ارشيف من :آراء وتحليلات
إقالة تيلرسون للتصعيد أم للتهدئة؟.. ثلاثة مشاهد تلخص الوضع الأميركي البائس
ايهاب شوقي (كاتب عربي من مصر)
تيلرسون يقوم بالتصعيد مع الروس والسعي لتحالف مع بريطانيا ضد الروس في المنطقة، وتيلرسون لا يريد مفاوضات مع كوريا الشمالية الا بضمانات، وتيلرسون يرى أن إفشال الاتفاق النووي ليس لصالح أميركا.
ترامب مغلول اليدين ويريد التهدئة مع الروس ولا يملك خيارات في شبه الجزيرة الكورية سوى التهدئة.
ترامب لا يملك خيارات مع ايران ولكنه يريد ضمان تدفق الاستقطاعات والجزية الخليجية.
إنها ثلاثة مشاهد تلخص الوضع الأميركي البائس وتصب في صالح العجز الأميركي والميل للتهدئة لا التصعيد.
وها هنا بعض الشواهد المبنية على تحليلات من كبرى المراكز الأمريكية للدراسات:
المشهد الأول- روسيا:
يقول أندرس آسلند، في مقال له بموقع المجلس الأطلسي عن خيارات بوتين في فترته الجديدة، وفي ختام مقال طويل قوامه الهجوم الحاد على بوتن وعدوانيته ما يلي:
"وبالنظر إلى أن ركاب الكرملين يبدو أنهم يمتلكون أصولًا شخصية في شركات مجهولة في المملكة المتحدة والولايات المتحدة، فإن الرد الأكثر فعالية على العدوان الروسي هو إجبارهم على الكشف عن ممتلكاتهم من خلال حظر الشركات المجهولة الموجودة في العديد من البلدان الأوروبية. لا يسع المرء إلا أن يأمل في أن يدرك الغرب أخيراً ما يسعى إليه بوتين وينشئ دفاعه الخاص غير المتماثل".
دلالات المشهد
وهذا المشهد مع تحليلات وسياسات اخرى، آخرها إقالة تيلرسون لأنه تضامن مع بريطانيا علنا ضد روسيا، يلخص أن خيار ترامب هو التهدئة مع الروس لعجزه عن الخيارات التصعيدية.
المشهد الثاني – كوريا الشمالية
يقول تحليل لأكبر مركز دراسات أمريكي، وهو مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ما يلي:
"توجد نافذة صغيرة من الوقت كي يتجذر الحوار بين المناورات العسكرية بين الولايات المتحدة وجمهورية كوريا المقرر إجراؤها في ربيع وخريف عام 2018. وبناء على الزخم من قمة بين الكوريتين في أبريل، قد يرى الكوريون الشماليون مايو ويونيو الفرصة الوحيدة للحصول على محادثات مباشرة بين الولايات المتحدة وكوريا الديمقراطية بدأت قبل القيود المفروضة على التدريبات العسكرية".
واستطرد التحليل قائلا: "تريد إدارة ترامب أن تفكك كوريا الشمالية ترسانتها النووية وقد توافق حتى على إبرام معاهدة سلام في المقابل، ولكن حتى لو كان هناك مثل هذا الاتفاق، فكيف يمكننا التحقق من أن كوريا الشمالية ستفعل ما توافق عليه؟ إننا لا نعرف عدد الأسلحة النووية التي تعمل حاليا أو التي تكون فيها جميع منشآتها النووية، من ناحية أخرى، إذا فشلت المحادثات ولم يكن هناك أي اتفاق من أي نوع، فإن هناك مخاطرة كبيرة تتمثل في أن البيت الأبيض، بعد أن حاول التفاوض، يمكن أن يبتعد عن الاجتماع مقتنعًا بأنه يجب أن يحل القضية النووية بالوسائل الحركية. في الوقت الراهن، تحتاج إدارة ترامب إلى وضع استراتيجية تفاوضية شاملة وتعيين مفاوض بارع وفريق قوي مشترك بين الوكالات للتحضير للقمة".
دلالات المشهد
يتطابق هذا التحليل مع موقف تيلرسون بوجود ضمانات تفاوضية ومعارضته لترامب على قبول الاجتماع بالزعيم الكوري الشمالي، إلا أن تشكيل فريق جديد وتعيين وزير جديد للخارجية يؤكد أن ترامب لا يملك الوسائل ولا القدرة على انتزاع ضمانات، وأن التهدئة والتفاوض هو الخيار الوحيد أمامه قبل التعرض لموقف تصعيدي أثناء المناورات المقبلة واهدار المزيد من ماء الوجه الأمريكي.
المشهد الثالث- القضية الفلسطينية
كشف موقع ديبكا فايل الصهيوني، أنه، وفي يوم الأربعاء 14 مارس، قرر الرئيس دونالد ترامب إخراج خطة التسوية الفلسطينية الصهيونية من جدول أعماله المباشر.
وقال الموقع أنه لم يكن هناك إعلان رسمي، وقد أطلع ترامب مبعوثه الخاص للشرق الأوسط جيسون غرينبلات على القرار، وعندما سئل عن موعد قيام ترامب بإحياء خطة للتسوية، من قبل المسؤولين في الشرق الأوسط الذين كانوا يحضرون مؤتمرا في البيت الأبيض حول مشكلات قطاع غزة، أجاب جرينبلات: ليس قبل عام أو عامين.
دلالات المشهد
ليس لدى ترامب ما يقدمه من محاور للتسوية، وقد خرجت أمريكا من موقع الراعي الرسمي بعد الانحياز الفاضح والكامل والمعلن للكيان الصهيوني، ولم تعد وسيطا مقبولا، والأهم أنها لا تستطيع فرض التفية للقضية بالقوة، ولهذا ترجئ إلى أن تتغير موازين القوة الحالية، وعلى أمل تصفية مواطن القوة لدى المقاومة.
تأتي التعيينات الجديدة في أمريكا قبل زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى واشنطن ويراد لهذه التغييرات أن تظهر بمظهر القوة لا على حقيقتها وجوهرها وهو العجز.
لذلك تريد أمريكا التركيز على ايران وان الخلاف بين تيلرسون وترامب حول الملف النووي هو الأساس، وذلك للايحاء بأن أمريكا تمضي للتصعيد وبالتالي تمارس المزيد من ابتزاز أمراء وملوك الطوائف الخليجيين!
ان هذه التغييرات وهذا الارجاء للتسوية، هو دليل عجز وليس دليل قوة، وعلى المقاومة ومعسكرها الاستبشار بهذه الخطوة لا الانزعاج منها.
وعلى تابعي ترامب من العرب ان يكون ذلك لهم نذير شؤم، لا محل تفاؤل!.