ارشيف من :آراء وتحليلات

هل سيدخل ’أكراد إيران’ في لعبة كردستان الكبرى لقطع طريق الحرير؟

هل سيدخل ’أكراد إيران’ في لعبة كردستان الكبرى لقطع طريق الحرير؟

ايهاب شوقي (كاتب عربي من مصر)

أفسح معهد واشنطن صفحات موقعه للأكاديمي الإيراني الكردي"أسو حسن زادة" ليتحدث عن مظلومية الأكراد وكيف أن القضية الكردية في إيران لا تحظى بالاهتمام الدولي اللائق.
وزادة، هو أكاديمي إيراني كردي متخصص في القانون الدولي، وعمل لسنوات عديدة كمستشار لحكومة إقليم كردستان العراق، كما يعمل متحدثا باسم المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني.

وبشكل عام لم يعد غريبا أن الأحزاب ذات التوجه الماركسي والتي كانت صديقة الأمس للسوفييت، أصبحت منابرها أمريكية!

هل سيدخل ’أكراد إيران’ في لعبة كردستان الكبرى لقطع طريق الحرير؟
طريق الحرير


بلا شك، إن هذا الأمر لافت وتوقيته يجعله أكثر من لافت، حيث العلاقات الأمريكية الكردية واستغلال أمريكا لأشواق الانفصال الكردي أصبحت لعبة أمريكية مفضلة، ويجعلها أكثر إثارة بالنسبة للأمريكيين، أن أكرادًا كثيرين لم يتعظوا من الخداع الأمريكي والتلاعب بهم والتخلي عنهم مثلما حدث مؤخرا جدا في كردستان العراق بعد محاولة الانفصال الفاشلة الأخيرة!
هل من كرّة أمريكية جديدة باستخدام الورقة الكردية في إيران هذه المرة؟
الإجابة تتطلب استعراض بعض الشواهد وكذلك استعراض بعض التطورات الجيواستراتيجية:
- في تقرير لنيويورك تايمز صدر في منتصف كانون الثاني/يناير الماضي، نقل التقرير على لسان جوشوا لانديس، المتخصص بالشأن السوري في جامعة أوكلاهوما قوله: إن "الولايات المتحدة تدعم إقامة دولة كردية شمال نهر الفرات، وإن هذه القوة مهمتها إنشاء هذه الدولة، خاصة أنها تسيطر على جزء كبير من احتياطات النفط والغاز، وأيضاً وجود سدها الكهربائي"، مضيفاً أنها "ستصبح دولة يديرها الأكراد بحكم الواقع إذا واصلت أمريكا دعمها وحمايتها وتمويلها".
- رغم تباين الآراء حول الأهداف الأمريكية في المناطق الكردية بسوريا، إلا أن الواقع والشواهد تخدم الكلام السابق، فوفقا لتصريحات روسية، فإنه وفي منطقة سيطرة وحدات حماية الشعب الكردية بسوريا، هناك قرابة 20 قاعدة عسكرية أمريكية".
- المتتبع للتحركات والقواعد العسكرية الأمريكية يلمح جيدا أن أمريكا تلاحق مسارات طريق الحرير الصيني وفقا للحقائق التالية:
1 - الحدود العراقية الإيرانية، والمحاولات لإنشاء كردستان العراق ثم استغلالها كرأس جسر للهجوم على ايران ومحاولة ضم المحافظات الإيرانية ذات الأغلبية الكردية لدولة كردستان الكبرى واستغلال هذه الدولة كعازل يقطع تواصل مسار طريق الحرير البري.
2- شمال شرق سوريا، وهي المنطقة التي أقامت بها أمريكا 20 قاعدة عسكرية وتأتي في سياق العزل السابق وقطع مسار الطريق، وتقول التقارير الغربية أنه إذا دعمت أمريكا القوميين الأكراد في شمال العراق وشمال شرق سوريا، فإن ذلك قد يخلق كيانين مؤيدين للولايات المتحدة على طول طريق الحرير الجديد.
وإذا قرر القوميون الكرديون السوريون و / أو العراقيون الربط مع حزب العمال الكردستاني الوطني في تركيا، فإن رحلة طريق الحرير الجديد إلى تركيا يمكن أن تكون مهددة أيضا.
