاستقالة) كان كبيراً جداً وحُفر في ذاكرة اللبنانيين، وتحديداً السنّة، ويحتاج إلى جهد كبير لإزالته".
وبحسب "الأخبار" يبدو أن السعودية "عادَت لتتعامل مع الملف اللبناني بواقعية سياسية، إذ تكمُن "الأهمية المُضاعفة لتوجيه دعوة إلى الحريري لزيارة الرياض في أنها اعتراف علني وصريح من قِبلها بأن الحريري بات أمراً واقعاً لا يُمكن تجاهله ولا تجاوزه، بعد فشل الانقلاب". هذا أولاً. أما ثانياً، فتراجعها عن قرار التخلّي عن مشروع سياسي استثمرت فيه الكثير، حتى لو اضطرها الأمر إلى دفع كلفة مُضافة، إذ لم يثبت أي طرف سياسي آخر القدرة على أن يكون بديلاً من الحريري، وبالتالي لا منطق يسمَح بشراء خصومة أو عداوة معه.
مصادر "الأخبار" أشارت الى أنه "لم يعد ممكناً استمرار "الغضبة" السعودية على رئيس تيار المُستقبل نتيجة ما تراه "تهاوناً وفشلاً في إدارة الملف اللبناني". موضحة أنه "من المُبكر تكوين صورة كاملة للظروف التي أحاطت بمحاولات تطبيع العلاقة بين الحريري والرياض، وتداعيات ذلك على الوضع اللبناني بشقّيه السياسي والانتخابي. لكن إذا صدقت الفرضيات أو المعلومات التي تتحدث عن نيات سعودية بإعادة تشكيل جبهة ضد حزب الله، فإن هذا الأمر دونه لا شكّ عقبات سيصطدم بها الحريري قبل أي طرف آخر. وهي عقبات تحدّدها الإجابة عن الأسئلة الآتية: هل يستطيع رئيس الحكومة فكّ ارتباطه برئيس الجمهورية ميشال عون الذي له في ذمّة الحريري دَين تحريره، مع علمِه أن إدارة الظهر لـ"الجنرال" قد تكلّفه رئاسة الحكومة كثمن. وفرضاً أن الحريري غامر بتحالفه مع العونيين، هل سيتحالف مع القوات اللبنانية الذي قال رئيسها سمير جعجع من منزله، وبوجود الوفد السعودي إنه يريد التحالف مع تيار المُستقبل، ولكن وفق الحدّ الادنى من التفاهم السياسي، أي تشكيل جبهة ضد حزب الله؟ هل سيقبل الحريري بالتحالف مع القوات بشروطها في حال تعرّضه لضغط المملكة، إذ تؤكد مصادر مستقبلية بارزة أن "القوات بالنسبة إلى الرياض أولوية"؟ وتسأل مصادر "الأخبار" عن "إمكان صياغة تحالفات جدية"، خصوصاً أن "قانون الانتخابات هو كقانون قابيل وهابيل، يفرض على كل طرف البحث عن مصلحته أولاً، حتى لو اضطره الأمر إلى التضحية بحلفائه وإخوته، والمستقبل سيبحث أين مصلحته ويسعى إلى تحقيقها، وهو ليس مندفعاً باتجاه القوات ولا باتجاه التيار الوطني الحرّ". أما عن المال الانتخابي، فتقول المصادر أن "لا شيء مؤكداً من جهة المملكة، لكن طبيعة القانون الجديد لا تحتاج الى مال كثير، فالمال يستطيع أن يحُدّ من الخسارة لا أن يزيد الربح".