ارشيف من :أخبار لبنانية
القضاء أخلى سبيل الممثل زياد عيتاني.. ومؤتمر ’روما-2’ ينطلق اليوم
كان وقع إقالة وزير الخارجية الامريكي ريكس تيلرسون أمس بارزًا على المستوى العالمي، لما قد يكون له من تداعيات على مستوى سياسة الرئيس الامريكي المقبلة، أما محليا فقد تصدرت قضية الممثل المسرحي زياد عيتاني غالبية أخبار الصحف الصادرة اليوم، بعد اطلاق سراحه عصر أمس.
وفي ظل مواصلة الأطراف السياسية الاعلان عن مرشحيها بمهرجانات واحتفالات انتخابية، يترقب اللبنانيون مؤتمر "روما-2" الذي ينعقد في العاصمة الايطالية اليوم، وهو مخصّص لدعم الجيش اللبنانية والمؤسسات الأمنية.
"البناء": إخلاء سبيل عيتاني يطرح تساؤلات عدة
أُخلي سبيل عيتاني، لكن جملة من الأسرار لا زالت مخفية في سجن المعنيين في هذا الملف، فلماذا تحرّكت هذه القضية تحديداً بسرعة درامية قبيل الانتخابات النيابية، علماً أن ملفات وقضايا عدة بقيت في أدراج القضاء لأعوام وعقود ولا يزال بعضها حتى اليوم؟
أما اللافت فهو الإحاطة السياسية لعائلة عيتاني التي تفضح الاستغلال الانتخابي للملف، حيث تحوّل منزل زياد عيتاني محجة سياسية وانتخابية ومنبراً لإطلاق المواقف والشعارات الانتخابية بهدف استمالة عائلة عيتاني لرفع الحاصل الانتخابي في بيروت التي عادة ما تسجل أدنى نسبة اقتراع في لبنان. وما يزيد الشكوك حول الاستغلال الانتخابي هو التصويب على جهاز أمني معين واتهامه بتعذيب عيتاني ومطالبة بعض السياسيين باستقالة المسؤول عن هذا الجهاز في إشارة الى مدير عام أمن الدولة اللواء طوني صليبا فيما المحققون في الجهاز أجروا التحقيقات مع المشتبه به عيتاني بناءً على معلومات وأدلة وعلى اعترافات عيتاني وبإشراف القضاء المختص؟
وإذا كان جهاز أمن الدولة قد أكد في أكثر من بيان أن تحقيقات الجهاز مع عيتاني تمّت تحت إشراف القضاء، فكيف أعلن عيتاني أن اعترافاته تمّت تحت التعذيب؟ فهل كان القضاء شاهداً على ممارسات تعذيب عيتاني ولم يحرّك ساكناً؟ وإذا كان الاتهام موجهاً الى المقدم الحاج بتركيب وفبركة أدلة لتوريط عيتاني، فهل ثمة مَن ركّب للحاج ملفاً لإدانتها؟ وهل ثمة من فبرك أدلة مزورة في قضايا سابقة وربما سيتكرر الأمر نفسه في قضايا مستقبلاً؟ ومَن يرد ثقة المواطن بالأجهزة الأمنية وبالسلطة السياسية القيمة على الأجهزة؟ وإذا كان بعض المسؤولين في الدولة أنصف عيتاني لتعرّضه للظلم، بحسب تعبيرهم، ومطلوب في كل وقت إنصاف المظلومين، فلماذا لا ترد الدولة الاعتبار وتقدّم الاعتذار لقيادات أمنية وعسكرية تمّ اتهامهم زوراً وبأدلة مفبركة باغتيال الرئيس رفيق الحريري وقضوا 4 سنوات في السجن؟
وبحسب معلومات «البناء» فإن جهاز أمن الدولة يملك تسجيلات وصوراً وأدلة تؤكد ما أدلى به عيتاني من اعترافات عن تواصله مع عميلة الموساد «الإسرائيلي» «كوليت». والمرجّح، بحسب معلومات «البناء» أن «يلجأ جهاز أمن الدولة الى وضع هذه الأدلة في متناول الرأي العام، ما سيدحض اتهامات عيتاني للجهاز بتعذيبه لانتزاع اعترافات منه، حيث جرى التحقيق تحت إشراف القاضي جرمانوس.
