ارشيف من :أخبار لبنانية

تهديدات عسكرية غربية لدمشق.. والملف السوري يطغى على الشأن المحلي

تهديدات عسكرية غربية لدمشق.. والملف السوري يطغى على الشأن المحلي

طغت التطورات الاقليمية الاخيرة المتعلقة بسوريا على الملفات المحلية، لا سيما بعد التهديدات الأمريكية والغربية بتوجيه ضربة عسكرية لدمشق على خلفية مزاعم استخدام الكيماوي في دوما.
وشهدت جلسة مجلس الأمن ليل الثلاثاء الاربعاء صراعا روسيا غربيا في تبادل اسقاط القرارات المتعلقة بسوريا.

 

"الأخبار": «طيور الأطلسي» فوق بلاد الشام
رأت "الأخبار" ان الأجواء الاعلامية والسياسية تعيدنا إلى مشهد مشابه لأواخر شهر آب من العام 2013. حينها كان «كيميائي الغوطة» أيضاً حدثاً أول، وخلفه تحشيد غربي ــــ عربي طلباً لتحليق «طيور الموت» فوق سوريا. مرّت أيام في انتظار أن يبصر الاعتداء الأميركي النور، وكان القرار مرتبطاً بمجموعة عوامل وعراقيل جعلت صاحب القرار (باراك أوباما) يستخدم «سلّم» نظيره فلاديمير بوتين عبر «اتفاق نزع السلاح الكيميائي السوري». تأخّر الضربة ــــ التي لم تحصل ــــ ارتبط أيضاً بنتائج سلبية متوقعة للفعل، رغم أن الصخب الميداني المضاد في ذلك الوقت كان إيرانياً ــــ سورياً، فيما شغّلت روسيا من بعيد دبلوماسيتها لمنع التدحرج الكارثي.

وتابعت الصحيفة.. اليوم، بعد أقل من 5 سنوات، تعود واشنطن وخلفها الحلف نفسه الى الاستعدادات والجاهزية العسكرية وكأنّ الحرب على الأبواب. بين هاتين المحطتين، حدث فالق كبير في ميزان القوى على الساحة السورية: روسيا حضرت بكل ما في جعبتها من قدرة عسكرية، إيران ازداد حضورها ونفوذها إلى جانب حزب الله، أما دمشق فبسطت سيطرة ميدانية شبه مطلقة أفرزتها انتصارات استراتيجية في كل من حلب ودير الزور، والأهمّ في المرحلة الأخيرة، الغوطة ومحيط العاصمة.
في مثل هذه الأجواء أيضاً، استهدفت مدمّرتان أميركيتان يوم 7 نيسان 2017 مطار الشعيرات العسكري بـ 59 صاروخاً من طراز «توماهوك»، رداً على «هجوم كيميائي» في خان شيخون حمّلت مسؤوليته للجيش السوري. الهجوم الأميركي لم يكن بمستوى يستدعي ردّاً، وأمكن هضمه من محور دمشق، خاصة مع ابلاغ واشنطن لموسكو بتوقيت الضربة.
اليوم، نحن أمام واقع مختلف في الشكل، إذ إن الإدارة الأميركية أمام اختبار لا تستطيع أن تكون رسائله أقلّ صخباً من ضربة السنة السابقة، لكن ما هو الاعتداء الذي لا يستدعي رداً، من سوريا وحلفائها، خصوصاً من روسيا التي أخذت على عاتقها في العلن حماية «النظام السوري» ومكتسبات جيشه؟ من هنا يمكن فهم «التراجع» الذي ظهّره الرئيس إيمانويل ماكرون مساء أمس عندما حدد أن أي ضربات محتملة «ستستهدف قدرات الأسلحة الكيميائية لدى دمشق».
إذاً، وصلت واشنطن في تصريحاتها وجهوزيتها المعلنة إلى مستوى اتخاذ قرار الضربة، لكن يبقى الاعتداء بمستواه، واليوم الذي يليه، هو المحك الذي على أساسه تُبنى التقديرات.

