ارشيف من :نقاط على الحروف

إستراتيجية بوتين... لروسيا قوية

إستراتيجية بوتين... لروسيا قوية

تجري الانتخابات الرئاسية الروسية يوم الأحد المقبل من دون مفاجآت منتظرة مع حصول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على نسبة تفوق السبعين بالمئة في استطلاعات الرأي. ويواجه بوتين في الانتخابات ثلاثة مرشحين، احدهم امرأة تدعى كزنيا سوبتشاك وهي ابنة رئيس بلدية سانت بطرسبرغ  السابق أناتولي سوبتشاك، الذي كان السبب الأول في صعود بوتين السياسي بعد انهيار الإتحاد السوفياتي السابق، بينما المرشح الثاني بافيل غرودينين، الذي يعدّ مقرباً من بوتين ويعتبر المرشح المخفي للحزب الشيوعي الروسي، وتعطيه إستطلاعات الرأي بين 5 الى 10 بالمئة، أما المرشح الثالث فهو فلاديمير جيرينوفسكي   المحسوب على اليمين القومي الروسي، وأيضا يعتبر من الوثيقي الصلة بالكرملين.
فلاديمير بوتين المرشح للمرة الرابعة لرئاسة الإتحاد الروسي بعد فاصل زمني بين أعوام 2008 و2012 عندما شغل منصب رئيس الوزراء في رئاسة فلاديمير ميدفيديف، لديه تأييد قوي في روسيا،  وكلما تصاعد التوتر بينه وبين الغرب  زاد هذا من شعبيته في روسيا، وبشعار رئيس قوي لبلد قوي يبقى بوتين رمز الإستقرار الأمني والإقتصادي في روسيا، ويختصر في سياسته شعور الروس بالفخر والقوة بعد سنوات يلتسين وحالة الضعف والإنهيار التي تعرضت لها روسيا  بين الأعوام 1990 و2000. وقد ارتفع الانتاج القومي الروسي بين أعوام 2000 و2006 ثلاث مرات في ولايتين لبوتين.
أيضا يختصر فلاديمير بوتين في أعين المواطن الروسي العادي قوة روسيا، فهو لم يتراجع أمام الغرب في كل الأزمات التي تعصف بالعلاقة بين موسكو والحلف الأطلسي، ضم مقاطعة القرم رغم التنديد الغربي، وهو لم يتراجع في اوكرانيا، ومستمر في دعمه لسوريا والرئيس السوري بشار الأسد، وأعاد للقوة العسكرية والسياسية الروسية نفوذاً افتقدته خلال الأعوام العشرين التي تلت إنهيار الإتحاد السوفياتي. وفي خطابه الأخير ظهر بوتين متحديا للغرب ولأمريكا بطريقة لم يسبق أن فعلها من قبل، وها هو الآن يدخل في مواجهة مع بريطانيا والغرب على خلفية الإتهامات البريطانية لروسيا وله شخصيا بالوقوف وراء عملية تسمم تعرض لها جاسوس روسي سابق لجأ الى لندن.
في الصراع بين بوتين والغرب تأتي القوة العسكرية الروسية المتصاعدة عالميا في الواجهة رغم عدم تركيز الإعلام الغربي حول هذه القدرات، لكن النفوذ الروسي مرتبط مباشرة بالقوة العسكرية وتطورها خصوصا في  سلاح الدفاع الجوي مع منظومات إس 300 وإس 400 فضلا عن منظومة الصواريخ الباليستية الحاملة للسلاح النووي.
في خطابه السنوي عن حالة الإتحاد الروسي والذي تم تغيير موعده بسبب الإنتخابات الرئاسية كشف بوتين عن جملة من الأسلحة الروسية الحديثة والفريدة من نوعها، وبعض تقنيات هذه الأسلحة كانت لزمن قريب نظريات وأحلاما تراود شركات صناعة الأسلحة حول العالم، منها الصاروخ الباليستي (سارمات) بمدى يفوق سبعة عشر ألف كلم وتقنيات تجعله مسيراً آلياً ويمكنه الدوران حول الأرض حتى تحديد هدفه وضربه في أي اتجاه كان. أيضا كشف بوتين عن صاروخ باليستي آخر بمحرك نووي ما يجعله يعمل طيلة وقت غير محدود، وقد تمت تجربة هذا الصاروخ بنجاح، أيضا كشف عن طائرة بدون طيار تعمل كغواصة  في نفس الوقت، بمحرك نووي، ويمكن لها التحرك بوقودها مسافة عشرة آلاف كلم وبسرعة كبيرة، ويمكن لها أن تحمل أسلحة متعددة تقليدية ونووية، وذكر بوتين لائحة طويلة من الأسلحة يطول تعدادها.
وهذه الأسلحة التي كشف عنها بوتين تدخل في صلب إستراتيجيته التي تعمل على إعادة روسيا الى مركز القرار الدولي عبر إظهار قوتها العسكرية والتقنية، وبالتالي قدرتها على الحفاظ على مصالحها ومصالح حلفائها حول العالم. إنها استراتيجية بوتين التي عمل عليها طيلة السنوات العشرين الماضية، والتي تؤتي ثمارها حول العالم..

2018-03-16