ارشيف من :آراء وتحليلات

بين الحكومة واتحاد الشغل: تونس على أبواب أزمة حقيقية

 بين الحكومة واتحاد الشغل: تونس على أبواب أزمة حقيقية

تونس ـ روعة قاسم

تعيش تونس على وقع أزمة حقيقية قابلة للتطور بين الحكومة من جهة، والإتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية) من جهة أخرى، وهي أزمة يعرف التونسيون وحدهم إلى أين يمكن أن تؤدي بالبلاد. فالصدام بين الحكومات والإتحاد كثيرا ما انتهى بصدامات دموية واعتقالات ومحاكمات وعداوات وجراح، وخاصة أن الإتحاد يصنف لدى البعض على أنه دولة داخل الدولة أو أن له من القوة ما جعل البعض يشبهه بالمؤسسة العسكرية في بعض البلدان العربية التي يهيمن فيها الجيش على مفاصل البلاد.

ومرد الأزمة بين الحكومة التونسية واتحاد الشغل هو معارضة الأخير لعملية التفويت في بعض مؤسسات القطاع العام لمصلحة الخواص، أي خصخصة المنشآت العمومية التي كانت على الدوام مصدر فخر للتونسيين وعمادا للإقتصاد التونسي. حيث أعلنت الحكومة في وقت سابق عزمها التفويت في بعض المؤسسات العمومية التي باتت مكلفة على خزينة الدولة وترهق كاهل الميزانية بعد أن تراكمت خسائرها.

صندوق النقد الدولي

ويتهم الإتحاد العام التونسي للشغل حكومة بلاده بالإنصياع لإملاءات صندوق النقد الدولي الذي اشترط على تونس لمساعدتها اقتصاديا جملة من الشروط ومنها التفويت في المؤسسات العمومية إلى القطاع الخاص. هذا بالإضافة إلى شروط أخرى بعضها مجحف ولا يمكن تحقيقه ويمثل تدخلا سافرا بكل ما للكلمة من معنى في عادات التونسيين وتقاليدهم وقيمهم الأخلاقية والإجتماعية ومعاييرهم وأعرافهم التي شكلت شخصيتهم على مدى قرون.

بالمقابل تتهم أطراف عديدة الإتحاد العام التونسي للشغل على أنه المتسبب في حالة العجز التي وصلت إليها المؤسسات العمومية المزمع التفويت فيها للخواص وذلك من خلال كثرة الإضرابات التي دأبت عليها النقابات العمالية التي تنضوي تحته. وبالتالي ونتيجة لهذه الإضرابات وانعدام العمل طوال العام باتت هذه المؤسسات مكلفة على خزينة الدولة التي لم يعد باستطاعتها مجابهة عجزها  وتحمل نفقاتها.

وثيقة قرطاج

ويرى محللون بأن وثيقة قرطاج التي قامت على أساسها حكومة يوسف الشاهد بات استمرارها محل شك وأن عقدها بصدد الإنفراط. فالإتحاد العام التونسي للشغل هو أحد الموقعين على هذه الوثيقة التي هي بالأساس جملة من المبادئ اتفقت عليها أحزاب الإئتلاف الحكومي وكبرى المنظمات الوطنية لتكون المرجعية للعمل الحكومي.

وتجدر الإشارة إلى أن الأمين العام للإتحاد نور الدين الطبوبي عرّج في خطابه الأخير على وثيقة قرطاج وأكد أنها تتضمن ما يفرض على الدولة عدم التفويت في المؤسسات العمومية، ولو كان الأمر خلاف ذلك ما كان الإتحاد ليوقع على هذه الوثيقة. وقد خرجت من وثيقة قرطاج أحزاب سياسية عديدة ولم يبق فيها إلا البعض، ومع خروج الإتحاد تصبح بلا قيمة.

2018-03-27