تحضيرات المسرح
شغلت التحركات العسكرية الأميركية والروسية في منطقة الشرق الأوسط وحوض البحر الأبيض المتوسط، الجميع أمس، وسط ترقّب لنتيجة المواجهة الروسية ــــ الغربية في مجلس الأمن. وتوالت الأخبار عن حشد الأميركيين لعدد من المدمرات البحرية في المتوسط، وسط استنفار عسكري للقوات الروسية العاملة في سوريا كما للوحدات البحرية في البحر الأسود. هذا التوتر تُوّج في ساعات المساء، بفشل ــــ متوقع ــــ لأي توافق في مجلس الأمن، على مشروعي قرارين، روسي وأميركي، يتضمنان تشكيل آلية تحقيق مستقلة في استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا، تتبع للأمم المتحدة. الجلسة التي بدأت بلقاء تخللته ضحكات بين مندوبي الولايات المتحدة وروسيا، انتهت برفض مشروع القرار الأميركي بفيتو روسي، هو الثاني عشر على التوالي في الشأن السوري، والسادس في ما يخص التحقيقات حول استخدام الأسلحة الكيميائية. بدوره، لم يتمكن المشروع الروسي من تحصيل الأصوات المطلوبة لإقراره، إذ وافق عليه 6 أعضاء وعارضه 7 آخرون.
تصميم سنان عيسى | للصورة المكبّرة انقر هنا

الاجتماع الذي أعلن فشله قبل انعقاده تضمّن ــــ كالعادة ــــ اتهامات متبادلة بين روسيا والدول الغربية. وتوّلت المندوبة البريطانية مهمة التصعيد تجاه المندوب الروسي، لتقول في إحدى جمل خطابها، إن «كارل ماركس يتقلّب في قبره اليوم... لأن البلد الذي تأسس على أفكاره أصبح يدعم ارتكاب جرائم في سوريا». وخصص الوفدان الروسي والأميركي حيّزاً واسعاً من بيانيهما، لتبيان الفروقات في المشروعين المقدّمين، إذ أصرّت المندوبة الأميركية، نيكي هيلي، على أن بلادها وحلفاءها، عملت لأسابيع على مراعاة المطالب الروسية بخصوص إنشاء آلية التحقيق المستقلة الأممية، ولكن روسيا دفعت بقرار «مفاجئ» إلى التصويت. بدوره أكد المندوب الروسي فاسيلي نيبينزيا أن المشروع الذي طرحته واشنطن لا يراعي التعديلات التي طالبت بها بلاده، وأهمها مراعاة «التمثيل الجغرافي العادل». واعتبر أن طرح المشروع برغم اعتراض موسكو المسبق على صيغته، يشير بوضوح إلى أن الدول الغربية «لا تريد الحقيقة، بل تبحث عن ذريعة» لتبرير عمل عسكري ضد الحكومة السورية. ليذهب إلى القول إنه «إذا اتخذتم القرار بهذه المغامرة العسكرية... سوف تتحملون تبعات ما تفعلون». وكان لافتاً أن المندوبة الأميركية، رغم ما ساقته من اتهامات لروسيا بتقويض عمل المجلس و«حماية نظام (الرئيس بشار) الأسد»، لم تكرّر صراحة تهديد بلادها بالتحرك العسكري برغم كل الإشارات التي تشير إلى مثل تلك التحضيرات من الجانب الأميركي وحلفائه.


"الجمهورية": سوريا تحجب أضواء الإنتخابات

من جهتها أشارت "الجمهورية" إلى ان التطوّرات الدولية في شأن الأزمة السورية تصدّرت واجهة الأحداث السياسية، في ظلّ تصعيد اميركي وبريطاني وفرنسي ضد روسيا، وتصعيد أميركي غير مسبوق ضد سوريا ترافَقَ مع بدء الرئيس الأميركي دونالد ترامب وفريقه للأمن القومي دراسة سيناريوهات ضربةٍ عسكرية محتملة فيها، بعد اتّهامها باستخدام الأسلحة الكيمياوية في «دوما»، وهو اتّهام ردّت عليه دمشق بتوجيه دعوة رسمية لمنظمة حظر الأسلحة الكيمياوية الى التحقيق في هذا الاستخدام.