وتؤكد مصادر متابعة للملف لـ»البناء» أن «النية الجرمية لدى عيتاني موجودة للتعامل مع إسرائيل بمعزل عن ملف المقدّم سوزان الحاج»، مضيفة أن «إخلاء سبيل عيتاني لا يعني براءته، فالملف لم ينته وقد تحصل تطورات جديدة في القضية ويجري استدعاؤه الى التحقيق»، غير أن السؤال الرئيس في القضية هو كيف يُلقى عبء الاتهام كله على المقدّم الحاج بتلفيق أدلة لتوريط عيتاني بالتعامل مع «اسرائيل»، في ما اعترف عيتاني، بحسب تحقيقات أمن الدولة، بأنه كان على تواصل مع عملية الموساد كوليت منذ العام 2014، وحينها لم يكن هناك أي خلاف شخصي بين عيتاني والحاج؟
وأشارت معلومات «البناء» إلى أن «توقيف عيتاني لم يتم بناءً على أي معلومات من جهاز أمني آخر، بل بناءً على معطيات ومعلومات توفرت لأمن الدولة الى جانب اعترافات عيتاني». وكان لافتاً أيضاً امتناع عيتاني عن الإجابة أكثر من مرة على سؤال حول تواصله مع العميلة «كوليت».
وأكد وكيل الدفاع عن الحاج الوزير السابق رشيد درباس أنه يعمل «من ضمن فريق مؤلف من خمسة محامين سيتولّون الدفاع عن الحاج»، مشيراً الى «الاستعانة بخبراء فنيين لدحض الأدلة التي ستعتمد ضد موكلته إذا اقتضت الحاجة».
وكان عيتاني فور تخلية سبيله توجه الى بيت الوسط والتقى الحريري الذي توجّه إليه بالقول: «بآخر المطاف، القضاء حقق العدالة، ولا شك في أن بعض الأخطاء ارتكبت، ولكن الدولة وأجهزتها قامت بواجباتها وكانت معلومات خاطئة قد وردت إليها، وهناك ظلم تعرّضت له، والحمدلله وصلنا إلى هنا».
"الأخبار": زياد عيتاني إلى الحرية: حكاية الدقائق الخمس الأولى
ورأت صحيفة "الأخبار" بدورها أنه بدا واضحاً أن عيتاني، ومنذ اليوم الأول لتوقيفه، قرر منح المحققين ما يُريدون. بدءاً من التحويلات المالية التي اخترعها وصولاً إلى الفيديو الجنسي الذي لم يُعثر عليه، وصولاً إلى التقارير التي كان يُرسلها، كما اختلق اسم كوليت من لا شيء. أما رسمها التشبيهي، فذكر أنّه تعمّد إعطاء المحققين رسماً لامرأة بعيبٍ خلقي في وجهها، بعدما كان قد شاهد فيلماً وثائقياً على قناة الجزيرة، ذُكر فيه أنّ العميل يُنتقى من دون علامة فارقة. ليس هذا فحسب، واحدة من الفضائح التي تضمنها الملف صور لأربع فتيات سُحبت عن الانترنت، إحداها لصحافية لبنانية وأخرى لزوجة كاتب لبناني مقيم في الولايات المتحدة، دوّن المحققون أنّها «لمن يُعتقد أنّها تعود لكوليت»، عميلة الاستخبارات الإسرائيلية المزعومة.
