ارشيف من :نقاط على الحروف
دائرة الشمال الثانية: ’المستقبل’ قلق لأن النتائج لن تكون لصالحه
حسن سلامة
من المتوقع ان تشهد دائرة الشمال الثانية، أي طرابلس المنية الضنية، اشدّ المعارك الحامية، حتى اكثر من غيرها من الدوائر، لاعتبارات عديدة لعل ابرزها صراع ثمانية لوائح لمحاولة كل منها حصدّ اكبر قدر ممكن من المقاعد الـ11، لما تمثله عاصمة الشمال من موقع ودور على مستوى الطائفة السنية وعلى المستوى الوطني.
ليس بعيدا عن هذه الاعتبارات، يتصرف تيار المستقبل على مستوى السعي للحصول على عدد من المقاعد بعكس ما حصده في انتخابات العام 2009، كما هي ايضا محاولاته في باقي الدوائر التي له فيها لوائح، وكل ذلك دفع المستقبل ورئيسه سعد الحريري لاستخدام كل انواع التجييش الطائفي والسياسي من خلال العودة الى شعارات وخطابات ثبت سقوطها، كالضرب على الوتر المذهبي كما فعل الحريري في الساعات الماضية في احد خطاباته التحريضية على مستوى دائرة بيروت الثانية، وصولا الى اطلاق توصيفات تخطاها الزمن بما يتعلق بالدولة السورية ونظامها وما يطلقون عليه زمن الوصاية، في حين ان ذاكرة اللبنانين لن تنسى من الذي استفاد مما يسمونه وصاية وحتى كيف بقي الحريري الابن لمدة يومين في ضيافة الرئيس السوري بشار الاسد عندما كانت علاقات دمشق على احسن مايرام مع السعودية، ويومها لو اُعطي الحريري بعض الامتيازات في لبنان كما حصل مع والده لكان اليوم الرجل الاول لما يعتبرونه وصاية.
لذلك، ما هي الاعتبارات التي تدفع الحريري وتياره للعودة الى كل انواع الشعارات المذهبية التي تخطاها الزمن او تلك الشعارات التي تخطتها احداث لبنان والمنطقة؟
وفق مصادر معنية بمعركة طرابلس فما يدفع الحريري الى هذا التصعيد المتعدد الاوجه خشيته من حصول مفاجآت كبرى غير متوقعة على مستوى النتائج في هذه الدائرة كما في غيرها من الدوائر الأخرى، انطلاقا من جملة معطيات تقلق المستقبل ومن يدعمه في الخارج وهي:
أولا- يحاول المستقبل المزايدة على الذين يحاولون بناء زعاماتهم على ارضاء السعودية على أمل حصول كل هؤلاء على رشاوى من الرياض لخوض معاركهم الانتخابية ،على غرار ليس ما يقوم به فقط من انقلبوا على المستقبل بل من يتولى قيادة المستقبل اليوم .بعد ان طلبت السعودية وولي عهدها محمد بن سلمان من كل هؤلاء قيادة حملة طائفية ومذهبية ضد حزب الله وسوريا وكل قوى المقاومة لبنانيا واقليميا .
ثانيا- يدرك الحريري وحزبه ان ما حصده من مقاعد في دائرة الشمال الثانية وغيرها من الدوائر بدءا من دائرة بيروت الثانية الى صيدا والبقاع الغربي في انتخابات عام 2009، لم يعد ممكنا تكرارها، ليس فقط لطبيعة قانون الانتخابات القائم على النسبية، بل لأن المستقبل تعرّض لانتكاسة ليست بسيطة على المستوى الشعبي، حتى من جانب الذين يحاول استمالتهم للتصويت للائحته بشعارات مذهبية وطائفية ومحاولة تخويف الرأي العام السني من فوز اللوائح المنافسة وهذا الامر بدا واضحا في كلام الشيخ سالم الرافعي بعد زيارته للرئيس نجيب ميقاتي قبل بضعة أيام.
ثالثا- ان وجود سبعة لوائح منافسة في دائرة طرابلس المنية الضنية للائحة المستقبل كما هو الحال في بيروت الثانية وغيرهما من دوائر، يعبّر عن مدى تململ واعتراض نسبة كبيرة من ابناء الشمال وكل المناطق التي كانت تعتبر الحاضنة الاساسية لمناصري المستقبل، حيث تشير كل المعطيات الى ان ابناء الشمال مستاؤون من أداء المستقبل خلال وجوده على رأس الحكومة لأكثر من عشرين سنة، فهو لم يقدم لطرابلس والشمال الحد الادنى من مقومات الحياة الضرورية لأبناء الشمال.
ولذلك تقول المصادر ان معظم اللوائح المنافسة ستأكل من رصيد المستقبل الشعبي وهو ما يعني انه بالكاد يحصل على نسبة متواضعة من المقاعد في دائرة الشمال الثانية، فكل ابناء الشمال على اطلاع كامل بأن المستقبل رغم ما صرفه من مال سياسي ضخم في انتخابات العام 2009 والتحالفات التي كانت مختلفة عن اليوم، أعطت خصومه نسبة عالية من الاصوات، فالرئيس الراحل عمر كرامي حصل في حينها على اكثر من 30 الف صوت، في حين حصل الرئيس نجيب ميقاتي يومها على أعلى نسبة من الاصوات، والنسبة تقريبا حصلت في انتخابات دائرة الضنية المنية التي كانت في الانتخابات السابقة دائرة منفصلة عن طرابلس.
وعلى هذا الاساس تشير المصادر الى ان المستقبل قلق فعلا ليس فقط من نتائج انتخابات دائرة الشمال الثانية، بل من نتائج الانتخابات في كل الدوائر التي له فيها لوائح او مرشحين، ما يرجح تراجع عدد اعضاء كتلة المستقبل في انتخابات السادس من ايار بعدد اكبر بكثير مما يتوقعه المستقبل والقيمين عليه.