وحملت الساعات الماضية جملة معطيات تؤشر إلى خطورة الوضع واقترابه من العمل العسكري، ولعلّ أبرزها:

• إلغاء ترامب جولته على أميركا اللاتينية، وذلك بغية الإشراف على الضربة الأميركية في سوريا ومتابعة التطوّرات حول العالم، على حدّ ما أعلنت المتحدثة باسمِ الرئاسة الاميركية سارة ساندرز، في وقتٍ ذكر مسؤول أميركي أنّ ترامب «يَعقد اجتماعات مكثّفة، وأنّ القرار في شأن الرد على هجوم «دوما» قد يتّخَذ في أيّ لحظة».

• إعلان رئاسة الوزراء البريطانية في بيان أنّ ترامب والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي اتفقوا على أنّ المجتمع الدولي «عليه الرد من أجل منعِ استخدام الأسلحة الكيمياوية حول العالم». وقال بيان للبيت الأبيض إنّ ترامب وماي «لن يَسمحا» بمواصلة الهجمات الكيمياوية في سوريا.

• الحرب الديبلوماسية في مجلس الأمن بين روسيا والولايات المتحدة بعد مطالبة واشنطن التصويتَ على مشروع قرار لتشكيل لجنة تحقيق لتحديد المسؤول عن الهجمات الكيماوية في «دوما»، الأمر الذي ترفضه موسكو التي أبلغت إلى مجلس الأمن أنّها ستطرح مسوّدتَي قرارَين في شأن سوريا للتصويت، لأنّها لا تتفق مع النص الأميركي.

• إعلان صحيفة Stars and Stripes الأميركية، أنّ مجموعة ضاربة من الأسطول الحربي الأميركي، وعلى رأسها حاملة الطائرات «هاري ترومان»، تتّجه إلى البحر الأبيض المتوسط. وأوضَحت هذه الصحيفة أنّ المجموعة الضاربة ستنطلق اليوم من قاعدة «نورفولك» البحرية (بولاية فرجينيا) في اتّجاه أوروبا والشرق الأوسط.

• إعلان صحيفة «وول ستريت جورنال» أنّ مدمّرة أميركية أُخرى قد تدخل البحر المتوسط في الأيام القريبة المقبلة، وذلك بالإضافة إلى المدمّرة «USS Donald Cook» الموجودة حالياً فيه. ونَقلت هذه الصحيفة عن مسؤولين أميركيين في مجال الدفاع قولهم: «توجد شرق البحرِ المتوسط مدمّرة «USS Donald Cook» الصاروخية، ويمكنها المشاركة في أيّ ضربة على سوريا. ومن المفروض أن تصل مدمّرة «USS Porter» إلى هذه المنطقة بعد أيام عدة».

من جهتها نَقلت صحيفة «Washington Examiner» عن مصدر في البنتاغون أنّ المدمّرة «USS Donald Cook» غادرت الاثنين ميناء قبرص وأبحرَت في اتجاه سوريا، مشيرةً إلى أنّ السفينة مزوّدة 60 صاروخاً مجنّحاً من طراز «توماهوك».

• إعلان مبعوث الرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف، عن استدعاء سفير إسرائيل في موسكو غاري كورين إلى مقرّ وزارة الخارجية للبحث في الأوضاع المتدهورة في الشرق الأوسط. وقال بوغدانوف إنه سيُجري محادثات مع كورين، وأضاف: «نحن دعوناه فقط للحديث عن سوريا. الوضع هناك متحرّك ويتطوّر سريعاً».

• إستمرار تهديدات إسرائيل ضد إيران، حيث جدّد وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان التأكيد أنّها «لن تسمح لإيران بترسيخ أقدامها في سوريا، مهما بلغَ الثمن، ولا يوجد لنا خيار آخر». وقال خلال زيارته قاعدةً عسكرية في الجولان السوري المحتلّ: «قبولنا ببقاء الايرانيين هناك كالقبول بالسماح لهم بشَدِّ الخناق حول رقابنا». وأكّد أنه لا يَعرف من قصَف القاعدة الجوّية السورية «تي فور».