وبالعودة إلى يوم أمس، فقد كان استثنائياً. بدأ باستجواب القاضي أبو غيدا للمقدم الحاج. استجواب زوجة شقيق النائب المستقبلي هادي حبيش، دام أربع ساعات، تمسّكت خلاله الضابط الموقوفة بإفادتها، منكرة كلّ ما نُسِب إليها. ترافق ذلك مع تداول معلومات تُفيد بأن أحد المقرّبين من الحاج عرض على زوجة القرصان الموقوف التراجع عن إفادته بشأن تورّط المقدم مقابل مبلغ مالي ووساطة للتخفيف من أمد محكوميته. وقد تقدم وكيل الحاج المحامي رشيد درباس بمذكرة يطلب فيها تأخير الاستجواب إلى حين بتّ قضية عيتاني، ويطالب باستجواب المحققين في جهاز أمن الدولة الذين أشرفوا على التحقيقات مع عيتاني. وبعد انتهاء جلسة الاستجواب، أعلن درباس أنّ موكّلته أنكرت كل ما وُجِّه إليها من تهم خلال التحقيق معها، وأن لا أدلة قاطعة تدينها.
ما هي إلا ساعات حتى أُعلِن خبر قبول إخلاء سبيل عيتاني، لتخرج بعدها سيارة تقل عيتاني من المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي. الكلمات الأولى التي نطق بها كانت: «ما في حدا انظلم بالبلد قدّي. فرع المعلومات أنقذ العهد من فضيحة. كيف ابن بيت العيتاني وابن بيروت بيُتّهم بأبشع تهمة؟». توجّه الموكب نحو بيت الوسط حيث كان الرئيس سعد الحريري في انتظاره بحضور والدة عيتاني. احتضن الخارج إلى الحرية والدته وبكيا أمام عدسات الكاميرا. جلس عيتاني في حضرة الحريري الذي خاطبه قائلاً: «في جهاز وصلته معلومات خاطئة بسبب وجود من يتلاعب بالمعلومات. كان في دسّ معلومات. مش الحق على الجهاز، الجهاز عم يقوم بشغلو وأي جهاز كان رح يتصرف بنفس الطريقة». برّأ الحريري جهاز أمن الدولة بهذه الكلمات، فيما كان زياد يهزّ رأسه إيجاباً.
أكمل رئيس الحكومة: «القضاء اشتغل أكثر. في بعض الأخطاء صارت وجلّ من لا يُخطئ». انتهى اللقاء ليُكمل عيتاني طريقه إلى طريق الجديدة. الحيّ الذي تغيَّب عنه زياد لأكثر من أربعة أشهر، كان في انتظاره. أفراد عائلته كانوا يحصون الدقائق منذ الصباح. الانتظار ثقيل دائماً. بالنسبة إليهم، بحسب الأجهزة الأمنية والقضاء، وهي نفسها من اتّهم وبرّأ، زياد عيتاني بريء. والدته قالتها «مش لأنو ابني. زياد وُلِد من جديد». وصل عيتاني رافعاً شارة النصر، قبل أن يقول: «للحظة في الزنزانة الإفرادية، فقدت الأمل بالبلد كليّاً. الواحد بيضعف تحت الضغط. والمعلومات عند القاضي بو غيدا. ما تعرّضت له خطأ مقصود. والأخطاء يتحمّلها عدة أشخاص هناك». وصل بعدها وزير الداخلية نهاد المشنوق للمباركة لعيتاني ليكرر: «من أخطأ عليه أن يعتذر. هناك كثير من اللبنانيين صدّقوا ما قيل عن زياد وأنا واحد منهم». حضر بعدها الرئيس تمام سلام الذي أكّد ضرورة محاسبة من أساء لزياد.
أمس خرج زياد حرّاً بانتظار استكمال المحاكمة. عانق والدته وابنته، فغرّدت الإعلامية مي شدياق: «عسى إزالة الظلم عن زياد لا تُستتبع بظلم سيدة شرّفت السلك الأمني وهناك ثلاثة أطفال ينتظرون عناقها. فليُطلق سراح سوزان الحاج». تخيّلوا إن حصل ذلك فعلاً، فمن سيكون المجرم؟
"الجمهورية": مطالب القضاة الى الواجهة
وفي هذه الأجواء، قفزت مطالب قضاة لبنان العدليين والإداريين والماليين الى الضوء مجدداً من خلال إعلانهم الاعتكاف الشامل والتوقف عن العمل بدءاً من 19 الجاري، مع طلب تجميد العمل في لجان الإنتخابات ما سيعطّل عمل لجان الفرز الابتدائية والعليا.
