ارشيف من :آراء وتحليلات

نواكشوط تستشعر من بعيد ’هزيمة الفتنة’

نواكشوط تستشعر من بعيد ’هزيمة الفتنة’

لا صوت يعلو حاليا فوق صوت السكوت المطبق في ميادين الربيع العربي المزعوم وسوحه التي أفسحت للجماهير العربية في غفلة من تاريخها، ولا  روح  تسكّن  حاليا تلك الجوارح غير روح الهزيمة المرة التي يتجرع مناصرو هذه المؤامرة طعمها اليوم بكل ألم وحزن ممضَّين.

لقد أصابت شظايا الفشل والإفلاس الذي لحق بهذا الربيع الموعود ادعياءه في موريتانيا احزابا وحركات وقطاعات عريضة من الدهماء ممن ناصروا هذا المشروع بالباطل، ووقفوا الى جانبه بالكلمات وبالصور والشعارات وبالتظاهر والاحتجاج والسب والتشويه وتصدوا لكل من وقف في وجههم ومن حملوه إفشال مخططهم، وفي مقدمة ذلك كله محور المقاومة ممثلا في الجمهورية الإسلامية الإيرانية وحزب بالله والجمهورية العربية السورية..

 لقد استعملوا كل شيء مباح وغير مباح يقع تحت يدهم من تكفير ومن تخوين وتهويل ومن توظيف للمساجد والجمعات واسقاط الوقائع والاحداث كل ذلك لاجل دغدغة مشاعر البسطاء وسرقة وعيهم لا اكثر.

قبل السنوات السبع المنقضية ما كان احد يتجرأ على التصدي للطوفان الهادر أو الإعصار المدمر الذي سموه مجازا بالربيع العربي الذي أحرق ودمر وشوه الأرض والبشر والحجر ولطخ صورة الدين الإسلامي، وتقاليد المجتمعات العربية الإسلامية وما تميزت به عبر تاريخها الحضاري الأصيل من مدنية وتحضّر.. كما عبثوا وأساؤوا ايضا الى كل شيء جميل في امة علّمت البشرية قيم التعايش والسماحة وقادتها الى مكارم الأخلاق قرونا طويلة من تاريخنا.

اليوم يخيم السكون على تلك المنابر ويعمّ الصمت المطبق مساجد ومنارات ومراكز دينية وعلمية وتربوية  في موريتانيا التي اجتاحتها تلك الجائحة على غرار عواصم وامصار عربية وعالمية بفعل الضخ الاعلامي  والتوظيف السياسي والحركي حيث كان الجميع ضحية لثلة من الغوغائيين ادعياء الثورة والدمقرطة والاسلمة ..

اليوم يلوذ أصحاب وزعماء تلك الحقبة هاربين متخفين إلى المجهول ناسين ان فتاويهم الدموية التكفيرية كانت وقودا لحماس الشباب وكانت فتنة ألهبت مشاعر بسطاء الناس وشوهت وعي الجيل المتعطش للدين الإسلامي الحقيقي وليس النسخة الأمريكية المسمومة والمشوهة لرسالة الإسلام.

 لقد تيقن هؤلاء المشايخ ومن يقف وراءهم ان مشاريعهم أحبطت وان أحلامهم سقطت وأن فقاعاتهم ذبلت على الأرض وكانت كل خطبهم التحريضية وجنانهم الموعودة في سوريا والعراق مجرد هواء في هواء وهراء في هراء..

ويأتي سقوط آخر رهان لهم في الغوطة الشرقية لدمشق وقبلها حلب والقصير ليزيد الطين بلة ويعمق الجرح في ظل المعطيات على الأرض والهزائم المتتالية لفصائلهم المستسلمة.

اليوم بعد ان سكتت هذه المنابر وأصابها ما أصابها من خور وضعف ويأس نتيجة الانتصارات التي حققها محور المقاومة في العراق وسوريا وبعد أن تراجع المدد الشعبي وتضاءل الترهيب الفكري وتوارى الى الخلف دعاة الفتنة والتحريض وتجار التأجيج المذهبي عادت للناس عقولها المختطفة واستعادت الساحة الثقافية عافيتها وألقها المعهود.

وها هو الشارع الموريتاني يعود إلى صوابه ويؤوب إلى رشده القديم ليكتشف حقيقة ما حدث ويحدث هناك من تخريب ليعرف بحسه وحدسه أن هدفه الأول والأخير هو تدمير كل جيش يعادي العدو الصهيوني وكل اقتصاد مقاوم قادر على مواجهة الغطرسة الأمريكية وكل وعي ناضج غير معتلٍّ، وكل تفكير حر ومستقل غير قابل للسير خلف سراب التطبيع مع العدو الغاصب لفلسطين.

فهنيئا لابطال الامة وقادتها العظماء الذين قاوموا هذا المشروع بكل بسالة وايمان ورباطة جأش. شكرا لهم حين أنقذوا هذه الأوطان وتصدوا للمؤامرة، وهنئيا لكل السواعد التي حققت هذا النصر العظيم، والرحمة لكل الشهداء الذين سقوا بدمائهم الزكية هذا الطريق الذي قاد إلى النصر الأكيد...

2018-04-05