"البناء": الانتهاكات الإسرائيلية برسم الحكومة

بدورها قالت صحيفة "البناء" أن عطلة عيد الفصح للطوائف التي تتبع التقويم الشرقي لم تَحُل دون دخول عناصر توتر وتصعيد إضافية الى المشهدين الداخلي والإقليمي وسط ارتفاع الحماوة الانتخابية وحدّة الانقسام السياسي في لبنان على مسافة ثلاثة أسابيع من موعد الاستحقاق الانتخابي المقرّر في 6 أيار المقبل.

أما المعطى البارز الذي سُجِل خلال اليومين الماضيين هو استخدام العدو الإسرائيلي المتكرر للأجواء اللبنانية واتخاذها منصة لاستهداف سورية بغارات جوية على مطار «التيفور» في حمص، وما يحمله ذلك من مخاطر اندلاع حرب في المنطقة لن يبقى لبنان بمنأى عنها، كما أشارت صحيفة «الديلي بيست» الأميركية، التي تحدثت عن احتمال امتداد ما أسمته الصراع الإيراني «الإسرائيلي» إلى لبنان.

انتهاك السيادة اللبنانية برسم حكومة الرئيس سعد الحريري ويضعها مجدداً أمام تحدّي ردع هذا العدوان وعدم الاكتفاء ببيانات الإدانة ورفع شكوى الى مجلس الامن الدولي؟ ويضعها أيضاً أمام تساؤلات حول جدوى مؤتمر «روما» لدعم الجيش والقوى الأمنية إن لم يُزوّد الجيش بمنظومة صواريخ قادرة على حماية لبنان من الاعتداءات الجوية والبرية الإسرائيلية في ظل مواصلة جيش الاحتلال أعمال بناء الجدار الفاصل على الحدود مع فلسطين المحتلة؟ كما تزيد التساؤلات عن موعد وآلية تسليم المساعدات العسكرية الخارجية والشروط السياسية والعسكرية والمالية التي التزم بها رئيس الحكومة وفريقه السياسي؟ وهل ستكون نتائج مؤتمري «باريس» و»بروكسل» شبيهة بنتائج مؤتمر «روما»؟ والى متى ستبقى الدولة اللبنانية رهينة «الفيتو» الأميركي على حصول لبنان على سلاح متطوّر من روسيا وايران ودول أخرى؟ والى متى سيبقى لبنان خاضعاً للإرادة الأميركية السعودية بملف النازحين السوريين؟ وما حقيقة استيعاب النازحين في سوق العمل في لبنان في ظل حديث الحريري عن 900 ألف فرصة عمل؟ كما أن تمادي العدو الصهيوني في انتهاك السيادة اللبنانية يضع «السياديين» في 14 آذار أمام إحراج كبير في ظل صمتهم المريب أمام كل عدوان «إسرائيلي» في مقابل تماهيهم مع الخارج في المطالبة بالاستراتيجية الدفاعية من باب نزع سلاح المقاومة الذي يبقى إلى جانب الجيش والشعب معادلة الردع الوحيدة لـ»إسرائيل» ولحماية لبنان حتى إشعار آخر.

واستبعدت مصادر مطلعة لـ»البناء» إقدام «إسرائيل» على شنّ حرب عسكرية على لبنان، واضعة اقتراب جيش الاحتلال من النقاط المتنازع عليها على الخط الأزرق في خانة استفزاز لبنان والحرب النفسية لا سيما تزامنها مع تهديدات رئيس الأركان بشنّ حرب على لبنان، موضحة أن هذه التهديدات مرتبطة بتطورات المشهد العسكري في سورية الذي يتّجه الى وضع جديد يهدد الأمن القومي الإسرائيلي». وجدّدت المصادر التأكيد بـ»أن الجيش اللبناني على جهوزية تامة بدعم شعبي وسياسي رسمي جامع للردّ على أي عدوان إسرائيلي وأن المقاومة لن تتردد بالدخول لمساندة الجيش في أي لحظة إذا رأت ذلك مناسباً».

ودعت المصادر الدولة الى ردع هذه الاعتداءات المتكرّرة بكافة الوسائل الدبلوماسية والعسكرية المتاحة.

2018-04-11