وقالت مصادر قضائية انّ القرار صدر عقب اجتماع ضمّ العشرات من القضاة، وانتهى الى تأكيد مطالبهم الأساسية المزمنة التي طال انتظارها وعرضت على أكثر من مرجعية حكومية ونيابية، وكان آخرها وزير المال علي حسن خليل. وهي تختصر بإضافة 3 درجات استثنائية الى رواتبهم. والأهمّ يكمن في استعادة ما فقدوه من صندوق التقاعد وتعزيز موارده وتقديماته قبل التعديلات الأخيرة التي طرأت أثناء البحث في موازنة العام 2017 وطاولت التقديمات الإجتماعية والتربوية، وهو ما كان القضاة يعتبرونه إنجازاً محققاً لا يمكن التخلّي عنه بهذه السهولة وبشحطة قلم.
وعلمت «الجمهورية» انه وبنتيجة للإتصالات التي تكثّفت عقب الخطوة ولا سيما الحركة التي قام بها رئيس مجلس القضاء الأعلى، أعطى القضاة مهلة إضافية قبل البَتّ النهائي بتجميد العمل بعد 19 من الجاري، مخافة انعكاساتها السلبية على قضايا المواطنين والإنتخابات النيابية، خصوصاً انّ الأعضاء في لجان القيد مدعوون الى مجموعة اجتماعات لشرح وتفسير أعمال لجان القيد وطريقة التعاطي مع قانون الإنتخاب الجديد، ولا سيما منها تلك المتّصلة بالتدريب على طريقة احتساب «الحاصل الإنتخابي» في المراحل التي يمكن ان تقود إليها العملية الإنتخابية.
وعقد اجتماع طارىء عصر امس في مقر مجلس القضاء الأعلى برئاسة رئيسه، وحضور الرؤساء الأُوَل الإستئنافيين في كل المحافظات، ورئيسي مجلس الشورى وديوان المحاسبة والمدعي العام المالي (في اعتباره رئيساً لصندوق التعاضد)، خصّص للبحث في هذه المطالب بغية تطويق ردّات الفعل، وسعياً الى ترتيب المخارج الممكنة تلافياً للوصول الى مرحلة تثير المخاوف حول بعض الإستحقاقات القضائية والإنتخابية.
مؤتمر «روما 2»
وفيما يغادر الحريري لبنان اليوم الى العاصمة الايطالية للمشاركة في أعمال مؤتمر «روما 2» المخصّص لدعم الجيش والمؤسسات الأمنية، سَبقه اليها أمس كل من قائد الجيش العماد جوزف عون والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم إضافة الى عدد من الضباط الكبار، وذلك تحضيراً لاجتماعات اليوم المقررة على مستوى اللجان المتخصصة، والتي ستبحث في مضمون التقرير الذي وضعته القيادة العسكرية وحَدّدت فيه حاجات الجيش والاجهزة الامنية الى مختلف أنواع أسلحته البرية والبحرية والجوية، وذلك تحت عنوان «الخطة الخمسية للأعوام 2018 - 2022».
وعلمت «الجمهورية» انّ الإتصالات التي جرت قبل المؤتمر أنجزت التحضيرات لسلسلة اجتماعات جانبية سيعقدها قائد الجيش مع قائد الجيوش الإيطالية الجنرال كلاوديو غراتسيانو، للبحث في القضايا التي تعني العلاقات بين الجيشين اللبناني والإيطالي والبرامج التي أعدّها الجيش الإيطالي لمساعدة لبنان في اكثر من مجال وقطاع، بالإضافة الى الإتصالات التي أجراها الجانب الإيطالي مع الدول المشاركة في المؤتمر لمساعدة الجيش والمؤسسات الأمنية. كذلك سيعقد قادة الأجهزة الأمنية لقاءات مع نظرائهم في بعض الدول المشاركة في المؤتمر.