3-  القلاقل الأمريكية غرب البلقان، وعلى طول الطريق البحري لطريق الحرير الجديد إلى أوروبا والذي يبدأ من خلال اليونان ويتجه شمالا إلى غرب البلقان، ورصدت التقارير كيف تزرع أمريكا القلاقل في هذا المسار، حيث أثارت أمريكا التطرف الألباني في مقدونيا (ويعرف أيضا باسم جمهورية مقدونيا اليوغسلافية السابقة) في محاولة لإضعاف موقف الرئيس جورج إيفانوف، وعلاوة على ذلك، فإن أمريكا تؤيد بشدة مشروع ألبانيا الكبرى الذي يرى أن الألبان لا يملكون أجزاء من مقدونيا فحسب، بل أيضا أجزاء من صربيا والجبل الأسود واليونان، وكيف تحول "فجأة"، مسار طريق الحرير الجديد في جنوب أوروبا إلى منطقة محفوفة بالمخاطر وغير مستقرة.
4- تواجد الناتو في رومانيا، حيث شارك الآلاف من قواته في مناورات عسكرية فى رومانيا بعد أن باعت الولايات المتحدة نظام صواريخ باتريوت بقيمة 3.9 مليار دولار إلى الدولة الأوروبية الفقيرة، وكل ذلك فقط لتواجدها على مسار طريق الحرير الجديد!
5. التواجد الأمريكي في البحر الأسود، وإجراء اكبر تدريبات بحرية أمريكية على البحر الاسود مع الدول الاعضاء فى حلف الناتو مع السفن الاوكرانية، وهو ما يزيد وفقا للتقارير، من وجود أميركا على طول سواحل رومانيا وروسيا وأوكرانيا ويقترب أيضا من شواطئ تركيا على الرمال الجنوبية للبحر الأسود.
6- الانقلاب في أوكرانيا والرعاية الأمريكية له في السياق ذاته.
7 – اختراق الناتو لبولندا وصعوبة التعايش بين الناتو والتجارة الصينية على مسار الطريق!
8. مضيق باب المندب، حيث المسار البحري للطريق، عبر ممر باب المندب الذي يربط خليج عدن بالبحر الأحمر،  وهو حاليا تحت الحصار البحري من قبل العدوان السعودي الأمريكي على اليمن.
9. قناة السويس وشبه جزيرة سيناء، حيث رصدت التقارير الغربية المعتبرة، كيف تحولت سيناء حاليا إلى موطن لقوات داعش، وقالت التقارير أن هذا الوضع يمكن أن يكون مبررا لأن تغزو "اسرائيل" سيناء كما فعلت في عام 67، لا سيما وأن "إسرائيل" ليست على طريق الحرير الجديد بينما تقع إيران والعراق وسوريا عليه وهذا الواقع لن تقبل به "اسرائيل"!
وبالعودة إلى أكراد إيران، فإن إيران تحتضنُ نسبة تقدّر بـ16% من إجمالي عدد الأكراد حولَ العالم، أي ما نسبته نحو 6% من مجموع سكّان إيران، ويتمركزون في المناطق الشماليّة من البلاد، في أذربيجان الغربيّة، وإيلام، وكردستان، وكرمنشاه، وبوير أحمد، وتعتبرُ محافظة همدان المحافظة الأكثر احتضاناً للوجود الكرديّ، حيث يشكّلون نصف عدد سكانها، وفي محافظة خراسان الشماليّة أيضاً يشكّلون ثلثيْها.
وبالنظر على مسار طريق الحرير في إيران، فقد اقترح "هو هوو"، كبير مهندسي شركة السكك الحديدية الصينية، في أواخر عام 2015، الطريق الذي سيكون خيطا لطريق الحرير الجديد في الصين، وتبدأ وصلة السكك الحديدية الجديدة للطريق الحريرى التى تبلغ مساحتها 3200 كم فى اورومتشى عاصمة مقاطعة شينجيانغ غرب الصين وتنتهى فى العاصمة الايرانية، ومن هناك، ستنضم إلى الشبكة الإيرانية الشرقية والغربية المؤدية إلى تركيا وأوروبا الشرقية، كما يمكن أن يفتح الطريق أمام أوروبا عبر طريق السكك الحديدية النامية من الموانئ الإيرانية الجنوبية إلى أذربيجان وأوروبا.
مرور الطريق بمحافظات الكراد واستغلال الورقة الكردية مرة أخرى للتصالح مع كردستان العراق، سيناريو نراه جديرًا بالبحث والتدقيق.

2018-03-06