ارشيف من :آراء وتحليلات

عندما يكتب محمد ابو عمرو لفلسطين بدمه : ’انا راجع’

عندما يكتب محمد ابو عمرو لفلسطين بدمه : ’انا راجع’

من تابع بالامس ردة فعل العدو الاسرائيلي الدموية وإجراءاته العنيفة، في اغلب مناطق فلسطين المحتلة وخاصة على الحدود الشرقية لقطاع غزة، والتي حصلت بمواجهة  فعاليات "يوم الارض" التي نظمتها الهيئة الوطنية العليا لمسيرة العودة، يستطيع ان يستنتج مستوى التوتر والخوف الذي يعيشه هذا العدو على خلفية تلك الفعاليات.

لم تكن درجة الجهوزية الامنية والعسكرية والسياسية في كيان العدو بالامس مختلفة كثيرا عن تلك التي تواكب اجراءاته في المعارك والحروب العسكرية، فالجيش كان بكامل وحداته واسلحته الجوية والبرية والبحرية مستنفرا، والاجهزة الامنية ووحدات امن وحماية الجبهة الداخلية ايضا، كانت في اعلى مستوى جهوزيتها، والحصيلة كانت 15 شهيدا و اكثر من 1200 جريحا من الفلسطينيين العزل، سقطوا بنيران رصاص وقذائف حية، أُطلِقَت على اجسادهم مباشرة، جريمتهم الوحيدة ان حناجرهم كانت تصرخ بوجه العدو مطالبة بحق العودة.  

إذا كانت ردة فعل العدو العنيفة هذه بمواجهة صرخات الاطفال والفتيان والنساء والرجال المتجمهرين سلميا، وامام خيم تبعد عن الشريط الشائك الفاصل مئات الامتار، فكيف ستكون ردة فعل هذا العدو فيما لو امتلك هؤلاء بعض الاسلحة الفردية او بعض القنابل اليدوية والعبوات الناسفة المحلية الصنع ؟؟
من يرتعد من صراخ الاطفال ويتوتر من نداء الفتيان والنساء، كيف سيواجه سلاح الشبان وصواريخ الرجال؟

عندما يكتب محمد ابو عمرو لفلسطين بدمه : ’انا راجع’

من فعاليات "يوم الأرض" في فلسطين المحتلة

من يتشنج ويستنفر من منظر بعض الخيم التي تقي الشمس والمطر، كيف سيتصرف بمواجهة الانفاق والخنادق والملاجىء والمراكز المحصنة ؟
من يفقد صوابه واعصابه من منحوتة للفنان التشكيلي محمد ابو عمرو عنوانها "انا راجع"، كان قد حفرها بابتسامة ثقة قبل ان يستشهد برصاصة غدر وتوتر وخوف، لن يكون له افق بان يستمر محتلا لارض فلسطين مهما طال الزمن.

مشكلة هذا العدو الحقيقية ليست بمواجهة اصحاب الوجوه الذابلة الضعيفة المرتهنة المعروفة، مشكلة هذا العدو هي بمواجهة اصحاب هذه الحناجر القوية والصرخات المدوية، و مع هذه الاصوات الجارحة، لن يستطيع احد ان يضمن او يمرر او يرعى صفقة القرن او غيرها من الصفقات، لان صدى هذه الاصوات التي نمت مع اصوات جنازير دبابات العدو، و كبرت على اصوات انفجارات قذائفه، وامتلكت الحانها المُزَمجِرة مع رائحة بارود صواريخه  وأزيز طائراته، سيبقى صادحا، جارحا، مقلقا وقويا.

طبعا سيكون هذا العدو متوترا ومتشنجا، لان مدى صرخة اطفال فلسطين ستبقى ابعد بكثير من مدى صواريخه الاستراتيجية، لان صرختهم الصادقة النابعة من القلب، تصل الى ما وراء الغلاف الجوي، تتجاوز عدالة الارض الناقصة الى عدالة السماء الكاملة.

مثلما ستبقى صرخة شهداء ومصابي الامس في يوم الارض، عنوانا للكرامة العربية الضائعة في سراديب المصالح والتسويات المذلة، ستبقى ايضا هذه الصرخة وصمة عار على جبين كل الاشقاء والاخوة الصامتين عن حق ابناء فلسطين المهدور امام اعينهم.

ومثلما ستبقى ذكرى ضحايا اسوار المخيمات والقطاعات التي فرضها الاحتلال متسلحا بتواطوء الكثيرين من الاخوة الاعداء، علامة فارقة في تاريخ مسيرة عودة مقاومين، لا يملكون من اسلحة المقاومة الا حناجرهم  واللحم الحي، ستبقى ذكرى اصوات هذه الحناجر جرس انذار لعدو لن يكون مصيره الا الزوال.

2018-03-31